كنوز نت - وفاء داري/ فلسطين

"صلاة اللاجئ عند حافة المنفى"

 (1)
أمدّ يدي فلا أصل
أتلو اسمك في الريح
فتردّ الجبال بالصدى
كأنكِ سُحبتِ من تحت جلدي
وبقيتُ بلا جلد
بلا ظل
كمنفى فقد منفاه.
(2)
أنا يا أمّي..
من عبر الحدود
مُحمّلًا بجواز الخذلان
غادرتُكِ كمن يُطرَد من رحم المعنى
وصدّقتُ أن البلاد يمكن أن تكون خارج عينيكِ.
سامحيني لأنني لم أكن كفؤًا لدموعكِ
حين مررتِ على اسمي في السجلات
ولم تجديه
(3)
يا جزءًا من رحمة الله في الأرض،
يا جسد الوطن المخبوء في مئذنة
يا حنطةً أضاعت مذاقها بعد الشتات،
ذكرتكِ في صلاتي وبكت سجادتي
ولم يصلك صدى دعواتي
فلا حاجز يستقبل شوقي إليكِ.
(٤)
كل العبارات التي قلتها حين الرحيل
أكلتها الغربة
وصار فمي ترابًا
وصوتي مجروحًا
أنا الذي اغتسل بالحيرة
وتيمّم ببكائكِ
وأدرك في ليله الندم
أن الطريق يُمحى من تحت قدميه

ويُعاد رسمه إليكِ.
(5)
أنا يا أمّي
كتبتك في رسائل لا تصل
وكلّ مرة أكتبكِ فيها يبكي حرفي اليتيم
فينبت في وريدي سور
وفي دمي نقطة تفتيش
وفي قلبي جندي يسألني:
“مَن هذه التي تحاول عبورها؟”
(6)
أبكيكِ دون أن أراكِ
كما يبكي الماء نهره القديم
وكما يتهجّى الأسير نغمة الناي
ولا يجدها في عينيكِ..
كانت البلاد تسعني كأذان الفجر
وفي غيابكِ
كلّ الطرق تقودني إلى موتٍ رحيم
(7)
يا أمّي
إن تأخرتُ عنكِ في المواسم
وفي دفاتر الأعياد
وفي احتفالات الندى على النوافذ
فاصفحي عني كما يغفر النور لظلّه
وامنحيني غصناً من دعائكِ
أتوكّأ عليه كلما انهارت فيّ المنافي.
(8)
سأسكن اسمكِ
كما يسكن السرّ في الذِكر
وأظلّ أطرق أبواب الغيب
علّها تُفتح على بابكِ
وسأموت هناك - إن كان لا بدّ - على العتبة
وأنا أردّدكِ:
"ربّ لا تحرمني ظِلَّ وجهها، ولو في البرزخ."
  •  وفاء داري/ فلسطين

كل الشكر والتقدير للفنان التشكيلي نواف سليمان على لوحته التعبيرية.