امين صندوق المجلس المحلي حورة ، خريج جامعة هارڤارد الامريكية في الإدارة والسياسة.
حتى نلتقي - المطبات
بدأت بلدية رهط مؤخراً بإضافة عدد كبير من المطبات لشوارع المدينة، والحقيقة ان المطبات أصبحت جزء من حياتنا حتى أصبحنا لا نستطيع ان نتخيلها دون مطبات،ولا ادري من أين جاء في العربية كلمة مطب،واترك هذا الباب لصديقي الشاعر والكاتب صالح الزيادنه ليجيب على ذلك، واترك لصديقي الفنان سهل الدبسان مقارعة البلدية هل هي محقة او ظالمة ومجحفة في حق سيارات الشعب الرهطاوي والنقباوي على حد سواء، إلا ان موضوع المطبات اكبر بكثير من مجرد سرعة السيارات والحفاظ على حياة الناس، أن الامر يكاد يلامس كل جوانب حياتنا، فالمطب الاسفلتي وظيفته معروفة وصناعته سهلة نوعا ما، وقد وُجِد في الأساس لتخفيف سرعة السائق، ومع الزمن أصبحنا نؤمن بالمطب اكثر من أنفسنا التي تقود السيارات.
هناك انواع كثيرة من المطبات علينا ازالتها من حياتنا وأخرى علينا إضافتها تعالوا بِنَا نتفحصها سوية لنرى حالنا دون رتوش .
الاول مطب الغضب، هذا المطب هو مطلب الساعة، نظرة سريعة تدل على اننا ازلنا من حياتنا هذا المطب بغير حق، ويوم تمادينا في ابعاد المطبات اصبح الغضب يخرج من القمقم كالعفريت، سريعاً كالبركان يدمر ما حوله، فكم من علاقات أسرية وأخوية دمرت لغياب المطب، وكم من صداقة ونسب انتهى، وكم من جريمة ارتكبت لغياب هذا المطب، لغوار الطوشة(دريدلحام ) مقولة مشهورة ، عد للعشرة حتى لا تغضب، واحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الجانب كثيرة، فيا حبذا لو بدأ كلٍ منا برصف ورفع هذا المطب فلا يستطيع الغضب ان يتجاوزه بل وحتى لا يقترب منه ويختار طريقاً اخر.
هذا المطب لا تقيمه البلدية، هذا لا نستأجر احد ليضع له العدة الهندسية، هذا المطب لا يكون بقرار الا صاحب القناعة وحده لا غير.
الثاني مطب التبذير والبذخ، كل أسبوع إعلانات ودعوات الاعراس في قارعة الطريق والصحف،وفي كل اسبوع اسمع نفس القصة الكل يتذمر من المصاريف الغير منطقية بتاتاً، والأنكى ان المتذمر يستمر ولا يغير الواقع اذا وصل الامر اليهِ، طعام، شراب، دحية ، مصروفات نسائية تصل الى آلاف الشواقل والمضحك المبكي ان الأغلب يستدين او يجبر على فعل الآخرين، حتى لا ينتقص في القيل والقال، هذا المطب يجب ان يقام الان وليس غداً، فليس من المنطق أبداً لانه تصرف غير عقلاني بتاتاً، ويقول اننا لسنا مسؤلون عن تصرفاتنا بقدر ما هي مربوطة بالآخرين.
حدثني صديق اثق به ان شابا تقدم لخطبة ابنته وقدموا لاهلها وللجاهة عشاء كلفهم قرابة العشرون الف شاقل، وان ابنته احتاجت الى لباس للخطبة وغيرها من الترتيبات فاقت العشرة آلاف ، وأن المفاجاة كانت ان المهر كان أربعون الفاً، كيف لامة تفعل هذا ان ترتقي، هذا كله دون ان نصل الى تكاليف العرس القادمة على الأهل من طرف الزوج والزوجة.
الثالث مطب الملك العام، هذا المطب المغيب الذي يدمر ولا يعمر ، لقد توالت البلديات السابقة والحاضرة جميعاً على رفع هذا المطب لمصالح ضيقة، والبدوي بطبعه لا يعرف شي يشترك فيه الناس، فإما له او لغيره، هكذا أصبحت المدرسة، والحديقة والعيادة العامة مشاعاً فيتم الاعتداء على الملك العام فيدمر،
ويعتدى على الشارع وعلى الشجر وعلى الإضاءة، بل يصل الامر ان نرى المعتدي ثم نمر وكأننا لا نرى شيء، نستغرب ان مدارس بئر السبع دون حراسة فلا تسرق والمؤسسات كذلك ونحن ان لم تكن هناك حراسة فعلية فمصطلح الخاوة اقرب الى واقعنا، دخل الاجرام عالمنا من أوسع الأبواب لغياب هذا المطب، ندعو الى الحضارة ونحن نقوم بتمزيقها إرباً، علينا اعادة هذا المطب.
كثيرة هي المطبات التي علينا رصفها من جديد، وكثيرة تلك التي علينا ازالتها، ان العقول التي أوجدت عقلية مطبات السيارات كانت تتوقع ان نلائمها ونتعلم منها ان لا نسرع فنعود دون حاجة بعد فترة من الزمن لها، الا اننا فعلنا العكس اعتبرنا المطب اُسلوب حياة، فمن مطب الى مطب، إن مطبات الشارع اسهل ما نمر به فهي ان كانت في غير موقعها فضررها اكثر من الفائدة، إنما المصيبة ان تصبح الوسيلة هدفاً.
وحتى نلتقي أزيلوا المطبات الضارة من عقولنا وابنوا مكانها مطبات نافعة، تُوقف الضرر، وتجلب الخير، وتسعد الناس ودمتم بخير.
26/08/2016 12:33 pm