كنوز نت - بقلم الكاتب والفنان سليم السعدي


" انا انسان " 

  • بقلم الكاتب والفنان سليم السعدي 


 " انا انسان " 
انا لست مجرد رقم في سجلاتكم ولا حالة هامشية تمر امام اعينكم دون اكتراث . 
انا انسان يا نتنياهو ويا بن غفير ويا سموتريش يا اولاد الحمقى والحمير ، كنت هنا منذ البداية ، وسابقى ما دام لي نفس ، وما دام في . " قلبي نبض يصر ان يقول " : انا موجود لقد سئمنا ان نختزل في كلمة " اقلية " ، او نوصف باننا . " ضحايا جانبون " او " اضرار فرعية " سئمنا ان تروي حكايتنا بلسان غيرنا ، وان تقال احلامنا بصوت لا يشبهنا لماذا لا يسمح لنا ان نتكلم ؟ لماذا نصبح صدى في احسن الاحوال ، او جدارا يسند عليه الاخرون صراخهم في اسوئها ؟ . انا انسان 


لدي ذاكرة ، ليست ورقا ابيض تنتظر ان يكتب فوقها ، بل حبر حي ، يسيل من عمق التجربة ، من ملامسة المعاناة ، من السقوط والقيام ، من الحب والخسارة ، من الوجود في عالم يصر ان يتجاهلني . 
انا لست شبحا في شوارع المدينة ، ويمكن القول ايضا نحن لسنا اشباحا في شوارع المدينة ، ولا ظلا يتسلل في ليل المجازر ، انا او نحنا من يعد الخبز في الصباح لاولاده ، انا او نحن من ينظف الطريق ليمشي غيري او غيرنا في امان .انا ونحن من يزرع الارض ، ويحمي الجدار ، ويغني او نغني للفرح رغم كل شيئ . 
اعرف انني لست مثاليا او نحن لكن من منكم بلا جراح ؟ من منكم لم ينكسر ذات يوم ؟ انا لا اطلب شفقتكم ، بل احترامكم لا اطلب صدقة كرامة ، بل اعترافا صادقا بان لي حيزا ، لي حقا ، لي مكانا بينكم 
انا انسان ونحن بشر وهذا بحد ذاته رسالة رسالة تقول انني املك الحق ان احب ، ان اسمع ، ان اكون . جزءا من الصورة ، لا فقط خلفيتها انا لست فائضا عن الحاجة ، ولا خطأ في المعادلة 
انا انسان ، وهذا يكفي . يكفي لان ادعي باسمي ، لا بلقبي . ان ارى كما انا لا كما يراد لي ان ابدو ان اعمل بكرامة لا بتسامح مشروط . فلا تسالوني لماذا اتكلم الان . اسألوا انفسكم لماذا صمت كل هذا الوقت لماذا اضطررت ان اخفي صوتي ، انا اخيطه بالحذر ، وان اتعلم . فن الصمت كي اعيش انا انسان ، واريد ان اعيش ان اتنفس دون خوف ان احب دون حساب ان امشي في طريقي دون ان اخاف من كوني انا ...انا انسان 
لا تحاصرني جغرافيا ، ولا تحدني خرائط انا في كل مكان تطؤه الاقدام ، وفي كل زاوية يسكنها الامل او يئن فيها الوجع انا ذلك الصوت الخافت حين يصمت العالم ، وتلك الصرخة . العالية في وجه الظلم حين يخنع الجميع لكني لست ككل من يطلق عليهم هذا الاسم ، فالانسانية ليست كلمة تمنح بل مقام يرتقى اليه ثمة من يحملون وجهي ، لكن قلوبهم خاوية ، ارواحهم . مكسورة ، او ربما مسمومة 
كاذبون ... منافقين ... مجرمون يختبؤن خلف وجوه . مصطنعة لو شبهناهم بالحيوانات ، لظلمنا البراءة التي في الحيوان ، فالحيوان لا يعرف الخداع ولا يلبس الف قناع في يوم واحد رايت منهم الويلات ، رايت في اعينهم خيانة لا يطفئها ماء ، . وفي اياديهم جراحا لا تلتئم لكني رايت في بعضهم ايضا كرما يفيض كأن قلوبهم شقت من نور وهم قلة ... قلة في بحر اغلبه من التعساء ، . اولئك الذين تسلل الحزن الى ملامحهم وسكن تفاصيلهم . في عالهم ، الظلم ليس استثناء ، بل قاعدة وفيهم من يضرب بالحق عرض الخائط ، . ويكسر المعاني من اجل مصلحة عابرة ، او رغبة عمياء ... ان تكون انسانا 
ليس ان تمشي منتصبا على قدمين ، ولا ان تتقن الكلام ، . بل ان تفهم جوهر الكلمة ... ان تكون انسانا حقا ان تحيا بضمير ، ان تنصف الضعيف ، ان تقف في وجه الباطل ، . ان تراى في الاخر مرأتك ، لا فريستك فالانسانية ليست أدعاء ... بل امتحان يومي . في الصدق ، في الرحمة ، في المواقف الصعبة