
كنوز نت - كتب : الشَّيخ حمَّاد أبو دعابس رئيس الحركة الإسلاميَّة
- "لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم " ( صدق الله العظيم )
الواقع السِّياسيُّ المعقَّد في بلادنا والمنطقة العربيَّة والعالم بأسره ، يقودنا إلى تقييم الأحداث بالشَّكل النِّسبيِّ ، وليس الحسم المطلق . فليست جميع القضايا تتراوح بين الأبيض والأسود ، ولا الصَّواب والخطأ ، بل بينهما تداخلاتٌ ومتشابهاتٌ تدع الحليم حيراناً .
▪️عندما منح نوَّاب القائمة المشتركة ثقتهم لبيني غانتس ، لتشكيل الحكومة ، لعلَّها تكون أقلَّ عدائيَّةً وظُلماً للمواطنين العرب في البلاد ، كان ذلك اجتهاداً وفق المعطيات المتاحة بين أيديهم ، ولم يعلم أحدٌ منهم أنَّ غانتس سيدير ظهره لهم ، ويقسم حزبه نصفين ليتحالف مع نتنياهو ، الَّذي هو بدوره يتنكَّر لشريكه ويغدر به .
▪️وعندما تكون خيارات النُّوَّاب العرب بين إسقاط الثَّعلب الماكر ، لتقوية موقف المخادع الأضعف ، فالخيارات ليست بين خيرٍ وشرٍّ ، بل بين شرَّين ، لا تدري أيُّهما أشدُّ ، واللُّعبة لم تنتهِ بعد .
▪️صوَّتت الكنيست بالقراءة التَّمهيديَّة على قانون حلِّ نفسها تمهيداً لإنتخاباتٍ جديدةٍ ، هي الرَّابعة خلال عامين . ولا بدَّ من أن يمرَّر القانون بقراءتين أخريين ، ستكون بينها فرصةٌ لتدارك الموقف ، والتَّوافق بين مركِّبات الإئتلاف من جديد للعدول عن الإنتخابات ، أو تأجيلها لبضعة أشهر .
▪️القائمة المشتركة صوَّتت بثلاث مركِّبات من أصل أربعة ، مع قانون حلِّ الكنيست ، أمَّا القائمة الموحَّدة فقد تغيَّب أعضاؤها الأربعة عن التَّصويت . ودعونا نجتهد قليلاً في فهم الصَّواب والخطأ في المسألة :
▪️قانون حلِّ الكنيست مرَّ بواقع 61 صوتاً مقابل 54 معارض ، بدون أصوات الموحَّدة ، وذلك من لطف الله تعالى حتَّى لا يقال أنَّ الموحَّدة أنقذت نتنياهو . وذلك : " لكي لا تأسوا على ما فاتكم " .
▪️ولكن إسقاط نتنياهو هذه المرَّة ، قد يجرُّ إلى شرٍّ أسوأ منه ، مثل تراجع قوَّة التَّمثيل العربيِّ ، زيادة قوَّة اليمين المتطرِّف بقيادة "بينيت " ، وتشكيلهما معاً الحكومة الأكثر يمينيَّةً من أيِّ وقتٍ مضى ، واندثار اليسار الإسرائيليِّ نهائيَّاً عن الخارطة السِّياسيَّة ، وعندها لربَّما يتحسَّر البعض على ما فرحوا له بالأمس . وذلك من باب : " ولا تفرحوا بما آتاكم " . فالخسارة إذاً نسبيَّةٌ ، والفوز نسبيٌّ أيضاً .
▪️ماذا لو أنَّ نتنياهو الدَّاهية ، أرسل طُعماً يصطاد به غانتس من جديد ، فاتفقا على تمرير الميزانيَّة ، وتوقيف مسار التَّوجُّه للإنتخابات ؟ ، هل سيعتبر من هلَّل لإسقاط نتنياهو ، وتخوين وتبخيس الموحَّدة ، أنَّ تهليله كان مستعجلاً ، وأنَّه فعلاً كان ينبغي أن تُدرس الأمور بشكلٍ أعمق ؟ . أم أنَّها عنزٌ ولو طارت ؟ .
