كنوز نت -  الناصرة (بقلم :سلام حمامدة)



حرب " رد الاعتبار" للأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية

  • سلام حمامدة 
بعد السابع من اكتوبر تشربن الاول الماضي "عملية طوفان الاقصى"

تصاعد الحملة العسكرية التي يشنها الجيش الإسرائيلي على لبنان، وذلك بعد سلسلة عمليات قاسية استهدفت قيادات وكوادر عسكرية في حزب الله، بدأت بتفجير أجهزة البيجر ثم أجهزة الاتصال اللاسلكي، وتلا ذلك اغتيال عدد من قيادات الصف العسكري الأول.
والهدف من ذلك هو محاولة إلحاق الضرر بمنظومة الردع لدى الحزب، وإضعاف منظومة القيادة عبر تصفية قيادات عسكرية وازنة وإظهاره في حالة انكشاف أمني، في محاولة للتأثير على مكانته لبنانيا وإقليميا.
يرى مراقبون أن حزب الله رغم الغارات الإسرائيلية الكثيفة التي أضعفت جزءا من قدراته فإنه لا يزال يحتفظ بمفاجآت ولم يستخدم بعد أسلحته الدقيقة والبعيدة المدى، لأنه لا يرغب باندلاع حرب شاملة!
بالرغم من ان اسرائيل أجبرت بغارتها الكثيفة والواسعة التي طالت مناطق للمرة الأولى آلاف اللبنانيين في جنوب البلاد على النزوح من قراهم وبلداتهم.
وفرت آلاف العائلات اللبنانية من المناطق التي تشهد تكثيفا للقصف، حيث ملأت صفوف السيارات الطرق التي تربط مدينة صور الساحلية الجنوبية ببيروت
وتعتبر هذه الموجة من النزوح الأكبر، إذ شملت مناطق بعيدة عن خطوط المواجهة الأمامية على طول الشريط الحدودي الذي نزح عنه المواطنون بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وإعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله جبهة الجنوب كإسناد لغزة منذ اليوم التالي.
هذه الموجة غير المسبوقة من النزوح شملت قرى وبلدات في الخطوط الثانية أو الخلفية للمواجهة، ومنها أقضية بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا، والنبطية وصور والزهراني، وصولا إلى البلدات المحيطة بمدينة صيدا التي تعتبر بوابة العبور إلى الجنوب.
هذا وقد ذكر تحليل لمجلة "فورين أفيرز"، أن إسرائيل تواجه "ثلاثة تحديات رئيسية" قد تعقّد قرارها بشن حرب واسعة النطاق ضد حزب الله، إثر أشهر طويلة من المعارك المعقدة في قطاع غزة ضد مسلحي حركة حماس.
ويرى محللون إسرائيليون أن العمليات الأخيرة ضد حزب الله كشفت عن خروقات لمنظومته الأمنية، أفقدت الحزب عددا من المزايا التي يتمتع بها، وهو الذي يخوض حرب دعم للمقاومة الفلسطينية امتدت على مدار عام تقريبا.


ويشدد القادة الإسرائيليون -وفي مقدمتهم رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي– على ضرورة استغلال الوضع الراهن في استمرار العمليات الهجومية بشكل متعاظم وتسريع وتيرتها وتعزيزها، وعدم منح الحزب فرصة لالتقاط انفاسه

يأتي التصعيد العسكري الإسرائيلي على لبنان والضربات المفاجئة كمحاولة لكسر إرادة المقاومة لدى الحزب، وذلك بعد إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن مرحلة جديدة من الحرب، وأن مركز عمليات جيش الاحتلال "يتحرك شمالا".

وفي هذا السياق، تطرح نقاشات واسعة بشأن أهداف التصعيد الإسرائيلي وتداعياته على الحزب والعدوان على قطاع غزة، والخيارات التي يملكها الحزب للرد، خصوصا في ظل حدوث تحول عميق في نظرة إسرائيل أساسا إلى الصراع سواء مع قوى المقاومة أو على مستوى دول الإقليم.

أهداف التصعيد

يمكن تلخيص أهم الأهداف الإسرائيلية من هذا التصعيد في جملة نقاط، منها محاولة جيش الاحتلال تعزيز قوة منظومة الردع التي تهشمت بعد عملية السابع من اكتوبر كما يسعى لتجاوز تداعيات فشله الاستخباري والعسكري في مواجهتها.
فقد أحدثت عملية السابع من اكتوبر/ تشرين الأول الماضي تغييرًا كبيرا في إستراتيجية إسرائيل في التعامل مع التهديدات، إذ قطعت أشواطا خلال العام الماضي في التكيف مع حرب طويلة الأمد إن فرضت عليها، وحتى المخاطرة بخوض حروب برية وتحمّل خسائر بشرية هائلة، سواء على صعيد أعداد القتلى والجرحى أو حتى الأسرى لدى المقاومة.
كذلك يهدف الجيش الإسرائيلي إلى إضعاف حزب الله وتوجيه ضربة قوية لقدراته العسكرية والأمنية، وضرب صورته وهيبته وإضعاف معنويات حاضنته وقواعده الشعبية، إضافة إلى إحداث خلل في موازين القوى داخل لبنان لمصلحة خصومه، والتحريض عليه.
وتسعى اسرائيل من خلال ذلك إلى فرض شروط على الحزب تحت الضغط العسكري، وربما عبر هجوم عسكري واسع، قد يتضمن اجتياحا بريا، من أجل إجبار الحزب على التراجع عن الحدود إلى ما بعد نهر الليطاني، ووقف دوره العسكري في مساندة قطاع غزة، وبما يتيح عودة مستوطني الشمال إلى منازلهم.
لكن تجارب سابقة تشير إلى أن الضربات الإسرائيلية المفاجئة عادة ما تكون نتاج عمل طويل يقصد منه إحداث حالة ارتباك في صف المقاومة إلا أن مدى تأثيرها الزمني يبقى محدودا، وهو ما يمنح حركات المقاومة القدرة على امتصاصها.

وفي هذا السياق، يقول رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن هشام جابر -في تصريحات للجزيرة نت- إن تمكّن إسرائيل من هزيمة حزب الله عبر هذه الضربات غير واقعي، "لأن الحزب لا يزال يملك جميع القدرات العسكرية، ولا يزال يملك الصواريخ الدقيقة وقوات الرضوان وقدرات كثيرة لم يستعملها"! 
بالرغم من وسط تهديد وتلويح إسرائيلي بالدخول بريا إلى الأراضي اللبنانية، ونزوح واسع من الجنوب إلى العاصمة بيروت.
ويتابع ان الحزب لا يريد أن ينجرّ إلى حرب شاملة، "أما إذا استمرت اسرائيل في التصعيد من دون حدود، فإن الحزب يستطيع أن يوجه ضربات مؤلمة وواسعة، في منطقة حيفا على سبيل المثال التي تضم تجمعا سكنيا يزيد على 250 ألفا".