كنوز نت - بقلم الكاتب الفنان : سليم السعدي


مضيق هرمز وهاجس الانفجار الإقليمي: هل تقودنا التهديدات الإيرانية إلى حرب عالمية ثالثة؟
بقلم الكاتب الفنان : سليم السعدي
من جديد، يعود مضيق هرمز إلى واجهة الأحداث، ليس فقط كمعبر نفطي استراتيجي، بل كمؤشر حساس على التوترات المتزايدة بين إيران والغرب. ومع تصاعد التصريحات الإيرانية المهددة بإغلاق هذا الشريان الحيوي، يتزايد القلق من أن أي خطأ استراتيجي أو تصعيد غير محسوب قد يشعل مواجهة واسعة قد يتجاوز صداها حدود الخليج. 
أهمية المضيق في معادلة القوة
يُعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم، حيث تمر عبره حوالي خُمس صادرات النفط العالمية، ما يمنحه ثقلًا جيوسياسيًا بالغًا. من هنا، تدرك إيران أن التلويح بإغلاقه ليس مجرد عمل عسكري، بل ورقة ضغط تمس النظام الاقتصادي العالمي، وتضع القوى الكبرى أمام حسابات معقدة.
لكن هل يعني هذا أننا نقترب فعليًا من حرب عالمية ثالثة؟
 التهديد كأداة استراتيجية
تاريخيًا، لم تتجاوز التهديدات الإيرانية بإغلاق المضيق حدود التصعيد اللفظي أو المناوشات المحدودة. فإيران، رغم خطابها الثوري، تعتمد على أسلوب "التصعيد المدروس"، وتتفادى الانخراط في مواجهات مباشرة شاملة. تهديدات الإغلاق تُستخدم أساسًا كرسالة سياسية موجهة إلى الولايات المتحدة ودول الخليج، مفادها أن الضغط على إيران، سواء عبر العقوبات أو دعم إسرائيل، لن يكون دون كلفة .
حرب عالمية؟ السياق لا يدعم
الحديث عن "حرب عالمية ثالثة" يقتضي وجود معسكرات دولية متقابلة في حالة صدام مباشر، وهو ما لا يتوافر في السياق الحالي: 
•الولايات المتحدة قد ترد بقوة على أي إغلاق للمضيق، لكنها لا تسعى لصراع شامل. 
•روسيا والصين، رغم شراكتهما السياسية مع إيران، لا تبديان استعدادًا للانخراط في نزاع مفتوح دفاعًا عنها. 

•أوروبا تركز على احتواء الصراع لا توسيعه 
وبالتالي، فإن أي مواجهة في الخليج – حتى لو كانت دامية – ستظل محصورة ضمن الحيز الإقليمي ما لم تنزلق الحسابات نحو مواجهة غير قابلة للضبط.
الاحتمال الأرجح: اشتعال متعدد الجبهات
الخطر الحقيقي لا يكمن في إغلاق المضيق بحد ذاته، بل في اندلاع مواجهة متعددة الجبهات عبر وكلاء إيران في:
•اليمن (الحوثي)
•لبنان (حزب الله)
•العراق (الميليشيات الشيعية)
•سوريا (الوجود الإيراني العسكري)
مثل هذا السيناريو قد يُشعل صراعًا إقليميًا واسعًا، يتداخل فيه الأمن الطاقي مع الهويات الطائفية والاستقطاب السياسي العالمي، وهو ما يجعل المنطقة عرضة لانزلاقات حادة قد تجر أطرافًا دولية في مرحلة لاحقة
الردع المتبادل وحدود الانفجار
حتى الآن، لا تزال كل الأطراف تُدير الأزمة تحت سقف "الردع المتبادل"، حيث تسعى كل جهة إلى تجنب الحرب دون التنازل عن أوراقها. لكن التاريخ يُعلّمنا أن الأزمات التي تُدار بهذه الطريقة تبقى دومًا مهددة بالانفجار، خصوصًا حين تتعدد الأطراف ويتداخل الفعل العسكري مع الرسائل السياسية
خاتمة: بين اللعب على الحافة والوقوع فيها
من غير المرجّح أن تقودنا التهديدات الإيرانية الحالية إلى حرب عالمية ثالثة، لكن المؤكد أننا نقف أمام مرحلة خطيرة من التوتر الذي إن تُرك بلا احتواء، قد يتحول إلى حرب إقليمية كبرى، تُعيد تشكيل خرائط النفوذ والممرات الاستراتيجية، وتزيد من تفكك النظام العالمي المتصدع أصلًا
إن مفتاح النجاة من هذا السيناريو لا يكمن فقط في التهدئة العسكرية، بل في إعادة التفكير بالعلاقات الدولية من منطق التعاون لا الهيمنة، وبوقف استخدام المضائق والثروات كسلاح في صراع القوى الكبرى على حساب استقرار الشعوب