
كنوز نت - هانم داود
اليوم العالمي لمكافحة الفساد
معركة مستمرة من المؤسسات إلى الأفراد
يُعدّ اليوم العالمي لمكافحة الفساد، الذي يُحتفل به سنويًا في 9 كانون الأول/ديسمبر، تذكيرًا عالميًا بأهمية العمل المشترك للقضاء على هذه الآفة التي تُقوّض التنمية المستدامة، وتُهدد سيادة القانون، وتُنتهك حقوق الإنسان. وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم لزيادة الوعي باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) ودورها في التصدي لهذه الظاهرة.
أنواع الفساد التي تحاربها الجهات الحكومية:
تتولى الحكومات والمؤسسات الرقابية مهمة مكافحة الأشكال الأكثر تعقيدًا وتأثيرًا من الفساد التي تتطلب سلطات تحقيق وعقوبات قانونية. ومن أهم هذه الأنواع:
الفساد المالي (الكبير): ويشمل المخالفات المتعلقة بالنواحي المالية كـالرشوة (الحصول على أموال أو منافع مقابل تنفيذ عمل مخالف للأصول)، والاختلاس، وغسيل الأموال، والإثراء غير المشروع من الوظيفة العامة، وسرقة الأموال والممتلكات العامة.
الفساد السياسي: يتعلق بالانحرافات التي تنظم عمل النسق السياسي ومؤسساته، كاستغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية، أو دفع الرشاوى لكسب الأصوات الانتخابية أو النفوذ السياسي، أو عدم الالتزام بمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية).
الانحرافات التنظيمية والجنائية: وتتضمن المخالفات التي تتصل مباشرة بالعمل مثل مخالفة المناقصات والمزايدات والمخازن والمشتريات، أو الإهمال والتقصير الذي يترتب عليه ضياع حق مالي للدولة. وتشمل أيضًا الفساد الذي يتم بشكل نظامي أو هيكلي داخل المؤسسات.
المحسوبية والمحاباة: وهي تنفيذ أعمال أو تفضيل أفراد أو جهات (حزب، عائلة، منطقة) في التوظيف أو الخدمة دون النظر إلى الكفاءة والجدارة، مما يؤدي إلى إخلال بالعدالة وتكافؤ الفرص.
لمكافحة هذه الأنواع، تحتاج الجهات الحكومية إلى تشريعات صارمة، وهياكل رقابية فعالة، وتفعيل مبادئ الشفافية والمساءلة والمحاسبة.
الفساد الذي يُحارب من خلال تحرك الناس:
لا تقتصر مكافحة الفساد على المؤسسات الرسمية؛ فالناس، والمجتمع المدني، ووسائل الإعلام يمثلون خط الدفاع الأول ضد الأشكال الشائعة والأكثر قربًا من حياتهم اليومية، والتي غالبًا ما يسهل الكشف عنها من خلال اليقظة والعمل الجماعي.
الفساد الإداري (الصغير): وهو الفساد الذي يحدث عرضيًا أو بشكل فردي، وغالبًا ما يقوم به صغار الموظفين، ويتمثل في:قبول الرشاوى الصغيرة مقابل تسهيل خدمة للمواطن.
عدم الالتزام بأخلاقيات العمل (مثل عدم احترام وقت الدوام، أو الامتناع عن أداء العمل بأمانة).
إساءة استخدام الموارد كسرقة الأدوات المكتبية أو الهدر في استعمال الموارد الحكومية.
الانحرافات السلوكية والأخلاقية: وتشمل المخالفات المتعلقة بسلوك وتصرف الموظف الشخصي، مثل عدم المحافظة على كرامة الوظيفة أو استغلال السلطة لتحقيق مآرب شخصية على حساب المصلحة العامة.
دور الناس والمجتمع المدني في المكافحة:
يكمن دور الناس الفعّال في تفعيل ثقافة النزاهة والرفض التام للفساد بأشكاله كافة. ويتم ذلك عبر:
التبليغ عن الفساد: الإبلاغ عن حالات الرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ (الإبلاغ عن المخالفات).
المشاركة المدنية: دعم وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في كشف وفضح قضايا الفساد، والضغط من أجل تطبيق القوانين.
المطالبة بالشفافية والمساءلة: إذكاء الوعي بمخاطر الفساد والمطالبة المستمرة بـالشفافية في القرارات الحكومية وإجراءات التوظيف والمشتريات العامة.
التربية الأخلاقية: ترسيخ القيم الفاضلة والوازع الديني والأخلاق الحميدة في المجتمع لمقاومة الإغراءات والممارسات الفاسدة.
مكافحة الفساد تتطلب جبهة موحدة، حيث تعمل الجهات الحكومية على فرض القانون وتجفيف منابع الفساد الكبير، ويقوم الناس بدورهم كرقيب وفاعل لتجفيف الفساد الصغير والمنتشر، لضمان بناء مستقبل عادل وآمن للجميع.
هانم داود
08/12/2025 08:06 am 147
.jpg)
.jpg)