كنوز نت - الطيبة
حسين جبارة : سيرة ذاتيةً أدبية
تعطَّشَ الشاعر حسين جبارة للقراءة وللكتابة يوم كان الطالبَ في ابتدائية الطيبة وثانويتها وخصوصا في الصف الثامن والصف التاسع من تلك المرحلة بدافعيةٍ من معلمي اللغة العربية الكرام. وبدعمهم راح يعشق قراءة الكتب فتذوق ما عرضت من نصوصٍ نثريةٍ وشعرية عربيةٍ ومترجمة.
وفي المرحلة الثانوية أتيحت له المنصة فقرأ الكثير وكتب المواضيع الانشائية المتعددة فألقاها على مسامع الطلاب على مدار سنوات اربع حتى ملكَ المهارة مُكْتَوِيابسحر الحرف والكلمة.
درس في دار المعلمين العربية بيافا وعمل معلماً في قرى عديدة ، فواصلَ التعامل مع الكتابة والخطابة حتى اصبح عريف المهرجانات والاحتفالات في مدينته وفي المنطقة.
التحق بجامعة بار ايلان فدرس اللغة العبرية وعلم النفسفاتقنها الى جانب العربية بدرجات متساوية، كما تمكن من اللغة الانكليزية فهماً ومطالعةً خاصة كتب البحث والتدريس في باب العلوم السلوكية.
حصل على البكالوريوس وعلى شهادة التدريس ودرس لمدة عامين في اطار الماجستير من نفس الجامعة.
درس علوم الادارة وحصل على دبلوم ادارة المدارس من جامعة تل ابيب وشارك في كثير من دورات الاستكمال مستمعا ومحاضرا على مدار السنين .
شغل موقع مدير مدرسة اعدادية في الطيبة بلدِه ، كما عمل موجها للتربية الاجتماعية في ثانويات واعداديات المثلث.
واكب على المطالعة طيلة الوقت فطرب لقراءة الادب العربي والادب المترجم ومال الى متابعة الشعر القديم والحديث وكثيرا ما عاد لقراءة القصيدة المعينة او الشاعر المنشود.
عالج القصيدة البسيطة من خلال المناسبات الثقافية والاجتماعية والمدرسية دون التعمق في الشكل او المضمون الشعري.
أعجب بالقصيدة العمودية و بقصيدة التفعيلة ووقف على القديم وعلى الحديث.
تابع قصائد المقاومة الفلسطينية في كافة مناحي الوطن.وكان ذواقا للقصيدة عاشقا لها تهزه المعاني ويبهره الايقاع.
كان المُقلَّ بكتابة القصيدة ولم ينشر ما كتب منها كما لم يسعَ لتثقيف ذاته شعريا. وقف كثيرا على الشعر العربي والعبري قديما وحديثا كما وقف الى حدٍ ما على كثير من الشعر الاوروبي المترجم او ما قرأه وحفظه مباشرة بالانكليزية .
في خضم عمله في التدريس لم يجد الوقت الكافي لممارسة عشقه للقصيدةقراءة فكتابة.
وحينما خرج للتقاعد دفعه الكثيرون من المعارف والشعراء المحليين الى تناول القصيدة بالتعامل والنشر.
ولتخطي ازمة النشر ومحدودية الصحافة راح ينشر ما كتب على صفحات الفيسبوك فانفتح امامه باب واسع ، فشارك في المهرجانات وفي الامسيات الادبية وقد استطاع ان يضيف مئات القصائد لمخزونه الذي لم يتعدَ العشرات من قبل.
قرأ الاشعار في النقب والمثلث، وفي حيفا والجليل كما شارك في لقاءات الخليل وبيت لحم ولقاءات رام الله وقلقيلية وطولكرم ونابلس وجنين.وقد شارك بمهرجانين شعريين في الاردن في مدينتي السلط وعمان.
اصدر ديوانه الاول " القصائد الدافئة" عام 2015 ونشر اربع قصائد في
في كتاب " منتدى الكلمة-الكتاب الاول" والذي صدر في نهايات 2015 ايضاً ، وامامه اليوم ديوانان إضافيان ينتظران النشر.
غنى للمليحة والوطن ،وغنى للتفاؤل والعمل كما غنى للمدارس والامل متشبباً في كل باب .
تفتّقَ عن القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة وعرك القافية الموحدة والمتنوعة ونحا وحدة القصيدة والموضوع في بناء شعري متين ولغة طيعة منيعة.
