كنوز نت - الطيبة - بقلم : سامي مدني

إثباتُ الذَّاتِ والثِّقَةِ بالنفسِ وَدَورُنا !


سَلامٌ وَبَركاتٌ مِنَ اللهِ عَلَيكُمْ، وتَحيَّةٌ مُعَطَّرَةٌ بِالخَيْرِ والأَمَلِ والتَّفاؤُلِ! 

أوْعِدُكُم أَيُّها الكِرامُ، سَأُحافِظُ عَلىَ الكَلامِ بالإسلُوبِ الحُلْوِ وَاللَّيِينِ، حَتَّى ولَوْ كُنْتُ أَمُرٌ فِي أسْوَءِ الظُّرُوفِ، طَالَما هَدَفِي أَنْ تَخرُجَ مِنَّا الكَلِمَةُ الطَيِّبَةِ قَبْلَ السيِّئَةِ ...فَآدْفَعُوا أعِزَّائي، بالَّتي هِيَ أحَسُ إنَّ رَبَّكُم لَخَبيرٌ،

 قَالَ اللهُ تَعالىَ:

"وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ"
إسْمَعُوا إذا بِتْريدُوا أَيُّها المُحْترَمونَ .... مَا أَكْتُبُ اليَوْمَ بَعْدَ إلْهامٍ جاءَني، مِمَّا قَالَ حَفِيدِي: ..... "عِنْدِي فِكْرَةٌ"، فَسألْتُهُ وَمَا هِيَ؟ ....فَمَسَكَ بِيَدِي وَقالَ: "تَعالَ نَجلِسُ هُناكَ"! وَبِالفِعْلِ سِرْتُ مُحاذِياً لَهُ ثُمَّ أَخَذَ يُِِطْلِعُني عَلىَ أُمُورٍ لَمْ أفهَمْ قِسْمَاً مِنْهَا، لكِنَّني تَرَكْتُهُ يَتكلَّمُ وَفِهمْتُ عِنْدَئذٍ، أَنَّهُ يَبْغيُ مُحادَثَتي عَنْ أُمُورٍ وَاجَهَتْهُ وَحَدَثتْ مَعَهُ ذَلِكَ اليَوْمِ، .... فِي أوَّلي أيَّامِ تَعلِيمِهِ فِي الرَّوضَةِ.

مُحَمَّدٌ هُوَ عَطاءٌ رَجَوْتُهُ حَفِيداً لِيَ، فأنْعَمَ اللهُ عَلَيْنا بِهِ، كَانَ الأولُ بينَهُم وفي الثَّالثَةِ مِنَ العُمْرِ حالِياً، تَعَوَّدْتُ مُنْذُ كَانَ حَدَثً، أَنْ أسْمِعَهُ كَلاماً كَما لوْ كُنْتُ أُحادِثُ الكِبارَ بالسِّنِ، وهَكَذا بَدَا عَلَيهِ في هَذا الجِيلِ طَليقَ اللِّسانِ مَحْبُوباً جرَيئاً، يُحاوِلُ مُشارَكَتَنا وَالتَّعْبيرَ عَنْ ذاتِهِ دُونَ خَوفٍ وَجَزعٍ وَبِكُلِّ قوَّةٍ وَثِقةٍ بِالنَفسِ، ورُبَّما ظَهَرَ هَذا عِنْدَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنجَحَ بِنُطْقِ جُمَلاً كَما يَسْتطيعُ اليَوْمَ، حِينَها كَانَ يُحاوِلُ أنْ يُفْصِحَ لَنا....، لَديَّ شَيْءٌ أقُولُهُ، ...هَيَّا أُسْمِعُكُم، فَكانَ المَقْصُودُ بِما يَفُوهُ، حَثَّ المَوجُودِينَ عَلى سِماعِهِ وخَلْقِ جَوَّ،... لِيَسْمَعَوا صَوْتَهُ أَكْثرَ مِمَّا ذَهَبَ إِليْهِ بالكَلامٍ نَفْسِهِ، ثُمَّ بِالحِوارِ ذاتِهِ كانَ يَنْوي إثباتَ وُجُودِهِ كأنَّهُ مُشارِكٌ بالأمْرِ، وَالحِلوُ مَا جاءَ بِهِ يَومِيَّاً كَانَ شَيْءٌ جَدِيدً، وإِذا رَأََني صُدْفَةً أخْلَعُ الجاكِيتَ لَمْ يَتَكاسَلْ ولَمْ يَهِنْ وَهَبَّ لِمُساعَدَتي قائِلاً: "دَعْكَ مِنْ هَذا، أَنا أعْرِفُ إنْزالَهُ عَنْكَ، إِذا سَمَحْتَ لِي.


