
كنوز نت - بقلم: سليم السعدي
رأي: المهاجر العربي في الغرب… من ضحية السياسات إلى متهم دائم
بقلم: سليم السعدي
لم يعد المهاجر العربي أو الفلسطيني في الغرب، وخصوصًا في بريطانيا، يُنظر إليه بوصفه إنسانًا هاربًا من الحرب أو القهر أو الاحتلال، بل بات يُقدَّم في الخطاب السياسي والإعلامي كـ«سؤال أمني مفتوح»، وكأن وجوده بحد ذاته مشكلة يجب ضبطها، أو خطرًا يجب احتواؤه، أو عبئًا يجب التخلص منه.
ما يثير القلق ليس فقط السياسات الصارمة تجاه الهجرة، بل المنطق الذي تُبنى عليه هذه السياسات: منطق الاشتباه الدائم، ومنطق الربط غير العادل بين الهوية والانتماء السياسي أو الديني من جهة، وبين العنف أو التهديد من جهة أخرى.
من الخوف إلى التصنيع السياسي للخوف
بريطانيا، مثل غيرها من الدول الغربية، تمر بأزمات اقتصادية واجتماعية داخلية حادة. وفي مثل هذه اللحظات، يصبح “الآخر” – وخاصة القادم من الشرق الأوسط – مادة جاهزة لتفريغ القلق الشعبي.
الهجرة هنا لا تُناقش بوصفها ظاهرة إنسانية أو قانونية، بل كأداة سياسية تُستخدم عند الحاجة:
لشد عصب انتخابي،
أو لتبرير تشديد أمني،
أو لصرف الأنظار عن أزمات داخلية أعمق.
المشكلة ليست في سنّ القوانين بحد ذاتها، بل في الخطاب الذي يسبقها ويبررها، والذي يضع العربي والمسلم في خانة الشبهة قبل أن يكون في خانة الحقوق.
فلسطين… العامل المسكوت عنه
لا يمكن فصل هذا المناخ عن القضية الفلسطينية. فكلما تصاعد الوعي العالمي بجرائم الاحتلال، وكلما ارتفع صوت الجاليات العربية والفلسطينية في الغرب، نشهد في المقابل تشددًا أكبر في الرقابة، وتضييقًا على الحراك السياسي، ومحاولات لربط التضامن مع فلسطين بخطاب “التطرف” أو “تهديد النظام العام”.
هنا لا نتحدث عن مؤامرة سرية تُدار في الغرف المغلقة، بل عن تحالف مصالح واضح:
مصالح سياسية تخشى خسارة السيطرة على الرواية،
ومصالح أمنية ترى في الصوت المعارض خطرًا يجب احتواؤه،
وإعلامٌ – في جزء منه – يكرر الرواية الرسمية دون مساءلة كافية.
بين الأمن والعدالة: أين الخلل؟
من حق أي دولة أن تحمي أمنها، لكن الأمن حين ينفصل عن العدالة يتحول إلى أداة قمع ناعمة.
الاعتقالات الوقائية، المراقبة الرقمية، التضييق على الجمعيات، وتشويه صورة اللاجئ في الإعلام، كلها إجراءات قد تُقدَّم تحت عنوان “الوقاية”، لكنها في الواقع:
تخلق شعورًا جماعيًا بالاستهداف،
وتدفع فئات كاملة إلى العزلة،
وتُنتج توترًا طويل الأمد بدل الاستقرار.
الخطير في الأمر أن العربي أو المسلم يُطلب منه دائمًا أن يثبت براءته، لا أن يُفترض بريئًا كما ينص القانون.
الرأي الواضح
نعم، هناك مبالغة متعمدة في تصوير المهاجر العربي كخطر.
ونعم، هناك استخدام سياسي وأمني لقضية الهجرة يتقاطع مع مصالح دولية وروايات جاهزة، خاصة حين يتعلق الأمر بفلسطين أو بمعارضة السياسات الغربية.
لكن في المقابل، من الخطأ تحويل هذا الواقع إلى سردية تآمرية مطلقة؛ لأن ذلك يضعف القضية بدل أن يخدمها.
المعركة الحقيقية ليست في إثبات “من يدبر في الخفاء”، بل في تفكيك الخطاب الظالم في العلن، ومواجهة السياسات بالحق والقانون، لا بالاتهام غير المثبت.
كلمة أخيرة
المهاجر العربي ليس خطرًا…
الخطر الحقيقي هو شيطنة الإنسان، وتطبيع الظلم، وتحويل الضحية إلى متهم دائم.
ومن لا يرى ذلك اليوم، سيدفع ثمنه غدًا، لأن الظلم حين يُشرعن لا يتوقف عند فئة واحدة.
20/12/2025 08:16 am 39
.jpg)
.jpg)