.png)
كنوز نت - بقلم: سليم السعدي
الادعاء الصهيوني المضلل… بين الحقيقة القانونية والفضيحة الأخلاقية
بقلم: سليم السعدي
منذ عقود، يكرر الاحتلال الصهيوني روايته المضللة التي تزعم أن المقاومة الفلسطينية تطلق صواريخها من داخل الأحياء السكنية، في محاولة لتبرير قصفه العشوائي والممنهج للمناطق المدنية، بما يشمل المدارس والمستشفيات ودور العبادة. هذه الذريعة الجاهزة ليست سوى غطاء سياسي وإعلامي لإخفاء جرائم حرب مكتملة الأركان.
المفارقة الصارخة، والتي يتغافل الاحتلال عمداً عن كشفها، أن بنيته العسكرية والأمنية متمركزة في قلب المدن الصهيونية المأهولة بالسكان. فالمطارات العسكرية، ومقار الأجهزة الأمنية، ومخازن السلاح، ومراكز القيادة والسيطرة، كلها تقع داخل أو بمحاذاة التجمعات السكنية الكبرى، ما يعني أن الكيان ذاته هو من يمارس سياسة الدروع البشرية التي يدعي زيفًا أنه يواجهها.
انتهاك للقانون الدولي الإنساني
القانون الدولي الإنساني، وخصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، يحظران بشكل واضح استخدام المدنيين كدروع بشرية، ويؤكدان على التمييز الصارم بين الأهداف العسكرية والمناطق المدنية. كما تحظر المادة (51) من البروتوكول الإضافي أي هجمات عشوائية لا تميز بين المدنيين والمقاتلين، وتعتبر قصف المستشفيات والمدارس جريمة حرب صريحة.
بناءً عليه، فإن القصف الإسرائيلي الممنهج للمناطق المأهولة بذريعة “إطلاق النار من داخلها” يعد انتهاكًا مزدوجًا: أولًا، لأنه لا يثبت بالأدلة الميدانية أمام لجان التحقيق المستقلة، وثانيًا، لأنه يغض الطرف عن حقيقة أن الاحتلال نفسه يدمج بنيته العسكرية وسط المدنيين، في مخالفة فاضحة لما يفرضه القانون الدولي من واجب إبعاد الأهداف العسكرية عن السكان.
البعد الأخلاقي والسياسي
إن هذه السياسة الممنهجة تكشف عن عقلية استعمارية ترى في المدني الفلسطيني هدفاً مشروعاً للعقاب الجماعي، في محاولة لكسر إرادة الصمود والمقاومة. وهي ذات العقلية التي تحوّل القانون إلى أداة انتقائية، تُستخدم ضد الضحية، بينما يتمتع الجلاد بحصانة سياسية توفرها قوى دولية منحازة.
لقد آن الأوان للمجتمع الدولي أن يتوقف عن ابتلاع هذه الرواية الصهيونية المضللة، وأن يتحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية في حماية المدنيين الفلسطينيين، ومحاسبة مرتكبي الجرائم وفق مبدأ عدم الإفلات من العقاب. فالحقيقة واضحة، والوقائع موثقة، وكل يوم يمر دون محاسبة، هو وصمة عار على جبين الإنسانية.
08/08/2025 09:33 pm 85