كنوز نت - بقلم: سليم السعدي


صاحب صاحبك… خيانة أم حكمة؟ حين يتحول المثل إلى أداة للتطبيع والاصطفاف القاتل
بقلم: سليم السعدي
مقدمة:
"صاحب صاحبك، وصاحب عدوك عدوك"... مثلٌ شعبي يتردّد في المجالس العربية منذ قرون، يحاول أن يرسم خطًّا واضحًا بين من تُصادق ومن تُعادي، وكأنه يقول: تحالف وفق تحالفات غيرك، لا وفق مصلحتك أو مبادئك.
لكن المثل لم يعد بريئًا. لقد تحوّل – في ظل الانهيارات السياسية والاصطفافات الإقليمية – إلى غطاء خبيث للتطبيع، والخيانة، والانسلاخ عن الموقف الأخلاقي، حتى بات يُستخدم لتبرير الغدر والتآمر، لا للمروءة والولاء
أولًا: المثل حين يصبح سياسة
المتابع للمشهد السياسي العالمي، لا سيما في منطقتنا العربية، يلاحظ كيف أصبحت بعض الأنظمة تتذرّع بالمثل لتُبرّر تقاربها مع أعداء الأمة، خصوصًا في علاقاتها مع الكيان الصهيوني، والغرب الاستعماري، وحتى مع أنظمة قمعية ارتكبت المجازر في حق شعوبها
•هل تُطبع مع الاحتلال لأنه "صاحب حليفك"؟
•هل تدعم انقلابًا على إرادة شعب لأنه "عدو خصمك"؟
•هل تبرر التطبيع الإعلامي والاقتصادي والديني لأنه يسير وفق خطوط محورك؟
إن هذا التوظيف للمثل يجعل منه خنجرًا في ظهر المبادئ، لأن الحليف الحقيقي لا يدفعك للارتماء في أحضان العدو، بل يثبّتك على القيم
ثانيًا: أمثلة إقليمية فاضحة
1. التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي
كم من دولة عربية أو إسلامية هرولت نحو تل أبيب تحت ذريعة أن أمريكا أو "الحليف الاستراتيجي" يبارك هذا المسار؟

•دول تخلّت عن القضية الفلسطينية واعتبرت أن "عدو عدوي (إيران مثلاً) هو صديقي"، ففتحت سفارات وطبّعت إعلامها، وكأن القضية مجرد لعبة مصالح لا دماء فيها ولا وطن يُسلب.
2. التحالف مع أنظمة قمعية ضد شعوبها
أنظمة دعمت انقلابات على حكومات منتخبة، أو باركت سحق شعوب تطالب بالحرية، لأنها في خانة "عدو عدوي"
•فهل ننسى من دعم آلة القتل في سوريا واليمن وليبيا؟
•من موّل وسلح إعلام العار والمرتزقة لأنه يناصب خصمه الإقليمي العداء؟

ثالثًا: المثل البديل… معيار الضمير لا الاصطفاف
نحن بحاجة إلى قلب المفاهيم، لا ترديدها بشكل أعمى .
بدلًا من قول: "صاحب صاحبك"، يجب أن نقول
"انظر من هو صاحب الحق، وكن معه، ولو خالفك القريب."
العدالة ليست محكومة بتحالفات، بل بمبادئ
والمواقف لا تُؤخذ بناءً على "من مع من"، بل "من مع الحق"
خاتمة:
إن من يتغنّى بهذا المثل ليبرّر انحيازه للظلم، أو خذلانه لقضية عادلة، إنما يُفرّغ المروءة من مضمونها، ويحوّل السياسة إلى شبكة خيانة باسم "الواقعية"
فهل نحن أبناء قيم، أم عبيد مصالح؟
وهل نعيش على أرض لها ضمير، أم في أسواق يتاجر فيها البعض بكل شيء، حتى في أرواح الشعوب؟