كنوز نت
أثارت تصريحات المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية،بيرنيساندرز، بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة ردود فعل غاضبة في اوساط اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وفي الرأي العام في اسرائيل. واستغلت هذه الأوساط خطأ وقع فيه ساندرز، خلال مقابلته مع "نيويورك نيوز اوف تودي"، حيث قال بأن اسرائيل قتلت في حربها الأخيرة عام 2014 على غزة 10 آلاف من المواطنين الفلسطينيين الأبرياء، وطلبت منه تصحيح الخطأ والتراجع عما قاله بأن اسرائيل قصفت بشكل اعمى وعشوائي احياء ومستشفيات ومدارس.
ساندرز نفسه كان مترددًا في ذكر الرقم، وقال بأنه قد يكون على خطأ وطلب من الصحفي تصحيحه، اذا كانت المعلومة خاطئة. المهم في الأمر ليس الرقم بل الانتقاد، الذي وجهه مرشح ديمقراطي للرئاسة لإسرائيل خلال حملة انتخابية، وهذا ليس بالأمر الهيّن، اذا اخذنا بعين الاعتبار تأثير المنظمات الصهيونية واليهودية في الولايات المتحدة في الانتخابات الرئاسية، والذي يعبر من خلال شبكة مركبة من وسائل الإعلام والمال السياسي والتنظيم المنتشر على طول الولايات المتحدة وغربها.
من الواضح ان ضغوطًا رهيبة تمارس على ساندرز حتى يسير في "التلم" ويدعم اسرائيل بشكل أعمى، مثل بقية مرشحي الرئاسة. هو بالتأكيد يدعم إسرائيل وقد تطوع سابقًا في "كيبوتس" ودأب على التأكيد على حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهو يأخذ الضغوط بالحسبان ويصرح مثلًا بأنه يعارض محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين في محكمة الجنايات الدولية، ولكنه في المقابل وقف أمام مؤتمر اللوبي الصهيوني "آيباك"، ودعا إلى "إخلاء كل المستوطنات من الضفة، كما جرى اخلاء كل المستوطنات من غزة"، وصرح اكثر من مرّة بأنه يربط بين العلاقة الأمريكية الإسرائيلية وتعامل اسرائيل مع الحل السياسي، وهذا يختلف عن الموقف الدارج لدى القيادات الأمريكية، التي تؤكد دومًا على الدعم غير المشروط لإسرائيل.
في فترة الانتخابات ينصب تفكير المرشح بالانتخابات وبكسب الأصوات، ويقول ما يكسبه اصواتًا ويتجنب ما قد يُهَرّبها. علينا ان ننتبه جيّدًا إلى الأوساط الاجتماعية التي تدعم ساندز، فهي فيما يبدو تقبل تصريحاته ضد الاحتلال والاستيطان والعدوان، ومن المفروض ان تكون هي العنوان الأول لحشد التضامن مع الشعب الفلسطيني وحشد الضغوط والمقاطعة على اسرائيل. لقد جرى اهمال هذه الاوساط في حقبة أوسلو ووفق عقلية أوسلو، وآن الأوان لمخاطبتها باللغة التي تفهمها وهي لغة الحقوق والعدالة أولًا.
يعتبر ساندرز مرشحًا "اشتراكيًا" وهو يخاطب فئة الشباب بلغة شبابية وبنفسية من يحمل لواء التغيير والثورة على الوضع القائم.رغم ان عمره 74 عامًا، إلاّ أن ملايين الشباب يدعمونه، ولديه عندهم شعبية جارفة وهو يحصل على غالبية ساحقة من اصوات شباب الحزب الديمقراطي، تبعًا لشعارات حملته الانتخابية وفي مقدمتها إعلانه الحرب على "وول ستريت" وعلى الفجوات الاجتماعية الرهيبة وعلى المال السياسي المفسد، وكذلك برنامجه الذي يشمل مضاعفة الحد الأدنى للأجور وتطوير الخدمات الصحية والاجتماعية من قبل الدولة. لقد كشف ساندرز شعبية العدالة، وانه في مقابل التطرف اليميني الفاشي الذي يمثله المرشح الجمهوري دونالد ترامب، هناك جمهور واسع يحلم بغد مختلف، ويضم جمهور ساندرزعددا كبيرا من الشبان المبهورين بخطاب هذا السبعيني، الذي لا يخشى الحديث عن "ثورة سياسية" ويعد بتوسيع التأمين الصحي وسلة الخدمات الاجتماعيةوبتعليم عال مجاني، بعد ان وصلت ديون الطالب الامريكي بالمعدل حوالي 35 ألف دولار.
لقد بدأت حركة الاحتجاج على الحرب فيتنام في السبعينيات، والحملة ضد نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا، بشباب جامعي يساري وتوسعت لتشمل اوساطًا أوسع فأوسع في المجتمع الأمريكي وصولًا إلى النخب وإلى التيار المركزي في السياسة الامريكية وإلى متخذي القرار. أما في القضية الفلسطينية فقد جرى القفز على المراحلوانصبت الجهود بالمستوى الديبلوماسي، لا الشعبي، وكانت النتائج عمومًا قريبة من الصفر.في المقابل هناك مؤشرات جدية على الطاقات الهائلة في المجتمع الأمريكي، التي من الممكن ان توظّف في التضامن مع قضية شعب فلسطين، فحيثما كان هناك تحرك في الجامعات كان التجاوب جارفًا، مما يعنى أنه بالإمكان محاصرة التأثير الصهيوني والإسرائيلي على شباب اليوم ونخب المستقبل في الولايات المتحدة.
فرص ساندرز بالنجاح ضئيلة، وهو قد يغير بعض مواقفه تحت الضغوط، لكن الأمر المهم والذي فاجأ الكثيرين هو أن جيل الشباب في الولايات المتحدة يطمح ليس لمجتمع اكثر عدالة فقط بل لعالم اكثر عدالة أيضًا.يجب البحث عن جمهور ساندرز، فمن يريد عدلًا فهو قابل للتفاعل مع عدالة قضية فلسطين، والعدل حليف شعب فلسطين الأول.
11/04/2016 12:04 pm