خاطب الناس ولهم غنى ساعيا للوصول اليهم ، مبدعا في توظيف المفردات وفي إثراء المضمون محافظا على الايقاع في ايصال رسالته لعشاق الحياة.
جسدت قصائده كل ثقافاته في اللغات و في العلوم السلوكية والتنمية البشرية.
ومن يتتبع اشعاره يحس بالنمو والارتقاء دون التزام لمدرسة نقدية معينة، ودون مغالاة في الوضوح او الغموض ودون اقتفاء آثار شاعر مشهود.
كتب بحسٍ ورويَّة ثمَّ بصدقٍ وهوية.
غنَّى للحريةِ والإنسان.
****
نماذج من شعرالشاعر
حسين جبارة
****
العاشقونَ لشهرزاد
______________
في الحيِّ عاشت شهرزادُ
حَكتْ مِثالاً في الجَمالْ
كانت عروساً في الشَآمِ
بَدتْ ملاكاً في الكمالْ
ميزاتُها سِحرٌ غَمَرْ
أوصافُها تسبي الرجالْ
فتقاطر الُعُشّاقُ في طُرُقاتها
عشقوا الهلالْ
عشقوا العيونَ
كَما الضفائرِزيَّنتْ
قدَّ الغزالْ
بعثوا اللِحاظَ رسالةً
بالوُدِّ تخطُبُ والوصالْ
قطعوا الدروبَ لأجلها
جازوا السواحلَ والرمالْ
قطفواالورودَقلادةً
تُهدَى لفائقة الدلالْ
الحيُّ اضحى قِبلَةً
ثمَّ المزارَ بكلِّ حالْ
جاءَ القريبُ أتى البعيدُ
مُحَمَّلاً ماساً ومالْ
كلٌّ سعى للفوزِ بالحسناءِ
تَرضَى بامتثالْ
يا شهرزادُ بِحَيْرَةٍ
ما تفعلينَ بذي السلالْ
------------------------
وصلَ المليكُ برهبةٍ
يُلقي على الحيِّ الظلالْ
مِن خلفِ بحرٍ هادرٍ
خطبَ المليحةَ بالسِجالْ
بالعرشِ يسكنُ شهريارُ
رمى عروساً بالحلالْ
بالمالِ أو ذهبِ الدُّنا
بالقسرِ حتى بالضلالْ
------------------------
هذي العروسُ تمنَّعتْ
تأبى عريساً واحتلالْ
تَرمي غريباً آتِياً
يدعو لعُنفٍ واعتقالْ
يبغي الأميرةَ عُنوةً
والعاشقينَ الى ارْتحالْ
--------------------------
الحيُّ يعشقُ شهرزادَ
غدا جُنوداً للقتالْ
وانضمَّ رهطٌ مِن جنوبٍ
يَلتَقي حشدَالشَمالْ
خرج الورى في نخوةٍ
لم يركعوا، حملوا النصالْ
والعاشقونَ تشَمَّروا
رَصدوا القصيدةَ للنضالْ
قذفوا الحجارةَ صلبةً
في وجهِ مَكرٍ واحتيالْ
رفعوا الأسِنَّةَ والقنا
طربوا على وقعِ النزالْ
خبروا السُجونَ وقهرَها
زُفُّوا لِمَوْتٍ واغتيالْ
رصُّوا الصُفوفَ لِشحنِها
والصوتَيَبعثُهُ المقالْ
-----------------------
درويشُ يعشقُ بالقصيدِ
سميحُيلهبها اشتعالْ
غسّانُ يغمرُهُ الحنينُ
جَمالُ يشدو بابتهالْ
زيّادُ رمشٌ يَفتدي
ناجي العليْ رسم المحالْ
هذا الدسوقيْ مغرمٌ
دحبورُ يرشُقُ بالنِبال
يا راشداً يا عاشقاً
يا صالحاً ، أطلقْ عقالْ
--------------------------
كلٌّ تغنَّى بالحبيبِ
زها التّغنّي بارتجالْ
والعاشقونَ لشهرزادَ
شَدَوا لها، دفعوا الوبالْ
هذي المليحةُ للخُلودِ
غَدَتْ نِضاراً في المجالْ
وقوافلُ العُشّاقِ تزحفُ
في النهارِ وفي الليالْ
كلٌّ رمى وَلِهاً بِها
للفوزِ يسعى والنوالْ
حسين جبارة صيف 2013
****
الاسير وليد دقة من سكان باقة الغربية يرزح في غياهب السجن الامني منذ ثلاثة عقود ويعتبر احد الرموز البواسل في عتمة الليل الطويل، صلبا متمرسا ويحيا لقضية مقدسة صامدا كصخر بلادي متجذرا كالزيتون.
