كنوز نت - بقلم سليم السعدي


" دين الحق وخاتم النبيين "

لكل من لا يؤمن برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نقول ، كفاكم شيطنة ونكران ، فموسى نبيكم مات ولم يعرف له قبرا او مدفن ، وعيسى عليه السلام مات ولا يعرف له مدفن ، اما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولانه خاتم النبيين جعل الله مدفن معروفا وهو موجود في المدينة المنورة، في المسجد النبوي الشريف ، بينما اماكن دفن النبي موسى والنبي عيسى عليهما السلام ليست معروفة بشكل يقيني ، خصوصا مع الاختلاف حول عيسى عليه السلام في العقيدة الاسلامية، حيث يعتقد انه رفع معنويا ولا يعرف مكان دفنه ، علل البعض حسب رؤيته ان وجود قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم المعلوم والمشهود يحمل : رمزية معينة . كونه خاتم الانبياء ، فوجود قبره قد يكون بمثابة تذكير دائم بانسانيته ، ويترك بعد الاتباع والاقتداء ، وبان رسالته مكتملة وخاتمة ، فمن يتبعه لا ينتظر نبيا بعده ، بل يتبع رسالته التي ختم بها الوحي ، وكان في ذلك ختما ملموسا للدعوة . القران يذكر بوضوح ان النبي بشر : تاكيد على بشرية النبي . يموت مثل سائر البشر .
( الزمر : 30) انك ميت وانهم ميتون ، فهذا يرسخ في ذهن الامة ان العبودية لله وحده ، والنبي مبلغ ومقتدى به ، لكن لا يؤله او يرفع لمقام فوق البشرية .
وجود قبره قد يكون ايضا ، حفظ الارث والتواصل التاريخي سببا لبقاء الامة على اتصال دائم بالتاريخ النبوي وباصل الرسالة .
" ماذا عن موسى وعيسى عليهما السلام ؟ " 
لا التوراة ولا القران ذكر او حدد مكان دفنهما بشكل محدد ، وكما هو معلوم لدينا حتى لا يقع غلو ولا بابعاد الناس عن التعلق بالمكان ، خصوصا ان بني اسرائيل اشتهروا بالشدة في طلب الايات المادية .قد يفهم من هذا الترتيب ان وجود مدفن النبي محمد صل الله عليه وسلم المعلوم يحمل دلالة على اكتمال الرسالة وختم النبؤة وربما ليبقى رمزا للبشرية ، بينما الغياب او الغموض في قبور الانبياء السابقين قد يكون لحكمة في السياق الزمني والرسالي الذي كانوا فيه . اراء المفسمرين والعلماء ١.مكانة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كخاتم الانبياء فمعرفة دفن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد تكون مرتبطة بمكانتهة كاختم الانبياء والمرسلين ، مما يعزز الارتباط الروحي والتاريخي للمسلمين به وبسنته . 
عدم تحديد مكان دفن موسى وعيسى عليهما السلام بالنسبة للنبي موسى عليه السلام ، لم يحدد مكان دفنه بدقة في المصادر الاسلامية ، وقد يكون ذلك لحكمة الهية لمنع الغلو او التقديس المفرط للمكان وكما انتم تعرفون فان اليهودي اذا دعس برجله بارض ما تصبح تلك الارض كله له لان رجل ذاك اليهودي مقدسة ، والمسيح لا يوجد له قبر فهناك علماء يروا ان اماكن دفن الانبياء تحمل حكما الهية تهدف الى توجيه التركيز نحو الرسالة والاتباع بدل من التعلق بالمظاهر المادية 
الخلاصة : معرفة مكان دفن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعدم معرفة اماكن دفن بعض الانبياء الاخرين قد تحمل دلالات روحية وتوجيهية للمسلمين تركز على اهمية الاتباع والاقتداء بالرسالة النبوية دون التعلق المفرط بالمظاهر المادية . 
وهناك سؤال يطرح ولماذا ؟ انكر اليهود والنصارى رسالته مع علمهم بوجوب التصديق بها واتباعها . 
ان هذا السؤال من اهم الاسئلةالتي حيرت الكثير من المفكرين لماذا انكر اليهود والنصارى رسالة محمد صلى الله عليه وسلم والمفسرين رغم وجود البشارات به ، ورغم علمهم بصفاته ؟ 
القران الكريم والسيرة النبوية واقوال العلماء تعطي عدة اسباب مترابطة ، بعضها نفسي ، وبعضها اجتماعي ، وبعضها ديني ، دعوني استعرض بعضها لكم بشكل مركز . 