 هَكَذا حَالُنا نَحْنُ الشبُّانُ وَالكِبارُ وَالشُّيُوخُ، نُحِبُ إيضاً إِثْباتَ وُجُودِنا وَالتَّعبيرِ عَنْ هَدَفٍ نُؤمِنُ بِهِ، بِالكَلامِ أَوْ بِطُرقٍ أخْرَى كَمَلامِحِ الوَجْهِ والجَسَدِ والأطْرافِ، فَنُظْهِرُ على المَلإِ ما نُريدُ أَنْ نَنقُلَهُ للأخَرين، أَمَّا مُحَمَدٌ حَفيدِي فَقَدْ أَخَذَ مَنَ الأَخْلاقِ والمِيزاتِ مَا يُسْعِدُني وَيَسُرُّ مِنْ يُجالِسُهُمْ، هَكَذا يَجبُ عَلَيْنا جَميعَاً أَنْ نَتصرَّفَ مَعَ أبْنائِنا.

وَفِي الفَلَكِ نَفْسِهُ لوْ تَسألْتُ ما حَمَلَني علىَ الكِتابَةِ فِي جيلِ خَمْسَةِ وخَمْسِينَ عَامٍ، لَوجَدُتُ هَذا تَحَدِّياً، رَغْمَ أنَّنِي لَمْ أدْرُسَ اللُّغَةَ العَربيةِ ولَمْ أتَخَصَّصُ بِمَواضِيعِِها، أَقُولُها لَكُمْ صَراحَةً أَنَّ هَذا أزيدُ مِنْ تَحَدِّ وأكْبَرُ مَسؤُولِيَّةٍ أخْتَرتُها لأُساهِمَ فِي هَذِهِ الظُّروفِ الصَّعْبَةِ الَّتي نَعيشُها، فَهِيَ لُغَتُنا وَما أطْيَبُها ومَا أجْمُلُ مُفْرَداتِها ومَا أنْعَمُ رَنينَها والغِناءُ بِها، فَبِها تَهدأُ الأعْصابُ وَتَرتَخي العَضَلاتُ وَتَتَناسَقُ الفَعالِياتُ داخِلَها، فَيَطيبُ الجِسْمُ ويَشْفَى، فأنا شخصياً مِنْ حُبِّي لَها مُنْذُ كُنْتُ صَغِيراً أحْسَسْتُ فِيها فَتاةَ أحْلامِي، فأغْرَتْني أشْعارُها، وآدابُ اللُّغَةِ فِيها، وَالقِصَصُ وَمَا تَحْوي مِنْ مُصطَلَحاتٍ، واليومَ قَدْ إكْتَشفْتُ أنَّ شَيْءً مُهِمٌ غابَ عَنِّي وأصْبَحَ مَفْقودً، بَعْدَ أَنْ جافَيْتَها لِسنِينٍ طَويلَةٍ، لِهذا أحْتَجتُ لِإحْيائها فَأُعْطي ثانِيَةً زَخَمَاً وَطَعمَاً لِحَياتي وَشُعُورَاً أُكْمِلُ بِهِ سَعادَتي وَدَورِي فِي الحَياةِ.