إنَني أُمُّ الوليد
________
وأفقْنا في صَباحٍ باكرٍ
نقصدُ السجنَ الكبيرْ
فيهِ أشْبالٌ كِبارْ
دَفعَتْ أحلامَها
من أجلِ حلمِ الآخرينْ
سَنُعاني بازدحامٍ وانتظارْ
بمكوثٍ وَوُقوفٍ وَتَلقٍّ للأوامرْ
في طريقي لِأَسيرٍ باتَ حُبَّاً واعتبارْ
مثلَ أسرانا جميعاً
يستحقّونَ النَّهارْ
++++++++++++++++++
ووَصلنا ساحةَ السجنِ البغيضْ
ورأينا كلَّ أطيافِ الوطنْ
مِن شتاتٍ واحتلالٍ
مِن جليلٍ أو نقبْ
شعبُنا في الأسرِ واحِدْ
لا حُدودٌ أو حواجِزْ
لا خلافٌ أو تَشَرْذُمْ
كلُّنا في الأصلِ شعْبٌ
شعبُنا في "الهَمِّ" واحدْ
++++++++++++
وَبِساحِ السِجنِ صمْتٌ
مِن خلالِ الصمتِ صوتٌ
صوتُ أُمٍّ
يَتَعالى مِن بعيدْ
هاتِفاً اللهُ أكبَرْ
صوتُ أُمٍّ تتباهى
راحَ منّا يقترِبْ
راحَ يدنو صارِخاً
إنَّني أُمُّ الوليدْ
أرفعُ الرأسَ افتخاراً
بِأسيرٍ وسَجينٍ ، أتَغنَّى مِن جديدْ
وَإباءٌ قامتي
مَعْدِنُ السجنِ الرِجالْ
ووليدي في المُؤَبَّدْ
نغمةً أشدو أُعيدْ
شَحَنَ الصوتُ الحضورْ
+++++++++++++
وَدَخَلْنا في الغياهبْ
أُطرقُ الرأسَ مليّاً
وبدربي باحثاً
عن أسيرٍ وحبيبٍ خلفَ قضبانِ الظلامْ
في حلكةِ الليلِ الشديدْ
يرتإي الأسرى العبيدْ
فجأةً صوتٌ ينادي
وَسَمِعتُ الصوتَ أُستاذي ينادي
فالتَفَتّْ
ورأيتُ الشبلَ قُدامي وقوفاً
خلفَ شُبّاكِ العبوديَّةِ صلباً كالحديدْ
كلُّ رِمشٍ فيهِ سَهمْ
كلُّ جَفْنٍ حارسٌ يحمي البريقْ
جبهةٌ تعلو شموخاً
أنفُهُ كِبْرٌ عنيدْ
++++++++++++++
تُهتُ في بحرِ العيونْ
يا عيوني ، مَن تكونْ
انتَ أُستاذي ب"وردٍ" ، وَأَنا كنتُ الوليدْ
ما اقترفتُ "الذنبَ إثماً"
غيرَ أنّي
عن حقوقي ما صَمَتّْ
لستُ في الأسرِ الوحيدْ
خلفَ قضبانٍ تراني
في شراييني الأماني
أهزمُ اليأسَ وأحيا
في فضاءات ِ المعاني
وزنازيني أُرَوِّي عشقَ أوطاني ضياءاً
في طعاني لا أُعاني
وحقوقي قَبَسٌ
في المدلهمّاتِ الدليلْ
عنهُ يوماً لا أَحيدْ
++++++++++
إصبعي بينَ الشِباكْ
وعيوني في المحيطْ
شِحنةٌ خضّتْ كياني صرتُ تلميذَ الأسيرْ
وهوَ أُستاذي أنا
بكلامٍ واثِقٍ ولسانٍ لاهِجٍ
مفرداتي تمتمتْ
كلُ شيءٍ يتغيّرْ
وقوانينُ الدُوَلْ
++++++++++++
رُحتُ في الدهليزِ أمشي قاصداً شِبْلي الحبيبْ
لم تُفرّقْ خَلَجاتي بينَ تلميذٍ وفيّْ
أو حبيبٍ بالزياراتِ الجديرْ
صارَ كلٌّ في اعتباراتي صَفيّْ
تهتُ في سينٍ وجيمْ
صحتُ في نفسي عميقاً
حيِّ جيلاً صاعداً
لا تَخَفْ
ما دامَ في القلبِ الإلهْ
ما علا صوتُ النبيّْ
أُمَّهاتٌ ، رُحنَ يُرضعْنَ الصبيّْ
