شكر بوتين لوقوفه ضد الانقلاب.. أردوغان: زيارتي لروسيا ميلاد جديد للعلاقات بين البلدين

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "روسيا الاتحادية هي أهم لاعب فيما يتعلق بجلب السلام إلى سوريا، وأعتقد أنه ينبغي علينا حل هذه المسألة من خلال إقدام تركيا وروسيا على خطوات معاً في هذا الصدد"، واصفاً زيارته بأنها ستكون "ميلاداً جديداً" للعلاقات بين البلدين.

جاء ذلك في مقابلة له مع وكالة "تاس" للأنباء وقناة "روسيا 24" الروسيتين، قبيل اللقاء المرتقب بين أردوغان ونظيره الروسي فلاديمر بوتين، بمدينة "سانت بطرسبرغ" الروسية، اليوم الثلاثاء.

وأضاف أردوغان: "مرّت على حادثة إسقاط الطائرة (التي أسقطتها تركيا نوفمبر/تشرين الثاني الماضي) المؤسفة، 8 أشهر، رغم ذلك استمرت علاقاتنا في العديد من المجالات خلال تلك الفترة، لكن كانت لدينا أهداف لرفع حجم التبادل الاقتصادي إلى 100 مليار دولار أميركي"، مشيراً إلى تعثر بعض المشاريع الضخمة منها محطة "آق كويو" للطاقة النووية بتركيا، بسبب توتر العلاقات بين البلدين".

صفحة جديدة

وأعرب عن اعتقاده بأن لقاءه بوتين سيفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، مضيفاً: "هذه الصفحة الجديدة تشمل مجالات سياسية وعسكرية واقتصادية وتجارية وثقافية، بالإضافة إلى أمور يمكن للاعبين إقليميين مهمين القيام بها"، معتبراً الزيارة بمثابة "ميلاد جديد وبداية جديدة بين البلدين وصفحة جديدة".

وحول معاقبة قاتل الطيار الروسي، الذي قتل في سوريا بعد إسقاط طائرته، أكد أردوغان أن المتهم بقتل الطيار الروسي في الداخل السوري، موجود الآن في السجن، لافتاً إلى استمرار عملية محاكمته.

وفي نهاية يونيو/حزيران الماضي قضت محكمة تركية بسجن المدعو "ألب أرسلان جليك"، حتى 8 يونيو 2017، إلى جانب تغريمه بمبلغ 2000 ليرة تركية (نحو 700 دولار)، بعد إدانته بـ"تزوير عملات والنصب والاحتيال، ومساعدة سجناء على الفرار" في ولاية ألازيغ شرقي البلاد.
وفي وقت سابق تناقلت وسائل إعلامية تصريحات منسوبة لـ"جليك"، تفيد بأنه قتل قائد المقاتلة الروسية، التي أسقطتها تركيا في نوفمبر الماضي، بعد انتهاكها مجالها الجوي عند الحدود مع سوريا.

وأشار أردوغان إلى اتصال بوتين به عقب محاولة الانقلاب الفاشلة مباشرة لتقديم الدعم، مضيفاً: "في اليوم التالي من محاولة الانقلاب اتصل بي بوتين ليعلن أنه ضد الانقلاب وأنه يقف إلى جانبنا في مواجهة الانقلاب".

واستدرك: "ينبغي على العالم وعلى جميع الزعماء السياسيين في العالم أن يقفوا في وجه مَنْ يقومون بانقلاب على الدولة والشعب، والسيد بوتين فعل ذلك في لحظتها لذلك أقدم الشكر له".

ونفى أردوغان مزاعم إبلاغ روسيا للجانب التركي مسبقاً بأن منظمة فتح الله غولن الإرهابية تريد تنفيذ انقلاب في تركيا، مضيفاً: "أنا أول من يجب أن يعلم ذلك، لكنني لم أتلق أي معلومات (حول محاولة الانقلاب) لا من جهاز الاستخبارات ولا أية جهة أخرى".

وفيما يتعلق بالمجرى الذي ستتخذه علاقات بلاده بالولايات المتحدة في حال رفض الأخيرة طلب تركيا إعادة رئيس المنظمة الإرهابية فتح الله غولن، قال أردوغان: "من الخطأ تقييم ذلك من خلال الفرضيات، وعملية إعادة غولن تتواصل، كنت أخبرت الرئيس الأميركي بارك أوباما في وقت سابق بطلب الإعادة وبأننا سلمناهم كل الإرهابيين الذين طلبوهم منا، والآن نحن نريد غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة منذ 1999".

الدستور الجديد

وبشأن العمل على إعداد دستور جديد للبلاد، أكد أردوغان أن بلاده "دولة علمانية ديمقراطية ودولة قانون"، مشيراً إلى أن "علمانية تركيا تعترف بحق كل مجموعة عقدية بأن تمارس عقيدتها بحرية".

وأضاف: "حين أسسنا حزبنا (العدالة والتنمية) عبرنا عن ذلك، يعني أن المسلم سيعيش إسلامه والمسيحي سيعيش مسيحيته واليهودي يهوديته كما ينبغي"، مشيراً إلى أن بلاده ليست دولة دينية وأنها دولة اجتماعية ديمقراطية.

وحول المسألة الكردية، لفت أردوغان إلى أن مواطني بلاده الأكراد ليسوا تحت قبة حزب واحد، مضيفاً: "حالياً يصوّت غالبية مواطنينا الأكراد للحزب الذي أسسته (حزب العدالة والتنمية)، وحالياً يوجد وزراء أكراد في الحكومة التركية".

