.png)
كنوز نت - حسن عبادي| حيفا
متنفَّس عبرَ القضبان (143)
حسن عبادي| حيفا
بدأت مشواري التواصليّ مع أسرانا الأحرار رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
أصدرت كتاباً بعنوان "زهرات في قلب الجحيم" (دار الرعاة للدراسات والنشر وجسور ثقافيّة للنشر والتوزيع) وتناولت تجربتي مع الأسيرات حتى أواخر شهر آذار 2024، حين تمّ منعي من الزيارات، وتم لاحقاً إبطال المنع بعد اللجوء إلى القضاء.
أواكب حرائر الدامون وأصغي لآهاتهن وأحلامهن بالحريّة، وأدوّن بعضاً من معاناتهن.
عملت على زيارة جميع الأسيرات، كما فعلت قبل السابع من أكتوبر وبعده؛
حين أغادر بوابة الدامون أتصل مباشرة بأهالي من التقيتهنّ، وأوصل بعدها رسائل باقي الأسيرات؛
حاولت إيصال صراخهن لكلّ بقاع العالم.
زيارة كرم موسى كانت متمّمة لقاء كل أسيرات الدامون (باستثناء اسيرتا غزة – الطلب قيد البحث)، وكانت رحلة موجعة.
عقّبت حنين وليد ياسين: "كل حكاية لأسيرة بقرأها بنفع تكون كتاب نسميه حكايات الأسيرات وكل باب عنوان لأسيرة ربنا يفرجها عليهم وتصير هالحكايا ذكريات".
وعقّبت شروق شرف (أسيرة محرّرة): "طبيعي يخصصولك فقرة يومية... كنا دائما نجيب سيرتك بالخير ونقول يا ريت يرجع يزور... الحمد لله، وإن شاء الله بطلعوا كل الأسيرات قريبا. الله يفرجها على سماح وكل الأسيرات يارب... الله يعطيك العافية أستاذ".
وعقّبت أم عمر: "الله يبارك فيك أستاذ حسن ويرضى عنك. زيارتك الدامون هي نسمة من الدامون وإلى الدامون. بتنا نترقبها باستمرار الحرية لحرائر الدامون".
وعقبت فاطمة جوهر: "لا حول ولا قوة إلا بالله. ما هذا القهر أليس لهذا الليل من آخر. اللهم كن لهن عونا وناصرا ونصيرا ومعينا على التحمل ولأهلهن الصبر والسلوان، اللهم فرجا قريبا بجاه حبيبك محمد وخليلك إبراهيم للأسيرات والأسرى ان ما ينقله لنا الأستاذ من أوضاعهن يدمي قلوبنا فالطف بهن وباهلهن يا الله وفرج كربهن وللأستاذ المناضل الذي نذر حياته وجهده لوطنه وأبناء شعبه فله كل التقدير والاحترام والدعاء أن يجزيه الله خير الجزاء الأخ حسن عبادي".
وعقبت الأسيرة المحررة شروق شرف تعقياً آخر: "لا حول ولا قوة الا بالله... زكرتني لما عملوا قمعة 25/9 صادروا كلشي من الغرف أواعي بلاستيكيات الأكل بوات شراشف ما خلوا اشي وجمعوهم بالساحة وتصوروا معهم سلفي وبعدها كبوهم... الله يهونها عليهم ويعجل بالفرج... الله يجزيك الخير".
وعقّب الصديق غالب مزيد (والد الأسيرة المحرّرة ديانا): "لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم حسبي الله ونعم الوكيل فيهم يا رب، اللهم الفرج القريب العاجل لها ولجميع الأسرى والأسيرات عاجل غير آجل يا رب يا رب يارب شكرا لك أستاذ حسن على هذا الواجب الإنساني العظيم يعطيك العافيه ما بتقصر مع الأسرى والاسيرات البواسل كل الاحترام والتقدير لك أستاذ حسن يا غالي".
