كنوز نت - بقلم: سليم السعدي


محور الفتنة في الشرق الأوسط

بقلم: سليم السعدي

لم يعد خافيًا على أحد أن بعض الأنظمة الخليجية قد انزلقت في السنوات الأخيرة إلى أحضان المشروع الصهيوني الغربي، حتى غدت أداةً في يده، تُدار منها المؤامرات وتُزرع الفتن في جسد الأمة العربية.
لقد تحولت بعض الدول إلى منصاتٍ لتفتيت الأوطان وتمويل الانقسامات، والتدخل في الشؤون الداخلية لدولٍ عربية ذات سيادة، تحت شعاراتٍ خادعة عن "السلام" و"الاستقرار" و"التحالف الإقليمي"، بينما الهدف الحقيقي هو إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يخدم مصالح الكيان الصهيوني والغرب.

ما يجري اليوم في السودان، وفي غيرها من بقاع الأمة، ليس سوى وجهٍ جديدٍ للاستعمار القديم، الذي يرتدي عباءة "الوساطة" و"الدبلوماسية"، بينما يزرع في الخفاء بذور الفوضى والانقسام.
إن من يقرأ التاريخ يدرك أن ما يحدث اليوم هو استكمالٌ لسياساتٍ استعماريةٍ بُدلت فيها الأسماء، لكن الجوهر بقي ذاته: السيطرة على الثروات، وتمزيق النسيج العربي، وإضعاف كل من يقف في وجه المشروع الصهيوني.

وقد أنبأنا رسول الله ﷺ بهذا الواقع حين قال:

> "ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، قد فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه."
فكأن هذا التحذير القديم يتجدد في وجه الأمة اليوم، وهي تتناحر وتتنازل عن قضاياها العادلة، وتستبدل ولاءها لأعدائها بولائها لإخوتها.



ولم يكن نبيّ الرحمة ﷺ بعيدًا عن توصيف حال العرب حين تتداعى عليهم الأمم، فقال:

> "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها."
قالوا: أومن قلةٍ نحن يومئذٍ يا رسول الله؟

قال: "بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل..."
وها نحن اليوم نرى أمة كثيرة العدد، غزيرة الموارد، لكنها ضعيفة الإرادة، متفرقة الكلمة، منزوعة المهابة، تحب الدنيا وتكره الموت كما وصفها نبيها.



بل إن الصراع العربي الداخلي لم يغب عن المشهد النبوي، إذ قال ﷺ:

> "لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان، تكون بينهما مقتلة عظيمة، دعوتهما واحدة."
وما يحدث اليوم من اقتتال عربي–عربي، ومسلم–مسلم، يؤكد أن الانقسام صار أداةً لتفتيت الأمة، لا لحمايتها.



ومع ذلك، تبقى البشارة النبوية قائمة:

> "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود كما بدأ غريبًا، فطوبى للغرباء."
فهؤلاء الغرباء الذين يُصلحون إذا فسد الناس، هم بذرة الأمل في زمن الخذلان، وحملة النور حين يعمّ الظلام.



لقد آن الأوان لأن تستفيق الأمة من سباتها، وتعيد بناء موقفٍ عربيٍّ موحّد، يرفض التطبيع، ويكشف أدوات الفتنة، ويستعيد قراره المستقل بإرادةٍ نابعةٍ من إيمانٍ بعدالة القضية وبأن الحق لا يُمحى مهما طال الليل.
فالأمم لا تموت ما دام فيها من ينهض بالحق، ويقول كلمته بضميرٍ حرٍّ لا يبيع دينه ولا وطنه.