كنوز نت - بقلم : د. منعم حدّاد

سبحانه تعالى ألا يجيد العربية؟؟؟


  • بقلم : د. منعم حدّاد

وواصلت القافلة سيرها: العريس يمتطي ظهر جواد أصيل، والعروس كذلك، والمحتفلون بالزفاف يواصلون "زحفهم" في صفوفهم صوب الكنيسة، والحداؤون يصولون ويجولون...والنسوة يغنين ويزغردن، ووصل الموكب المهيب أخيرأ فناء الكنيسة، ودخل العروسان ومعهما الأهل والأحباب الكنيسة، وابتدأت مراسيم الإكليل المبارك...
ولم يمض وقت طويل حت تحولت لغة الصلاة إلى الأعجمية، فتعجب بعض الحضور، علماً أن جميع الحضور باستثناء الكاهن عرب أقحاح لا يجيدون سوى العربية، لغتهم الأصيلة...
لكن حضرته وبإذن أو أمر من المتربع على السدة الكهنوتية العليا سرعان ما انتقل إلى لغة أعجمية، وكان في الجميع راح يقرأ الإنجيل المقدس بلغته الأعجمية ولا أحد كان يفهم ما يثرثر به...



وتساءل الكثيرون عن ذلك: ألا يخجل هذا الكاهن من القيام بذلك؟ أليس هذا ضرباً من الاستخفاف بالحضور، ضيوفاً ومحليين؟
أن أنه سبحانه وتعالى أصبح لا يفهم العربية ولن يبارك هذا الزواج إلا إذا قريء الإنجيل المقدس بالأعجمية؟
أم أن ذلك من رذائل الاستعمار الديني وويلاته ونكباته...
فالاستعمار الديني الذي يعاني منه ومنذ قرون المسيحيون الشرقيون ليس بأقل بطشاً من الاستعمار السياسي الغربي، وهل يا ترى يأتي من الغرب ما يسرّ القلب؟
غربيون سيطروا على مقدرات مسيحيي الشرق وأذاقوهم صنوف القهر والظلم، وتدخلوا في كل أمور حياتهم، وصادروا أوقافهم وسلبوا خيراتها وتصرفوا بها على هواهم، تدعمهم نخبة محلية من معدومي الضمير والخلق الكريم... واستعدوا بعض المشرقيين على بعضهم وبثوا الفتن والأحقاد بينهم لقاء فتات ونزر يسير يشترونهم به!
ولم يكن إشهار الشدياق إسلامه او دعوة السكاكيني لإشهار الإسلام مجرد صدفة، وإنما قرفاً واشمئزازاً من الاضطهاد الغربي للمسيحيين المحليين ومصادرة إرادتهم وأرزاقهم وقهرهم والتسلط عليهم وعلى شؤونهم العامة والخاصة...وثورة على هذا النهج السلبي اللعين!