١الهوى والكبر وحب التميز العنصري ( خصوصا اليهود ) .
اليهود كانوا يعتبرون انفسهم " شعب الله المختار " ، ويرون النبؤة حكرا عليهم ، ومن نسل اسحاق فقط . 
فلما جاء نبي من نسل اسماعيل ( محمد صلى الله عليه وسلم ) ، رغم تطابقته للبشارات ، استكبروا واصروا على رفضه . 
فالقران عبر عن ذلك بوضوح . " ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين .. البقرة : ٨٩ 
الحسد والخوف على المكانة الدينية والاجتماعية . وجود نبي جديد يعني سقوط سلطتهم الروحية والسياسية على اتباعهم ، قادة اليهود والنصارى كانوا يستفيدون من احتكار تفسير الدين والتحكم بالناس ، ولهذا قال الله عنهم ." ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم ( البقرة : ١٠٩ ) .
التحريف والتاؤيل المعتمد للبشارات.
مع مرور الزمن ، تم تحريف النصوص ، او كتمان ما يدل على محمد صلى الله عليه وسلم .
اليهود والنصارى كان لديهم علم بالحق ، لكنهم اخفوه . 
قال تعالى : " الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابنائهم وان فريقا منهم ( البقرة : ١٤٦ ) ليكتمون الحق وهم يعلمون . في الكتاب المقدس هناك اشارات واضحة عن نبؤة محمد صلى الله عليه وسلم . سفر التثنية 18:18 "( اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به ." 
وايضا " مثلك" موجهة لموسى عليه السلام ويرى المسلمون ان محمد مثل موسى في التشريع والقيادة وامور دنياوية ، على عكس عيسى الذي لم ياتي بتشريع جديد بحسب التقاليد المسيحية . 
٢ نشيد الانشاد 5:16 يقول النص العبري فيه كلمة "( מחמדים) , ومعناها " المشتهيات او المحبوب " المسلمون يرون ان هذا اشتقاق قريب من اسم " محمد " ، ويعتبرون ان هذا قد يكون اشارة له . 
انجيل يوحنا ( gohn) 14:16 و 16:7 : 
" ومتى جاء المعزي ( البارقليط) ، الذي سارسله انا اليكم من الاب ، روح الحق الذي من عند الاب ينبثق فهو يشهد لي " .
الكلمة اليونانية الاصلية هي " بارقليط" ( parakletos) .
والمسيحيون يفسرونها على انها اشارة للروح القدس .
المسلمون : وبعض الباحثين يرون ان " الباريقليط" تعني " احمد" او " المحمود " مستندين الى الاية في القران : ( ومبشرا برسول ياتي من بعدي اسمه احمد ) الصف : 6 ويعتقدون ان المقصود هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم . 
ذكر في اشعياء النبي 42 يذكر " عبد الرب " الذي سياتي ليخرج الحق للامم ويكون نورا لغير اليهود ، ويصفه بصفات مثل القوة ، العدالة ، وعدم الصراخ في الشوارع .
يرى بعض المسلمين ان هذه الاوصاف تنتطبق على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي جاء برسالة عالمية وفتح بلاد العرب وما بعدها . 
اليهود اتبعوا التقليد والجمود الديني : ... كثير من عامة اليهود والنصارى اتبعوا اباءهم وعلمائهم دون تمحيص .

وهذه طبيعة بشرية : ثعب على الناس ترك ما وجدوا عليه .
( الزخرف ) : 22 انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مهتدون .
التعصب الديني والعداوة التاريخية .
بين اليهود والعرب كانت عداوة قديمة ، وهو لم يتصوروا ان تاتي النبؤة الى العرب .
الاعراض الدنيوي : ظهور الاسلام هدد مصالحهم الاقتصادية والسياسية ( خصوصا في الحجاز والشام ) . 
فحالوا مقاومته حفتظا على سلطتهم .
الخلاصة : رغم علم كثير من اهل الكتاب ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو النبي الحق دفعهم الى : 
الكبر
الحسد 
الخوف على السلطة والمصالح 
التقليد الاعمى 
التحريف المعتمد لانكار رسالته ....
وقد ذكر العلماء تشبيها رائعا . مثل من يعرف الحق ويكفر به ، كمثل من يرى الشمس بعينيه ، ثم " " يغمض عينيه عمدا لينكر وجودها .
ساعطيكم الان امثلة تاريخية حقيقية ومحددة من سيرة النبب محمد تبين ان علماء واحبار اليهود والنصارى كانوا يعرفون نبؤته داخليا ، لكنهم انكروها عنادا او حسدا او حفاظا على مصالحهم .