وعقّب توفيق الداهود: "بماذا تشعر عندما تقرأ مثل هذا البوست؟ القهر، قلة الحيلة، الذل، أم بشعور لا يمكن وصفه؟ عندما أردت أن أضع like على هذا المنشور من قبل الأستاذ المحامي حسن عبادي والذي يحمل رسالة لنا جميعاً في هذه الأمة المنكوبة تقول...أحسن ما تقولوا إنكم ما بتعرفوا... هيني خبّرتكم وبالتفصيل. أقول احترت هل أضع sad وأبكي كما يبكي العجزة (ولا أقول كما تبكي النساء) لأن موضوع هذا المنشور نساء هن أشجع وأرجل من أغلبنا ولا أستثني نفسي، أو أضع angry وقد انتفخت أوداجي لأظهر غضبتي الغضنفرية؟ ولكن سامح الله حسن عبادي فقد وضع أمامنا مرآة لنرى عجزنا وذلّنا وقلّة حيلتنا! نسمع عن الأسيرات في سجون المجرمين المحتلين ولكن هل كان أن يمكن أن يخطر ببالكم ما يواجهنه يومياً؟ هينا اعرفنا...فماذا نحن فاعلون؟! أو لا فاعلون؟!".
- "صرت عيّوطة"
زرت ظهر الأحد 27.07.2025 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب، لألتقي بالأسيرة سماح بلال صوف حجاوي (مواليد 18.08.1999) من قلقيلية.
أوصلتها سلاما خاصا من عبود، عبود بألف خير الحمد لله وصحته تمام التمام، زي أول وأحسن بكثير. الحمد لله فرحان ولليوم مش مصدق أنو حُر، ويوم استقبالو كلشي كان بأحسن ما يكون والكل انبسط وأجا هنّاه. وبسلم عليك وبحكيلك ديري بالك عحالك كثير وتقلقيش الحرية قريبة، فبكت بكاء الفرح.
هاي الحبسِة الثالثة، أصعب حبسِة، ملحقتش أعيش جو الحريّة في الترويحة السابقة (روّحت بصفقة تبادل الطوفان)، بتذكرّ لمّا زرتني في الحبسة اللي فاتت؟
اعتقلوني يوم 01.04.25، كذبة أول نيسان، حاسّة الحبسة كذبة، الساعة ثلاث الفجر، حوالي 70 مجنّد وجنديتين اقتحموا البيت، مفكّرتش جايين إلي، فكّرت لواحد من الجيران وفاتوا بيتنا بالغلط، اعتقلوني مع بابا ع شان بدهم الجوال، ورقة ضغط، أخذوني لمعسكر قلقيلية 4 أيام، الشارون يوم وليلة برفقة فاطمة جسراوي، والدامون.
سماح بغرفة 10؛ برفقة بشرى قواريق، تسنيم عودة (لا تقلقي يمّا، هل خلّفت أختي سجود؟)، كرمل (منيحة، 49 كيلو مع الكلبشات، وأخيراً عرفت ليش أمجد صار يوكل كل شي)، ماسة غزال وشهد دراوشة.
بحلم بعبّود، وبدّي أطمّن عليه. بالله عليك حاكيه وطمّنه عليّ.
ليش التقاعس وما حدا بزور؟
الوضع في الدامون سيئ كثير، أسوأ مرحلة، قمعوني وعزلوني، شتائم ومسبّات كل الوقت، "السجّان: طلعتِ بسبب حماس وهيّك رجِعتِ"، بهدّدوني كل الوقت بالعزل والغاز.
طلبت إيصال سلامات ورسائل لأهالي الأسيرات انتصار، سيرين (سلام لمديرتها؛ هل برجّعوني ع الدوام ولّا إجازة؟)، ميسون (جوزي ما يدفع الكفالة، مروّحات)، لإيمان شوامرة (بدّي يوسف يستقبلني على أحسن طراز)، وياسمين.
صرت عيّوطة لما جبتلي خبر ترويحة أخوي. أوّل مرّة بعيّط من يوم الحبسة. ضحكتي بسمعها كل القسم.
مشتاقة لملامح ابن أختي وأهلي. بحلم فيهم كلّ الوقت.
بدّي عبّود يستقبلني.
أحرجتني حين ودّعتها قائلة "أنا بإم بالصبايا، وبعد صلاة العشاء فقرة مخصّصة إلك، دعاء القنوت."
