كنوز نت - بقلم الفنان : سليم السعدي

" يا ابناء الداخل ... من سرق البوصلة من صدوركم ؟ 

في زمن صار فيه القاتل حكما ، والمحتل شريكا في " السلام " ، والشهيد مجرد صورة على جدار ، نتسال : اين انتم يا ابناء الداخل ؟ يا من ولدتم على ارض لم تفطم عن جراحها ، فكيف ترضعون من ثدي الذل وتتفاخرون بالمصالحات مع من ذبح امكم ودفن اباكم ؟ 
كنا نظن ان عرب الداخل اخر معاقل الكرامة ، لانكم تشربتم النكبة مع الحليب ، وحملتم ذاكرة البلاد في جيناتكم ، لكن ما نراه اليوم : شباب تائه ، يقتل اخاه لا عدوه ، ييجد للفتات " الدمقراطية " التي يرميها الاحتلال بين اقدامه ، ويصفق لمن يهدم بيته ، فقط لانه القى له خبزة ! 
منذ متى صار الخلاص في يد مغتصب الارض والعقل ؟ 
منذ متى صار التعاون مع الجلاد سياسة ، والصمت امام الجريمة حكمة ، والهوية سلعة تباع في انتخابات وهمية ؟ 
منذ متى صارت حيفا ويافا وعكا مسارح للغناء الصهيوني ؟ منذ متى صار ابناؤنا يقفون مع المجرم لا مع الضحية ؟ يا اهلنا ... هل نسيتم ان من يقتل ابنائكم في الشوارع يغطى من اعلى الهرم السياسي الصهيوني ؟ هل نسيتم ان من سلح المجرمين ، هو ذاته من قتل حلمنا بامن وعدالة ؟ 
هل نسيتم ان من يحكمكم لا يريد بكم خيرا ، بل يريد تاكلكم الذاتي حتى ترتاح مؤسساته الامنية من عناء مقاومتكم ؟ عودوا للبوصلة ... لا خلاص لكم بغير وحدتكم . لا امل لكم بغير شعلة الوعي . لا كرامة لكم ان خنتم دماء من سبقوكم . اصحوا قبل تصبحوا غرباء في ارض ولدتم فيها ، اصحوا قبل ان يتحول صراخ الامهات الى موسيقى تطرب المحتل ، اصحوا ... فانتم لستم اقل من غزة التي تقصف وتقوم ، ولا اقل من جنين التي تحاصر وتبني ، ولا اقل من شعب ما زال يراهن على نخوتكم فهل خذلتموه ؟ احذروا ان تكونوا اخر مسمار في نعش القضية ، فمن فقد البوصلة فقد الطريق ، ومن فقد الطريق ... فقد نفسه .
في زمن صار فيه الخاين زعيم ، والجبان مفكر حاله حكيم ، بنسال وجع ، مش سؤال : وين رايحين ؟ كيف رضيتوا تعيشوا في حضن اللي سرق ارضكم ، وخلع ثوب حياءكم ، وخلى دمكم يسيل بايدين بعضكم ؟ صرنا نشوف شوارعنا مسرح للدم ، بيوت بتنوح امهات بتدفن اولادها ، والقاتل معروف ... بس ما حدا بيحكي ! ليش ؟ لانو صرنا نستحي نحكي كلمة " مقاومة " ونركض ورا وظيفة ، ورا سكن ، ورا جنسية ! 

بس السؤال : باي ثمن ؟ 
" اللي ببيع عرضه عشان رغيف ، راح يبيع عرضه بكرا علشان ولا شيى ". 
يا ناس ، الاحتلال مش بس بسرق ارضنا ، سرق عقلنا ، لغتنا هويتنا ، خلانا نحارب بعض ، نكره بعض ، ونستحي من اصلنا . صار اللي بيحكي " انا فلسطيني" يسكنوه واللي بيغني للمحتل ، يرفعوه فوق ! 
وين النخوة ؟ وين الشهامة ؟ 
صرنا مثل الغنم بلا راعي ... والراعي الحقيقي قتلوه ، او سجلوه عندهم ارهابي " . 
يا اهل الداخل ... احنا مش اقل من غزة اللي لليوم بتقاوم ، رغم الجوع والدم . احنا مش اقل من جنين اللي كل مرة بيحاصروها ، بترجع اشرس . فليش صرنا احنا نطبطب على الجلاد ونطلب منه العدل . اللي ما له كبير ، يضيع ،" واحنا كبيرنا فلسطين ، ترابها ، تاريخ ، ناسها . 
وانتو ركيزة هذا الوطن ، قلبه ، صوته اللي لازم يصرخ مش يسكت ! ارجعوا للبوصلة ... هي مش ضايعه ، بس انتو غمضتوا عيونكم عنها . 
صحو ضميركم ، لانو اللي نايم ، بيصحو بس اللي ميت من جوا ؟ صعب يرجع ! قالوا : اذا اردت ان تقتل شعبا ... اقتل روحه اولا " 
فلا تخلوهن يقتلوا روحكم ، رجعتكم للميدان ، للوحدة ، للمقاومة ، هي اللي راح تشعل النور ، وتكسر الظلمة .