وأكد أردوغان استمرار العمليات الأمنية ضد عناصر منظمة "بي كا كا" الإرهابية جنوب شرقي البلاد، مشيراً إلى الشروع بأعمال إعادة الإعمار في المناطق التي تم تطهيرها من الإرهاب.

الأزمة السورية

وتعليقاً على حل الأزمة في سوريا، قال أردوغان: "يتعين عليّ القول بوضوح إن الاتحاد الروسي هو العنصر الأول والأهم في مسألة جلب السلام إلى سوريا، وأعتقد أن على تركيا وروسيا العمل معاً لحل هذه المسألة".

وبيّن أردوغان أنه أخبر بوتين في وقت سابق بأنه إذا استدعى الأمر فيمكن مشاركة إيران، وقطر، والمملكة العربية السعودية، وأميركا، من أجل توسيع دائرة المشاركة بعملية إيجاد حل للأزمة السورية.

وأشار إلى أن تركيا لها حدود مع سوريا بطول 950 كم، وأنه بطبيعة الحال لا يليق الوقوف خلف نظام قاتل يستخدم إرهاب دولة (في إشارة إلى نظام الأسد)، مؤكداً ضرورة ترك الحرية للشعب السوري لاختيار الأشخاص الذين سيحكمونه.

وتابع أردوغان أن محادثات جنيف، وما ركزت عليه المعارضة السورية، هو إيجاد حل للأزمة من دون الأسد، مبيناً أنه بإمكان إيران أن تشارك في هذا المسألة أيضاً، ليقوموا جميعاً في أقرب فرصة بوقف القتل وسفك الدماء.

وتعليقاً على الحرب ضد تنظيم "داعش"، أكد أردوغان ضرورة تجفيف مصادر تمويل التنظيم الإرهابي، مبيناً أن ذلك ضروري جداً لمنع التنظيم من تثبيت أقدامه.

ولفت أردوغان إلى أن التحريات التي أجرتها بلاده حول مصادر تمويل التنظيم أظهرت أن النظام السوري هو أحد الجهات التي يبيع "داعش النفط" لها.

واستذكر الرئيس التركي صدور بعض الادعاءات حول بيع التنظيم الإرهابي النفط إلى تركيا، مؤكداً أنهم طالبوا الجهات التي أطلقت تلك الادعاءات بإثبات ذلك، إلا أن أحداً لم يتمكن من إثباتها.

ونفى أردوغان تلك الادعاءات بالكامل، مضيفاً "لقد أرادوا الزج بعائلتي في هذا الأمر، قلت حينها لن أبقى في منصبي إذا أثبتم ذلك، وإذا لم تتمكنوا من تقديم إثباتات فهل ستتركون مناصبكم أنتم؟".

وشدد على ضرورة إجراء بحث عن مصادر الأسلحة التي يحصل عليها التنظيم، مشيراً إلى أن جهات (لم يسمّها) تقول إنها عدوة لداعش، ولكنها تقدم السلاح كمساعدات لتنظيمات إرهابية، وأن جزءًا من تلك الأسلحة ذهب إلى داعش.

وقال أردوغان: "ينبغي على جميع الدول المؤثرة في المنطقة، أن تتكاتف فيما بينها للقضاء على داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى، ودعم الاستقرار والسلام لشعوب المنطقة".

وبخصوص القطاع السياحي، أوضح أن المناطق السياحية في تركيا التي يقصدها السياح الروس لا تشهد أي مشاكل أمنية، مبيناً أنه نقل ذلك لنظيره الروسي، وأن أنقرة اتخذت كافة التدابير الأمنية، وستواصل ذلك، وأنه لا داعي للقلق بهذا الشأن.

وحول عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي أشار أردوغان إلى أن أوروبا ماطلت مع تركيا لمدة 53 عاماً، رغم إيفاء تركيا بالتزاماتها في المواءمة مع الاتحاد الذي لا يزال يماطل.

وأوضح أردوغان أن تركيا تستضيف في الوقت الراهن أكثر من 3 ملايين لاجئ من سوريا والعراق، وتم صرف أكثر من 20 مليار دولار عليهم إذا ما تم احتساب ما أنفقته منظمات المجتمع المدني أيضاً، مبيناً أن الاتحاد الأوروبي لم يقدم الدعم الذي وعد به للاجئين، وأن منظمة الأمم المتحدة قدمت مساعدات بنحو 500 مليون دولار فقط.

وأضاف أن تركيا تحملت هذا العبء في الوقت الذي تخشى أوروبا من قدوم اللاجئين إليها، متهماً الاتحاد الأوروبي بعدم الوفاء بوعده بخصوص إلغاء تأشيرات الدخول للمواطنين الأتراك.

وتابع أردوغان: "كان من المفروض أن يتم إلغاء تأشيرات الدخول في الأول من حزيران/يونيو الماضي إلا أنهم لم يقوموا بإلغاءها، إلى متى سيستمر هذا؟! نحن نُريد مصداقية، عندما نقوم نحن بإيفاء وعودنا لا يقوم الاتحاد الأوروبي بذلك".

وبخصوص تتار القرم، أوضح أردوغان أن تركيا وروسيا "دولتان صديقتان في المنطقة، وأن تركيا تعتقد أن تتار القرم يواجهون مشاكل"، مضيفاً أن "السيد فلاديمير كان قد طمأنه بعدم القلق بهذا الشأن وأن تلك المشاكل سيتم حلها".