كنوز نت - جدعون ليفي و أليكس ليبك | هآرتس، 4.6.2020 ترجمة: أمين خير الدين
صرخت المُرْشدة "إنّه عاجز"ثم أطلقوا النار عليه
صرخت المُرْشدة "إنّه عاجز"، وصرخ إياد: "أنا معها". رجال الشرطة سألوا "أين البندقيّة"- ثم أطلقوا النار عليه
كان إياد يخاف من حلاقة دقنه وحده، حتى لا يُجْرح. كان يخاف من الدم، واضطر إلى التمرّن على الطريق للمؤسسة العلاجية مع مرْشدته مرّات كثيرة حتى تعوّد على عدم الخوف من رجال الشرطة المتواجدين على طريقه. بعد أن قُتِل أمام مرشدته، عُرّيَت تماما تقريبا عند باب الأسباط وخضعت للتحقيق لثلاث ساعات، لكنهم لم يجدوا أيّة بندقيّة هناك

خيري الحلاق والد إياد ( من اليسار) في خيمة الحداد، هذا الأسبوع، كرس الوالدان أيّم حياتهما للعلاج بالابن – تصوير أليكس ليبك
قُتِل إياد الحلاق في غرفة النفايات. حسب شهادة مرشدته التي كانت تقف بجانبه وتحاول حمايته، أُعْدِم. وقفت بجانبه في غرفة النفايات وتوسلَت لمدّة دقائق كي لا يعدموه، وهي تحاول أن تشرح لجنود حرس الحدود يأته عاجز، في اللغتين العربية والعبريّة. في النهاية أطلقوا النار علي وسط جسمه من مسافة قصيرة، وهو مُلْقًى على الأرض على ظهره جريحا يرتعد،على مصطبة غرفة النفايات.
كان إياد يخاف من الدم: كانت أمّه تحلق له دقنه كل صباح، كي لا يُجْرَح. تقول إن كل جرح بسيط كان يثير رعبه. وكان يخاف من رجال الشرطة الذين يقفون مسلّحين يوميّا على طريقه إلى المؤسّسة العلاجية التي كان يذهب إليها يوميّا ليتعلم. درّبته المرشدة على عبور هذه الطريق وحيدا وسيرا على الأقدام، أكثر من كيلومتر من بيته في وادي الجوز إلى داخل المدينة القديمة. في الأيام الأولى من دراسته كانت تتوقف معه عند ثكنة رجال الشرطة المسلّحين عند باب الأسباط. حاولت أن تُفهِمَه أنه لا داعي للخوف من رجال الشرطة، لن يصيبه أيّ مكروه منهم، أكّدت له ذلك، وحاولت أن تشرح لرجال الشرطة أنه من ذوي الاحتياجات الخاصّة، وأنه يتعلّم في مؤسّسة علاجيّة حيث تعمل هي. ومنذ ذلك التاريخ مرّ من أمامهم لمدّة ستّ سنوات، بدون مشاكل كما يبدو. كان يحمل بجيبه بطاقة من المؤسسة العلاجية حيث يتعلّم، ذُكِر بها في اللغتين العربيّة والعبريّة أنه من ذوي الاحتياجات الخاصّة، مع بطاقة العجْز المُعْطاة له من قبل مؤسّسة التأمين الوطني – بنسبة عجْز 100%. لكن كلّ هذا لم يُنْقِذه من جنود حرس الحدود، المنفلتين وذوي الأيدي الخفيفة على الزناد.

