كنوز نت - بقلم رانية مرجية




يا موت… مهلًا، ألا تتعب؟
بقلم رانية مرجية

يا موت…
يا حدًّا يقف عند تخوم الوجود
لا ليُرهبنا،
بل ليذكّرنا
أن كل لحظةٍ نعيشها
هي هديةٌ مؤقتة
تتوهّج في يد الزمن.
نراك قادمًا من بعيد،
لا كظلامٍ كما يتخيّل الناس،
بل كسؤالٍ قديم
يحمل في طيّاته حكمةً لا نفهمها بعد…
ونتحيّر أمامك
كما يتحيّر الضوء
حين يلامس نافذةً
لا يعرف ما خلفها.
تمهّل…
فالإنسان ضعيفٌ بما يكفي
ليتأثر بنسمة،
وقويٌّ بما يكفي
ليقوم بعد كل انكسار
وكأنه خُلق من صبرٍ أعمق
من جراحه.
نحتاج وقتًا
لنرتّب ما تبقّى في القلب،
لنمنح كلماتنا الأخيرة
حقّها من الصدق،
ولنودّع أحلامًا صغيرة
لم تجد وقتًا لتنضج.
يا موت…
نحن لا نرفض حضورك،
ولا نخاصم قدرك،
لكننا نرجوك الحكمة:
اقترب كما يقترب المساءُ الهادئ،
لا يُطفئ النهار،
بل يغيّر نبرته فقط،
ليترك للعالم فرصة
أن يلتقط أنفاسه.
لسنا نطلب خلودًا،
فالخلود أكبر من طاقتنا،
لكننا نطلب
أن تكمل أرواحنا ملامحها،
أن نقول للحياة:
كُنّا على قدرها،
وعشناها بامتنان،
وسمّينا الأشياء بأسمائها،
ولم نترك يومًا
مضى دون أن نحمله في القلب.
فتمهّل…
فعبق الوجود فينا
لم يقل كلمته الأخيرة بعد.
وفي كل قلبٍ هنا
ضوءٌ صغير
يستحق أن يستمر قليلًا،
قليلًا فقط…
قبل أن ينتقل
إلى جهةٍ أخرى من السلام.