كنوز نت - بقلم: سليم السعدي


هل تقوم إسرائيل بالعمل القذر نيابة عن الغرب؟

بقلم: سليم السعدي

في عالم السياسة، لا مكان للمثالية، بل هي لعبة مصالح وتحالفات وتحركات في الظل، وغالبًا ما تنفذ بعض الدول ما يُعرف بـ"العمل القذر" لتجنّب الحرج الأخلاقي أمام الرأي العام أو القانون الدولي. وفي قلب هذا المشهد العالمي، تبرز إسرائيل كلاعب محوري، تُطرح حوله علامات استفهام كبرى: هل تمثل إسرائيل أداة الغرب في تنفيذ سياسات لا يستطيع التصريح بها علنًا؟ وهل تقوم بدور أمني وعسكري نيابة عن القوى الغربية؟

إسرائيل... نبتة الغرب في الشرق

منذ إعلان قيامها عام 1948، ارتبطت إسرائيل بالغرب بعلاقات استراتيجية متينة، خصوصًا مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ومن بعدها أوروبا. ولم يكن ذلك الدعم مجرد تعاطف تاريخي أو ديني، بل كان نابعًا من رغبة الغرب في زرع كيان قوي وموالٍ في منطقة ذات أهمية اقتصادية وجيوسياسية هائلة.

لم تكن إسرائيل فقط دولة "لاجئين"، بل كانت حصنًا متقدمًا يخدم المصالح الغربية في مواجهة المد القومي العربي، ثم لاحقًا المد الإسلامي، وتحديدًا إيران ومحور المقاومة.

العمل القذر... المصطلح الذي يصعب إنكاره

عندما نتحدث عن "العمل القذر"، فإننا نعني العمليات التي تنتهك القوانين الإنسانية والدولية:

اغتيالات خارج حدود الدولة.

احتلال أراضٍ بالقوة.

تصفية معارضين.

حروب استباقية غير مبررة.

فرض حصارات وتجويع جماعي.


كل هذه الأفعال نجدها موثقة في سلوك إسرائيل، خصوصًا تجاه الشعب الفلسطيني، من مجازر دير ياسين وكفر قاسم، إلى اجتياح بيروت، وقصف غزة، وسياسات القتل العشوائي تحت ما يُسمى "الردع"، دون أن تُحاسب دوليًا.

لكن المثير للتساؤل، لماذا تُغضّ الدول الغربية الطرف؟ لماذا لا تُفرض العقوبات؟ الجواب يكمن في شراكة غير معلنة، قوامها أن إسرائيل تفعل ما لا يستطيع الغرب فعله علنًا.


شراكة الظل: استخبارات، تصفيات، تجارب

إسرائيل متورطة في عمليات اغتيال لعلماء في إيران، وسوريا، ولبنان.

تُشارك في مراقبة الأنظمة والحركات المناهضة للغرب في إفريقيا وآسيا.

تُستخدم كقاعدة متقدمة لتجريب الأسلحة، أو تصدير التكنولوجيا الأمنية.


هذه المهام، التي لا تستطيع القوى الغربية تنفيذها بسبب الرأي العام الداخلي أو القوانين، توكل إلى حليف يُجيد العمل في العتمة.

الشعب يدفع الثمن... والسياسي يربح

الغرب، الذي يدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان، يغض الطرف عن الاحتلال، ويكتفي بالتصريحات المائعة عند قتل الأطفال وتدمير المنازل. فإسرائيل تقدم للغرب وظيفة بالغة الأهمية: إنها تثبت القوة دون حاجة لتدخل غربي مباشر.

لكن من يدفع الثمن؟ إنه الشعب الفلسطيني الذي يُحاصر ويُقتل وتُسرق أرضه يوميًا، دون أن يتحرك الضمير العالمي إلا بالبيانات.

الوجه الآخر: الشعوب الغربية ليست راضية

رغم هذا التحالف، فإن ملايين الغربيين – وخاصة في السنوات الأخيرة – خرجوا في تظاهرات حاشدة دعماً لفلسطين، ورفضًا للتواطؤ مع إسرائيل. الجامعات، النقابات، والمؤسسات المدنية باتت تُحرج حكوماتها.

وهذا يُظهر أن إسرائيل، وإن بدت أداة للغرب، فإن سياساتها بدأت تكشف عورات الغرب الأخلاقية أمام شعوبه.


خاتمة:

إسرائيل، بسطوتها العسكرية، ودعم الغرب لها، تُجسد فعلاً في كثير من الأحيان صورة "المنفذ لأعمال قذرة" لا يريد الغرب أن يُتهم بها.
لكنها في الوقت نفسه، ليست مجرد أداة، بل كيان لديه مشروعه، وأيديولوجيته، وطموحه الذي قد يصطدم حتى بحلفائه.

وإذا أراد العالم أن يكون صادقًا مع مبادئه، فعليه أن يتوقف عن التعامل مع إسرائيل كأداة، وينظر إلى الحقيقة: أن هناك كيانًا يُمارس الاحتلال والفصل العنصري، ويجب محاسبته، لا تغطية جرائمه.

سليم السعدي
كاتب وفنان تشكيلي فلسطيني