بِغذاءٍ وانتِماءٍ ، وبِحسٍّ وافتداءٍ
بِمِثالٍ
يتغنّاهُ الأبيّْ
بِإِلهٍ وَنَبيٍّ
وَبِأُمٍّ وَصَبِيٍّ
وانتماءٍ وافتداءٍ
كلُّ أُمٍّ في بلادي ، قلعةُ الحبِّ النَّقيْ
كلُّ طفلٍ في ثراها ، في الميادينِ العصيّْ
حسين جبارة 18-12-2013
****
غبتُ في بحرٍ عميق
_____________
وَأطلَّتْ
كَملاكٍ ساحرِ
ثغرُها لونُ العقيقْ
واختفتْ عن ناظِري
خلّفتني حائراً
من هيامي لا أُفيقْ
أشعلتْ فيَّ الحريقْ
_____________
في غدي لاحَ الصباحْ
وفُؤادي لهفةٌ
عُدتُ من نفس الطريقْ
فَأَطلّتْ
وجهُها شمسُ الشُموسْ
شعرُها تاجُ العروسْ
وبعينيها بريقْ
ثمَّ غابت من أمامي
عدتُ لليلِ الطويلْ
فيهِ قضّتْ مَضجعي
وأهاجتْ مهجعي
في فمي قد جفَّ ريقْ
_____________
في غَدي لاحَ الشروقْ
هاجَ في قلبي الحنينْ
عدتُ للدربِ العتيقْ
فَأَطلّتْ
عُودُها كالخيزرانْ
مستقيماً فرعَ زانْ
للمليك الصولجانْ
يأسرُ القلبَ الرقيقْ
__________
وتوارتْ
تهتُ ليلاً إثرَ ليلٍ
عدتُ لليومِ الجديدْ
عدتُ يوماً بعدَ يومٍ
قاطعاً دربَ العشيقْ
جئتُ يحدوني الأملْ
فأطلّتْ ، وأطلّتْ
ذاتَ يومٍ قد تجلّتْ
ما تخلّتْ
كانتِ الظبيَ الرشيقْ
أمعنتْ فيَّ النظرْ
باندفاعٍ أقبلتْ
نحوَ حبي نحوَ دِفئي هرولتْ
وعلى صَدري استراحتْ
وأراحتْ
غابَ وعيي
في سُباتٍ حالمٍ
غبتُ في بحرٍ عميقْ
وهي بحري
إنَّني
فيه الغريقْ
حسبن جبارة 2013
****
إحياءً لذكرى الشهيد زهدي محمد عرفات وثَّق الشاعر حسين جبارة احداث يوم استشهاد زهدي بعدما اجرى المقابلات مع رشيد عبد الرحيم عرفات وبعدما سمع التفاصيل من والده المرحوم عبد الحفيظ الحسين جبارة عدة مرات في ازمنة متباعدة وكذلك بعد ان زار المواقع الجغرافية المذكورة برفقة نجل المرحوم حسن زهدي عرفات والصديق الكاتب عبد العزيز ابو اصبع. وقد جاء التوثيق شعرا بقصيدة تحمل العنوان :
حضَنَ الثرى
___________
نهضَ المُبَكِّرَ مستجيباً للفلاحْ
صلَّى يحاذرُ صائداً جُندَ الصباح
كانَ المُطارَدَ في النهارِ وفي الدُجى
عهداً وفى مُتَقلِّداً أمضى سلاحْ
ليلاً يبيتُ بِ"عقْدهِ" مُتخفِياً
ويبيتُ عشراً في كُهوفٍ للكفاح
مُتوَجِساً حثَّ الخُطى بديارهِ
والبردُ يلفحُ وجههُ إثرَ الرياح
بجهادهِ يفدي البلادَ وقُدسَها
يحمي الحِمى أَسَدُ الشهامةِ والرماح
هو ثائرٌ راحَ انتمى لفصائلٍ
عبدُالرحيم لها القيادةُ والصلاح
ورئيسه الحطابُ فيصلُ فرقةٍ
تبغي خلاصاً للربوع وللبطاح
تبغي جلاءَ الانتدابِ ببطشهِ
تسعى لقلعِ الغاصبينَ والاجتياح
أمضى الضُحى والقلبُ يخفقُ هانئاً
يلهو مع الأطفالِ يسعدُ بالمزاح
