كنوز نت - بقلم: رانية مرجية

 بن غفير… صعلوك السياسة ومهرج العنصرية
بقلم: رانية مرجية

في مسرح العبث الذي اسمه “الكنيست الإسرائيلي”، لا يُدهشنا أن يعتلي خشبته مهرج يصرخ أكثر مما يتكلم، ويهذي أكثر مما يخطط، ويحقد أكثر مما يفكر. إنه إيتمار بن غفير، وجه الكراهية الفجّ، وصوت العنصرية المجاهر، الذي ظنّ، واهمًا، أن الصراخ يصنع زعامة، وأن التطرف يمنح هيبة.

بن غفير، هذا الكائن السياسي الطارئ، الذي لا تُسعفه لا الكاريزما ولا الكفاءة، صعد على أكتاف خطاب متهتك، ينضح حقدًا وتحريضا، حتى كاد يكون كاريكاتورًا ممجوجًا في نشرة أخبار قديمة من زمن الاحتلال البائد، لولا أنه – ويا للعار – صار وزيرًا في حكومة تتسابق نحو قاع التاريخ.

ما بين صور كهانية معلقة في مكتبه، وتصريحات تنتمي إلى عصر الظلمات، يطلّ علينا هذا المخلوق السياسي بتعبيرات وجه منتفخة بالعدوانية، وكأن التاريخ كله قد خانه، فجاء لينتقم من الفلسطيني كل صباح، ويشتم أمهاتنا كل مساء. لا قضية عنده إلا كيف يُخرج الفلسطيني من أرضه، وينزع الإنسان من إنسانيته، ثم يتبجح بأن ما يفعله “قانوني” و”شرعي”!


أي شرعية يتحدث عنها بن غفير؟ شرعية الحقد؟ شرعية التهديد؟ شرعية الجرافة؟ أم شرعية من لا شرعية له سوى السلاح والاستيطان؟ هذا الذي لم يقرأ كتابا في حياته إلا وكان مانيفستو حقد، ولم يحضر خطبة إلا وكانت طقوس شتم وتكفير!

ما يُثير الرثاء قبل الغضب، أن بن غفير يظن نفسه بطلاً! بطل ماذا؟ بطل الغوغائية؟ بطل خنق القدس؟ بطل زرع الحواجز بين الأحبة؟ إن البطولة في عالم بن غفير تُقاس بعدد القرى المهددة، والمنازل المهدومة، والصلوات المُمنوعة. إنه ليس إلا كابوسًا أُفرج عنه خطأ من دهاليز التاريخ، ليهذي فوق رؤوسنا بكلمات من زمن الجريمة والعار.

ومع كل تصريح يطلقه، يزداد افتضاح عريه السياسي، فهو لا يعرف شيئًا عن الاقتصاد، ولا عن التعليم، ولا عن الصحة. كل ما يعرفه هو أن يشعل الحريق ثم يرقص حوله. إنه حقًا يشبه ذلك القروي الجاهل الذي أوكلت له مهمة إدارة مكتبة وطنية، فبدأ بحرق الكتب بدلاً من ترتيبها.

لكن مهلاً، لا تفرح كثيرًا يا بن غفير، فالتاريخ لا ينسى، وذاكرة الشعوب لا تُصاب بالزهايمر كما تتمنى. ستمرّ كما مرّ قبلك مَن توهموا أن الاحتلال يدوم، وستبقى صورة وجهك الحاقد حبرًا باهتًا في صفحات محاكم التاريخ، بينما ينهض أطفال القدس من تحت الأنقاض ليعيدوا كتابة روايتهم، بعيدًا عن سُخام صراخك وأشلاء عنصريتك.

وفي النهاية، أقول لك بصوت امرأة فلسطينية أرثوذكسية تؤمن بالحق والعدالة والجذور:
قد تسرق بيتًا، وقد تهدم قرية، وقد تمنع صلاة، لكنك لن تستطيع أن تنتزع القدس من قلوبنا، ولا أن تزرع لنا الخوف. نحن هنا منذ كنعان، وأنت لست سوى ومضة دخان في عاصفة الوجود الفلسطيني العميق