كنوز نت - القدس
إجراء جديد يحظر تمامًا التخطيط الخاص للفلسطينيين في شرقي القدس.
في عام 2023، تم تسجيل تراجع غير مسبوق في التخطيط في شرقي القدس، مع عدم إخضاع أي خطط على الإطلاق للمناقشة في الإجراءات التخطيطية.
"من مائة إلى صفر" هو تقرير جديد صادر عن منظمتَي "بمكوم - تخطيط وحقوق الإنسان" و"عير عميم" حول الأزمة التخطيطية في شرقي القدس، يكشف عن التراجع الدراماتيكي في قدرة الفلسطينيين على الدفع باتجاه تبني خطط خاصة، وذلك إثر دخول إجراء تخطيط جديد حيّز التنفيذ في بداية عام 2023، يهدف إلى تنظيم التخطيط على الأراضي غير المسجّلة وغير المنظّمة. لقد أدّى الإجراء الجديد، الذي جاء ليحل محل "إجراء المختار" والذي كان يتيح للفلسطينيين في شرقي القدس الدفع قدمًا بمشاريع بناء خاصة على أراضٍ غير مسجّلة وغير منظّمة، إلى توقف تام للتخطيط على هذا النوع من الأراضي، التي تشكل غالبية الأراضي في شرقي القدس.
من مائة إلى صفر مخططات في السنة
ووفقًا لمعطيات التقرير، فإنه لم تتم المصادقة في العام الأخير على أي خطة خاصة على أراضٍ غير منظّمة، وهو معطى غير مسبوق بعد سنوات من الدفع قدمًا بما يقارب 100 خطة سنويًا في المتوسط. حتى عام 2023، كان بإمكان الفلسطينيين في شرقي القدس الدفع قدمًا بتخطيط خاص من خلال "إجراء المختار". أتاح هذا الإجراء مرونة في تحديد أصحاب العلاقة بالأراضي، وأثبتت ضرورته من خلال الدفع قدمًا بمئات الخطط خلال العقود الأخيرة. وعلى الرغم من العدد الكبير لهذه الخطط، إلا أن كل واحدة منها تضمنت عددًا صغيرًا من الوحدات السكنية، ولذلك لم تكن كافية لتلبية الاحتياجات. ولكن بدلًا من تحسين الوضع، تم إغلاق الإمكانية الوحيدة التي كانت متاحة.
متطلبات لا تتيح التخطيط بالمطلق
ويوضح التقرير كيف أن تطبيق الإجراء الجديد، الذي ألغى فعليًا "إجراء المختار"، قد صعّب بشكل كبير على أصحاب الأراضي إثبات العلاقة المطلوبة بأراضيهم. يفرض الإجراء الجديد سلسلة من المتطلبات المستحيلة التي تمنع فعليًا التخطيط في الأحياء الفلسطينية. فعلى سبيل المثال، يُطلب إلى الساعين للموافقة على مخططاتهم تقديم مستندات جديدة لأول مرة، مثل شهادات ضريبة الأملاك الأردنية من ستينيات القرن الماضي وسلسلة حقوق تاريخية، وهي متطلبات تُطلب عادةً في إطار تسوية الأراضي وليس التخطيط. علاوة على ذلك، تم تعريف مسؤول التسوية كجهة حاسمة ذات حق النقض (الفيتو) في عملية التخطيط، وهو إجراء يتضمن تدخل الوصي على أملاك الغائبين، مما قد يؤدي ليس فقط إلى إفشال التخطيط، بل أيضًا إلى مصادرة أراضٍ فلسطينية.
إخضاع التخطيط لتسوية الأراضي
يعرض التقرير كيف أن دولة إسرائيل جددت إجراءات تسوية الأراضي في شرقي القدس عام 2018، بشكل أحادي الجانب ومثير للجدل. حتى الآن، اكتمل هذا الإجراء على مساحة إجمالية تبلغ حوالي 7,500 دونم (ما يعادل نحو 10% من مساحة شرقي القدس). معظم هذه الأراضي التي اكتمل فيها الإجراء تخدم مصالح الدولة و/أو مشروع الاستيطان. ويؤكد التقرير أن تسرب إجراءات تسوية الأراضي إلى عملية التخطيط أمر غير قانوني وغير معقول. إن إخضاع التخطيط لإجراءات التسوية يشكل فعليًا عقبة على نطاق لم يكن معروفًا من قبل، مما يشلّ عملية التخطيط تمامًا.
تحطيم القدرة على جَسر الفوارق التخطيطية
تعني تطبيقات إجراء التخطيط الجديد تقويض الجهود الرامية إلى تقليص فجوات الإسكان للفلسطينيين في شرقي القدس. ففي الوقت الذي حددت فيه حكومة إسرائيل، في قرار صدر في آب / أغسطس 2023، هدفًا للمصادقة على 10,000 وحدة سكنية للفلسطينيين في شرقي المدينة بحلول عام 2028، فإن إلغاء القدرة على التخطيط بشكل خاص يُحبط تحقيق هذا الهدف. ويعود ذلك، جزئيًا، إلى العدد الضئيل جدًا من المبادرات التخطيطية الحكومية الموجهة لسكان شرقي القدس الفلسطينيين.
توصيات
لمواجهة أزمة السكن في شرقي القدس، يوصي التقرير أولًا بالعودة إلى الفصل بين إجراءات تسوية الأراضي وإجراءات التخطيط، مع إلغاء حق النقض (الفيتو) الممنوح لمسؤول التسوية في العملية التخطيطية. كما يدعو إلى إلغاء تطبيق قانون أملاك الغائبين في شرقي القدس وتطوير آلية مرنة شبيهة أكثر بـ"إجراء المختار"، تتيح للسكان الدفع قدمًا بخطط خاصة على أراضٍ غير مسجّلة وغير منظّمة. ويؤكد التقرير على ضرورة ضمان حقوق أصحاب الأراضي الفلسطينيين وتعزيز الشفافية في عمليات التسوية، إلى جانب الدفع قدمًا بمبادرات تخطيط عامة واسعة النطاق تلبي الاحتياجات الملحة للإسكان لسكان شرقي المدينة.
وقد ورد في بيان صادر عن منظمتي "بمكوم" و"عير عميم": "الإجراء الجديد هو جزء من سياسة حكومة إسرائيل وسلطات التخطيط التابعة لها، التي تهدف إلى تهميش وتمييز وقمع سكان شرقي القدس، وتزيد من صعوبة عيشهم بكرامة وأمان. وبدلًا من توفيرها لحلول سكن ملائمة، كما يجب عليها أن تعمل، تدفع الحكومة نحو واقع تصبح فيه عمليات هدم المنازل أمرًا روتينيًا، بينما لا يتم التقدم في الخطط، أو تتأخر، أو تُرفض لأسباب سياسية ودون مبررات تخطيطية. إلى جانب ذلك، يتم إعطاء الأولوية لإجراءات تسوية الأراضي الإشكالية. هذه السياسة ليست فقط غير مبالية، بل إنها أيضًا سياسة متعمدة لدفع السكان الفلسطينيين إلى خارج وطنهم وتعميق التدمير المنهجي لتجمعات سكانية بأكملها. على الحكومة أن تغيّر نهجها بشكل فوري وأن تضع حدًا للتمييز التخطيطي ومحاولات التهميش الفردي والجماعي."
ران يارون
المتحدث الرسمي باسم عن منظمتَي "بمكوم - تخطيط وحقوق الإنسان" وعير عميم"
10/12/2024 06:47 pm 98