قطعَ المزاحَ بلاغُ مبعوثٍ أَتَى
في كفرِ صورَ مَهَمّةٌ قبلَ الرواح
"فَرْعُونَ" ودَّعَ خِلسةً بشِغافهِ
رَكِبَ المخاطرَ بالعتادِ وبالوشاح
++++++++++++++++++
زُهدي يُقارعُ غاصباً لكرامةٍ
وهوالمحاربُ في الشِعابِ وفي الجبالْ
لبسَ الحِزامَ مُدججاً بذخيرةٍ
عبرَ الكمائنَ والحواجزَ للقتالْ
قطعَ الدروبَ وُعورةً و خطورةً
ألفى فُجاجاً واسعاً بينَ التلالْ
أضحى بعيداً ، للبراري عاشقاً
يمشي الهوينا مستعداً للسجال
وأطلَّ من بينِ السفوحِ شكيمةً
في "خلَّةٍ" للمغربي يرعى "الحلال"
راعي "الحلالِ"على السليقةِ صارخٌ
زهدي ! حذارِ مِنَ الصَواري في المجال
اللهُ يسترُ يا قراقعُ لا تَخفْ
مُتأهباً مُتَمنطِقاً طلبَ النزال
راحَ احتمى بعزيمةٍ وعقيدةٍ
يحميهِ صخرٌ عن يمينٍ ، عن شمال
فَتَحَ الرصاصَ على الصواري هاتفاً
والفارسُ المغوارُ يشتاقُ النوال
وجهاً لوجهٍ راحَ يَرمي لم يَهَبْ
صدَّ العدا أبلى جهاداً بالفعال
أبلى سُوَيْعاتِ العراكِ مُؤَزَراً
فرداً وحيداً في مواجهةِ الوبال
"لم يأخذوا حقَّاً بِهِ أو باطلاً "
أبدى البسالةَ في الصمودِ وفي النضال
جَرَحَ "ابنَ زيتا" اوَّلاً بذراعهِ
والإنكِليزي ثانياً أردتْ نصال
سقطَ الجوادُ صريعَ ساحاتِ الوغى
بقيَ المُفدَّى لم يَنَلْ منهُ الكلال
لمَّا انتشى بعراكهِ ومنالهِ
نَهضَ المُعافى مستفيضاً في الوصال
خطرتْ رصاصةُ ماكرٍ بجبينهِ
أردتْ شهيداً في ميادينِ الرجال
أصلَتهُ نارُ الغادرينَ بطلقةٍ
حضنَ الثرى ، بدمائهِ روَّى الغلال
++++++++++++++++++
مِن خِرْبَةٍ جُمِعَ الرجالُ ليحملوا
نعشاً لِمَن سقطَ المُضحِّيَ والشهيدْ
حملوا الشهيدَ ، لِطولِكَرْمَ توجهوا
صوبَ المدينة للتَّعرُفِ والوعيد
لاذتْ جماهيرُ القضاءِ الى السكوتِ
عَلتْ مقاماتُ الشهيدِ الى المزيد
جثمانَهُ أخفى الجنودُ تسَتُّراً
في رَمْلَةٍ حفروا لهُ لحدَ الطريد
وَصَفيَّةُ الجلَّادِ أوفَى شاهدٍ
نصبتْ شريطاً قانياً فوقَ الصعيد
قامَ الغيورُ مِن العمومةِ والرِفاقِ
على الخيولِ بنقلِهِ البطلِ الفريد
وارَوهُ في رِمسِ الحمى مُتألِّقاً
مرفوعَ رأسٍ في ثرى الوطنِ الحميدْ
مرفوعَ رأسٍ للشهادةِ مُؤثِراً
خاض الجهادَ لأجلِ تحريرٍ مجيدْ
++++++++++++++++++
دُفنَ الشهيدُ بلحدِ والدهِ القديمِ
مخافةً الواشي القريبٍ أو البعيد
واليومَ ينبضُ في فؤادِ مناضلٍ
وله الخلودُ بقصَّةٍ يَرْوِي القصيد
بدمائه يُرْوِي الترابَ مُباركاً
يهبُ السنابلَ في المواسمِ والحصيد
حسين جبارة فيراير 2014
مقال منقول
11/02/2016 01:33 pm