١حيي بن اخطب ( سيد بني النضير ) كان من كبار علماء يهود المدينة . بعد الهجرة ، ءهب حيي بن اخطب مع اخيه الى النبي ، ليتحقق من امره . 
بعد ان راه ، عاد وجهه متغيرا ، فساله اخوه : " اهو اهو ؟" . 
فقال : " هو هو ، والله ! ولكن عداوته ما حييت " رغم يقينه ، رفض اتباعه بسبب الحسد والعداوة : التحليل . التقليدية بين اليهود والعرب . 
عبد الله بن سلام ( حبر يهودي دخل اللسلام ) من كبار علنا اليهود ، وكان محبوبا بينهم . لما حضر النبي الى المدينة ، ذهب مباشرة اليه يساله عن امور يعلمها من التوراة . " ما ان سمع منه حتى قال اشهد انك رسول الله ، بعدها دعا النبي اليهود وقال لهم " ما تقولون في عبد الله بن سلام فقالوا سيدنا وابن سيدنا وعالمنا ، فلنا اسلم اعلان اسلامه ، قالوا فورا ، هو شرنا وابن شرنا . يظهر كيف ان تعصب القوم جعلهم يقلبون الحقائق ، التحليل لمجرد انه اتبع الحق الذي كانوا يعلنونه .
النصارى من نجران ( وفد نصارة نجران ) . 
جاؤا الى النبي وكان بينهم عدد من القساوسة والعلماء . جادلوا كثيرا ، رغم معرفتهم بصفاته ، لانهم لم يقبلوا ان يكون " نبي خارج اطار عقيدتهم كول ابن الله نزلت ايات سورة لل عمران تحاورهم ، وتعرض عليهم . المباهلة ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءتا ، ال عمران ) وابناءكم .. ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين . ٦١ لما راؤا اصرلر النبي وثقته ، خافوا من المباهلة ورفضوها ، ! مع علمهم بصدقه .
الرهبان : في الشام ( بحيرا الراهب ) حينما كان النبي غلاما ، خرج في تجارة مع عمه ، فجلسوا عند راهب يدعى " بحيرا " تفحص النبي وعرف علاماته في الكتب السابقة ، حذر عمه من قريش واليهود ، لانه عرف انه سيكون نبيا . 
كتمان علماء اهل الكتاب البشارات .
كثير من علماء النصارى واليهود كلنت عندهم نصوص تبشر بالنبي محمد لكنهم اخفوها .
مثل ما روي عن احد احبار اليهود الذين اسلموا ، قال كنا نجد محمدا مكتوبا عندنا فب التوراة ، ونعرف صفاته كما " نعرف ابناءنا ، لكن كنا نخفي ذلك ، خلاصة وتحليل 
المسالة لم تكن جهلا بالخقيقة ،بل حسد وكبرياء ديني وقومي 
خوف من فقد السلطة الاجتماعية والدينية . تعصب موروث بالنهاية هو صراع ابليس مع الانسان ان هذا الموقف المتكرر عبر التاريخ ، من ابليس تجاه ادم ، ومن اهل الكتاب تجاه النبي محمد ومن البشر تجاه الحق هو في جوهره صراع داخلي ازلي . فالمسيح نعت اليهود وقال لهم انتم ابنلء ابليس وابوكم ابليس ، فابليس حسد ادم ورفض السجود له ، قائلا انا خير منه .
اليهود والنصارى حسدوا النبي محمد على النبؤة وقالوا : نحن احق بها . 
كثير من الناس ، الى يومنا هذا ، يرفضون الحق الواضح خوفا على مصالح دنيوية ، او كبرا او تعصبا. الصراع ليس فقط بين النبي واعدائه ، بل هو صراع داخل كل نفس بشرية بين التسليم للحق ، مهما كان مصدره ، وبين الاهواء والمصالح والموروثات التي تقيد الانسان .كل انسان يحمل داخله هذا الصراع : هل يسلم للحق حين يراه ، ام يكاير ؟ 
وهنا تتجلى الحكمة في قوله تعالى 
" ( ونفس وما سواها، فالهمها فجورها وتقواها ، قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها " الشمس ١٠_٧
بهذا نفهم ان معركة ابليس مع الانسان ، ومعركة اهل الكتاب مع النبي ، ما هي الا انعكاس لمعركتنا نحن مع ذواتنا واهوائنا ،وهذا الفهم يضع على عاتق كل شخص مسؤولية عظيمة : ان يكون صادقا مع الحق حين يراه ، دون ان يقع في فخ الكبر او الحسد او التقليد ، كما وقع السابقون .