▪️وقد يعود غانتس لحضن نتنياهو لأنَّه يحلم بأن يصبح رئيساً للحكومة بعد عامٍ من الآن ، ثمَّ يغدر به نتنياهو مرَّةً أخرى ، فهل سيتجنَّدون مع غانتس من جديد ويعتبرونها قمَّة الوطنيَّة ، حيثما مال غانتس نميلُ ؟ .
▪️إذاً هي الخيارات الَّتي أحلاها مرٌّ . ولا يحقُّ لأحدٍ أن يزايد على أحدٍ ، إلَّا إذا استطاع أحدهم أن يفعل ما لم يسبقه إليه أحدٌ في زماننا . فإن استطاع أحدهم أن يحرِّر الوطن المغتصب ، ويردَّ الكرامة المستباحة ، ويجمع شمل شعبنا في أرضه ، أو مثل ذلك من أفعال الكبار ، فله أن يباهي أمام العالمين بعظيم فعاله .
أمَّا من كان شأنه شأننا جميعاً ، نتحرَّك ضمن حدود الممكن ، ونتصرَّف وِفق المُتاح ، فنصيب جميعاً ونخطئ ، فرُوَيدكم يا سادة ، فالحرب سجالٌ والأيَّام دولٌ ، و" لعلَّ الله يُحدِث بعد ذلك أمراً " .
▪️وختاماً :
قلناها مراراً ونكرِّرها ، القائمة المشتركة مرَّت بأزمة التَّناوُب قبل بضعة سنوات ، وكانت الحركة الإسلاميَّة ونوَّابها الأكثر شهامةً واستقامةً ، في حين راوغ الشُّركاء الباقون وماطلوا في أداء الإستحقاق لمن ينتظره . ثمَّ تنازل نوَّابنا في ترتيب المقاعد من أجل الوحدة ، والآن نقولها ونكرِّرها خيارنا جميعاً هو إعادة اللُّحمة وجمع الكلمة ، ولن نترك هذا الخيار إلَّا مُرغمين ، فإن كُتِب علينا غير ذلك ، فلن يخذلنا شعبنا بإذن الله تعالى ، لأننَّا :
▪️نحن الَّذين وقفنا مع فطرته السَّليمة ضدَّ قوانين الشَّواذِّ ، يوم أن تلكَّأ الآخرون .
▪️ونحن الَّذين نصرنا نبيَّنا يوم استحيى البعض من الدِّفاع عنه .
▪️ونحن الَّذين نهبُّ لإغاثة أهلنا في غزَّة بما نستطيع .
▪️وننصر الأقصى المبارك ولا نتوانى .
▪️ونرعى قرابة ال20 ألف يتيم وآلاف البيوت المستورة .
▪️وقد أعلنَّا عن مِنَحٍ لطلابنا الجامعيين على إسم الشَّيخ عبد الله نمر درويش رحمه الله ، ستوزَّع قريباً بعون الله تعالى وبقيمة مليون شيكل ، لتتكرَّر كلَّ عامٍ بإذنه سبحانه .
▪️ونناصر أهلنا حين تُهدم بيوتهم في النَّقب ، ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً .
▪️ في حين يكتفي الكثيرون بالتَّصريحات والخطابات .
▪️فلا تبتعدوا كثيراً في استنتاجاتكم :
▪️الحركة الإسلاميَّة مركِّبٌ أساس ، لا يمكن تجاهله أو الاستغناء عنه ، ومن يفعل ذلك فإنَّ شعبنا سوف يميِّز الغثَّ من السَّمين :و " إنَّ غداً لناظره قريبٌ " .
والله المستعان وعليه التُّكلان .
03/12/2020 09:56 pm 2,100