إِنَّ الرُّجوُعَ والعَودَةَ إِخْوَتي الأَعِزاءُ، إلى أصُولِها يُشْعِرُكَ أثمَنُ خِلْقِ الله.....، إِنْسانٌ لَهُ حاجَةٌ، فَيُقَوِّي اِنْتِماءَهُ بَعْدَ أَنْ شَعَرَ وُجُودَهُ مُخْتَلاً ناقِصَاً، فَأَسألُ نَفْسِي أَحْياناً، هَلْ هَذا ما يَجُرُّني فِعْلاً! .... هَلْ هَذا بالفعلِ هُوَ الهَدَفُ! أَوْ هُوَ الفَراغُ الَّذي أعِيشُهُ! ...... أَمْ هِيَ حالَةُ اللُّغَةِ المُحْزِنَةِ مِنْ مَرَضٍ يُصِيبُها بِشَكلٍ عَامٍ! ... أَمْ حُبِّي لَها، أَوْ غايةٌ فِي نَفْسِي! ....أَوْ أَنَّها وَسِيْلَةٌ لِيَعرِفَني النَّاسُ وأكونُ مَشْهُورً أومَعروفً بِأفْكاري وأُؤَثِّرُ فِيهِم! ولَكِنْ مَا حاجَتِي ......! ولِماذا .... ولِماذا الكِتابَةُ! فَهُناكَ الكَثِيرُ مَنْ يَكتُبُون وَيُألِّفُون و......! لَكِنَّ الحُبَّ لَها هُوَ الأقْوى مَا وَجَدْتُ.

أُناشِدُكُمْ بِاللهِ أيُّها المُحتَرَمُون، أَنْ تَسلِكُوا طَريقاً تَعْطُوا فِيهِ أولادَكم كَبدَةَ فَلذاتِكُم مَا لَهُمْ حَقٌ عَلَيكُمْ مِنْ مأكَلٍ وَمَلْبَسٍ وَتَربِيَةٍ مُتَواِضعَةٍ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَشَجِّعُوهُم علىَ الجراءَة لِتَوضِيحِ مَوقِفَهُمْ، فَهُمْ عَديمُ التَجرُبَةِ، وَالمَفرُوضُ أَنْ نَكُونَ لَهُمْ المَصْدَرَ الَّذِي يُوفِّرُ لَهُم وَيَمِدُّهُم عِلْماً وَحِكَمةً تَكْفِيهِم شَرَّ الدُّنْيا وَتُزَكِّيهِم بِسَعادَةِ الأخِرَةِ، ..... كُلٌّ مِنْكمْ بِأُسْلُوبهِ بِما يُرْضِي اللهِ، ثُمَّ عَامِلُوهُمْ أخوَةً وأصْدقاءً لِتَكْسَبُوا ثِقَتَهُم، فتكونونَ قُدْوةً حَسنَةً وإِلاَّ لا جَدْوَةٌ مِمَّا تلتَمِسًون، فالزَّواجُ لَيْسَ شَهوَةً ولا مُغامرَةً إِنَّما عَهدَاً مُحتَرَماً وَسُنَّةً، أفتَخَرَ الرَّسُولُ بِها وَقَالَ: "الزَّواجُ نِصْفُ الدِّينِ"، فإِذا بَطُلتْ ثَمَرَتُها أَوْ لَمْ تَكُنْ جَيِّدَةً فَلا حاجَةٌ مِنْ الأَساسِ لَها ولِهذا إبْنوا فيهم الرُّجُولَةَ.

وَفَّقَنا اللهُ جَميعَاً لِنَجعَلَ تَحصِيلَهُم فِي كُلِّ مَرافئِ الحَياةِ، لِيكتَمِلَ مُجتَمعُنا وَنَفْخَرُ بِأُمَّةٍ ناجِحَةٍ فِيها الإْكْتِفاءُ الذَّاتِ عِنْدَها، مِنْ كُلُّ المِهَنِ وَالتَخَصُّصاتُ مَا يَرفَعُ مِنْ كَرامَتِنا، دُونَ أَنْ نَكُونَ مَتْبُوعِينَ مُستَغلِين، وَمُحَطَّمين، وعَديمِين مِنَ القُدُراتِ وَالمُؤَهَلاتِ.

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَحيَّاكُمْ وبَيَّاكُمُ اللهُ إِلى بابِ رَحْمَتِهِ!