- "أحلى بليلة"
بعد لقائي بسماح أطلّت الأسيرة كرم محمد صادق موسى (مواليد 16.09.1971) من صرّة/ نابلس، مدرّسة رياضيات 28 سنة، والدة مجاهد وساجد وأحمد وضحى، وجدّة زين وسالي وكندة، ومِسك.
جبتلّي أخبار كِندة؟ أخبرتها أن زين بتدرب بسكليت صارت تسوق بلا مساعدة ورح ترجع للمدرسة بشهر 8، سالي لما يرن التلفون بتفكر انه انتِ، البنات بضلين يحكين طوّلت تاتا كرم وينتا بدها تروح، كندة هادية جداً مرضية وما بتغلب والحمد لله أمورها تمام، كندة حلوة بتشبه زين (حفيداتها بأمريكا)، ومسك بتحكي تاتا وبابا وبدت الشهر الماضي تحبي، من جديد صارت تتركى وتمشي عالكنب وصار بتمها 8 أسنان فانفرجت أساريرها ووعدت بأحلى بليلة.
أوصلتها سلامات الأهل، وخبر تخرّج ساجد (مساحة/ جامعة النجاح) "ساجد أهدى مشروع التخرج إلك، دكاترته انبسطوا ومشروعه أخد أعلى علامة بالقسم كله والكل دعالك بالقاعة"، والدتها "أنا بحيفا وإمي بنابلس، بدي أطلع وأشوفك بخير، حيفا مش بعيدة. بالله عليك خذ تليفونها وحاكيها"، ومجاهد ما لقّط اللوزة بستنى تطقشو لوز سوا، هو منيح وداير باله عالكل.
بتسلّم ع الكل، وبتبارك لرشيد الغالي وأمه بالتخرّج، وسلام خاص لجميع خيّاتها الغاليات المؤنسات، حبيبات الروح والقلب، وسلام خاص لإخيها سمير، ولزوجها وأولادها وكنّتها رند.
روحيّة الغالية: حفّظت جميع الأسيرات الصلاة ع النبي اللّي علّمتيني إياها وكل أسيرات الدامون بردّدنها بالمساء.
نبيلة حبيبة روحي يا غالية، ديري بالك على أمّي.
اعتقلوني يوم 25.02.25، وحدة ونص بالليل، جنود كثار وبدون مجنّدات، تكسير بتكسير. حوالي 70 مجنّد وجنديتين اقتحموا البيت وأخذوني.
كرم بغرفة 7؛ برفقة دلال حلبي وفاطمة جسراوي.
الوضع في الدامون سيئ جداً؛ 16 حالة مغص وإسهال، حبوب ع الجلد (الحوفيش يسخر: إشربن ميّة وتحمّمن أكثر وغسّلوا بالصابون منيح كثير... الميّة من 3 أسابع بتنزل بيضا من الحنفيّة، فش عنّا صابون كفاية والحمام وقت الفورة الوحيدة!).
بالفحص بيّن دهنيات بالدم؟ في الخمس شهور أكلت 125 بيضة، أكثر ممّا أكلت كلّ حياتي.
حطّوا قزاز الشباك وسكّروه، خزقوا فيه 15 خزق صغير قد المسمار. وضع الحوامل صعب، بنعطيهن من وجباتنا الضئيلة.
بقمعة 10.06 اعتقلوا الجلبابة والسجان صار يرقص معها بالساحة.
بنام باليانس رغم الحم والشوب لأنّهم السجانين بفوتوا ع الغرف بنصّ الليل.
طلبت إيصال سلامات ورسائل لأهالي الأسيرات انتصار، فاطمة (شو مع توجيهي أخوي)، وإسلام (شوفوا شو مع أخوها محمد ونقابة المهندسين في الأردن) وبنان.
بحياتك لمّا تنشر عن الزيارة إرفق صور حفيداتي؛ بنات ضحى...ومسك. (اللهم أصنعهم على عيني).
لكما عزيزتيَّ سماح وكرم أحلى التحيّات، والحريّة لكما ولجميع أسرى الحريّة.
الدامون/ حيفا تموز 2025
.png)
19/10/2025 10:26 am 34