.jpg)
كنوز نت - بقلم: رانية مرجية
️ الساحة الأدبية تتّسع للجميع والكاتب الحقيقي هو من يحتفي بزملائه الكتّاب
بقلم: رانية مرجية
كاتبة وشاعرة وصحافية فلسطينية
في زمنٍ اختلطت فيه المنابر بالمراتب، والكتابة بالحسابات، والشهرة بالمؤامرات الأدبية الصغيرة، علينا أن نُعيد تعريف الأدب بوصفه فعلًا نبيلًا، وأخلاقيًا أولًا وقبل كل شيء.
فالكاتب الحقيقي لا يكتب ليُقصي، ولا يبدع ليُبقي الأضواء على ذاته فقط، بل يكتب لأنه ممتلئ، ومن امتلأ لا يخشى أن يمنح.
بل إن الكاتب الحقيقي، ذاك الذي نحترم قلمه لا لعدد ما نشر، بل لنبض ما كتب، هو من يفسح في قلبه وفكره وروحه مكانًا للآخرين.
ليس هناك ضيق في سماء الأدب
الساحة الأدبية ليست ملكًا لأحد. هي فسحة مفتوحة لمن يملكون الجرأة أن يُعبّروا عن وجعهم، ولمن يملكون الصدق أن يكتبوا من دون أقنعة.
وإذا كانت القلوب تتسع لأكثر من حبّ، فالساحة الأدبية تتّسع لأكثر من قلم.
ليس من العدل – ولا من الأدب – أن يرى بعض الكتّاب في ظهور كاتب جديد تهديدًا أو منافسة. فهل القصيدة الجميلة تُلغي التي قبلها؟ وهل الرواية الصادقة تُقصي ما سواها؟
إننا جميعًا نكمل بعضنا بعضًا، وما لا أكتبه أنا، قد يكتبه آخر بطريقته، بلغته، بحقيقته الخاصة.
لا يكبر الكاتب إلا حين يرى غيره كبيرًا
إننا نكبر بأخلاقنا، لا بتصفيق الجمهور لنا. والكاتب الذي لا يحتفي بزملائه، ولا يقرأ لهم، ولا يشجعهم، هو – في الحقيقة – يخشى أن يُرى على حقيقته.
الكاتب الأصيل يعرف أن المجد الحقيقي لا يأتي من تجاهل الآخرين، بل من دعمهم.
هو لا يخشى أن يوصي بكتاب جميل كتبه غيره، ولا أن يشارك قصيدة لم يكتبها، ولا أن يكتب مقدمة لديوانٍ لزميل جديد.
الكتابة ليست حلبة، بل بيت. بيت واسع يتسع للجميع، شرط أن ندخله بصدق، وأن نعامل من فيه بنديّة ومحبة.
ثقافة التصفيق للذات وحدها… ثقافة هزيلة
نعيش اليوم في زمن كثرت فيه المنابر، وقلّت فيه الأيادي التي تصفّق للحقّ.
بات كثير من الكتّاب لا يقرأون إلا نصوصهم، ولا يُشيدون إلا بأنفسهم، وكأنهم يخشون أن يُقال إنّ لغيرهم أيضًا موهبة.
لكنّ الكاتب الحرّ، النبيل، الشجاع، هو الذي ينتصر للكلمة الجميلة أينما كانت. لا يهتم من كتبها، بل كيف كُتبت، ولمن تنتمي.
دعونا نكون كتّابًا لا نجومًا
ليتنا نتوقف عن التهافت على الألقاب، والمناصب، والجوائز، والعدد. ليتنا نكتب لأننا نؤمن، لا لأننا نريد التصفيق.
أدعوكم من القلب:
اقرأوا لبعضكم، احتفوا ببعضكم، لا تخشوا أن يقول أحدكم لزميله: “كتبتَ نصًّا أجمل مني اليوم، فهنيئًا لك!”.
فنحن لا نُضيء حين نخطف النور، بل حين نُشعل قنديلًا في يد زميلٍ لنا في درب الإبداع.
في النهاية، أقول:
إن لم يحتفِ الكاتب بزملائه الكتّاب، فمن يفعل؟
وإن لم نمدّ نحن أيدينا لبعضنا، فكيف نبني ساحةً نكتب فيها بحرية، ونقرأ فيها بكرامة؟
دعونا نكتب بمحبة، ونقرأ بامتنان، ونصفّق للآخرين دون عقدٍ أو حسد.
فهذا، بحق، ما يليق بكتّاب يحملون قضية، وأقلامًا تنبض حياةً وكرامة
07/08/2025 08:31 am 64