والدة أياد في بيت العائلة، هذا الأسبوع. "كان كأنه طفل ابن سنتَيْن" – تصوير أليكس ليبك
خرج إياد من بيته يوم السبت الأخير بعد السادسة صباحا. كان يتعلم في مركز إلوين (مدرسة إياد البكرية عند مدخل باب العتم مؤسسة لذوي الاحتياجات الخاصة - المترجم) على أحد أبواب المسجد الأقصى، تبدأ الدراسة في السابعة والنصف صباحا، لكن إياد جاء مُبكّرا كي يجهز المطبخ للبدء بدراسة فن الطبخ. في الأسبوع الماضي جهّز لأوّل مرّة بحياته سلطة خضراوات لوالديه. قطّع البصل والطماطم وأضاف الزيت، والده، خيري، يقول أن هذه السلطة من أشهى ما ذاقه بحياته، كان إياد يحب التعلّم في المؤسسة العلاجيّة. عندما أُغْلِقت المؤسسة لمدة شهر ونصف الشهر بسبب الكورونا، اضطرت أُمُّه أن تأخذه عِدّة مرّات إلى هناك، كي يتأكّد أن ألمؤسسة مُغْلَقة. لكن يوم السبت الماضي، وألأخير في حياته خرج من البيت منشرح الصدر وهادئا. شرب كأسا من الشاي، تناول ساندويشا أعدته له أمّه، استحمّ وارتدى ملابسه وخرج، شريط فيديو الحراسة يبين أنه سار في الشارع بهدوء، بيده كيس للنفايات، أعتاد أن ينقل النفايات من البيت خلال خروجه إلى المدرسة.
كان إياد يخاف من الدم: كانت أمّه تحلق له دقنه كل صباح، كي لا يُجْرَح. تقول إن كل جرح بسيط كان يثير رعبه
قبل السادسة صباحا خرجت أيضا ورده أبو حديد، المُرشِدة المُعالجة لإياد ابنة أل -47 سنة، من بيتها في جبل المكبر، ذاهبة إلى مؤسّسة إلوين حيث تعمل. مرّت أمام رجال حرس الحدود في ال 6:10 تقريبا الذين كانوا في موقع التفتيش عند باب الأسباط ودخلت إلى المدينة القديمة. بعد حوالي 100 متر سمعت أصواتا خلفها: "مُخرّب، مُخرّب" وفورا بعد ذلك سمعت صوت ثلاث طلقات نارية. سارعت للدخول إلى غرف النفايات بجانب الطريق، كي تجد لها ملاذا خلف الخزانة الحديدية الموضوعة في الجانب الأيمن. بعد ذلك دخل أيضا إلى غرفة النفايات تلميذها إياد مذعورا، وسقط على الأرض. كان يجلس هناك عامل نظافة يشرب كأسا من الشاي. غرفة النفايات فارغة لكنها ليست واسعة، بها عدد من الكراسي لعمال النظافة وإناء كبير للنفايات تفوح منه رائحة، يظهر على الحائط التنكي في المكان ثلاثة ثقوب جراء إطلاق النار وعلى الخزانة الحديدية لوح معدنيّ قديم عليه آيات قرآنيّة. لا شيء يشير إلى ما حدث يوم السبت الماضي، ولا أيّة إشارة.
رأت المُرشدة أبو حديد أن دما ينزف من جسد إياد المُلْقى على أرض الغرفة، على ما يبدو أنه من جُرْح برجله، بعد أن أطلق عليه جنود حرس الحدود النار خلال هروبه، وقد قالت هذا الأسبوع لمحقق مُنظمة "بتسيلم"، عامر عروري، إن إياد وقع على الأرض وبقي ما بين ثلاث – خمس دقائق وهو جريح، قبل أن يطلق عليه الجنودُ النارَ ليقتلوه. خلال هذه المدة كانت تصرخ قائلة: "إنه عاجز، إنه عاجز" وإياد يصرخ يضا: "أنا معها"، أنا معها، وهو يحاول التشبّث بمرشدته كي تحميه، بأمنيته الأخيرة، ليس من الصعب التخيل ماذا دار برأسه المُصاب في تلك اللحظات المُخيفة والأخيرة من حياته، في نفس الوقت الذي كان الجنود يصرخون عليه: " أين البندقيّة، أين البندقيّة"

إعلان عن استشهاد إياد معلّق في الشارع الذي يسكنه إياد، كان يحتفظ دائما ببطاقة من المؤسسة العلاجيّة التي يتعلّم بها (ذكِر بها بالعبرية وبالعربيّة أنه من ذوي الاحتياجات الخاصّة) – تصوير أليكس ليبك
صوّب أحد الجنود الثلاثة بندقيته أل أم 16، بينما صوب الآخران مُسدّساتهما على إياد. كانت المسافة بينهم تميل إلى الصفر، هو مُلْقًى على الأرض وهم يقفون فوق رأسه، عند مدخل غرفة النفايات. حاولت المرشدة أبو حديد أن تشرح لهم أنه ليس بحوزة إياد بندقية، وأن بيده فقط كمّامة يعتمرها في المؤسسة التربويّة وقفازات مطاطيّة. في نفس الوقت أطلق جندي النار على وسط جسم إياد- قتله في الحال.
وفي الحال وصلت المكان قوات كبيرة لحرس الحدود، معهم شرطيّة من حرس الحدود وقد صوّبت بندقيتها إلى رأس المُرشدة أبو حديد. أمرتها بالوقوف وقامت بتفتيش جسمها. لم تهدأ المُرْشدة المُرْتَعِدَة، بعد أن أُعْدِم تلميذها قبل بُرْهة أمام عينيها، هذه المرشدة المُنْفَعِلة جدّا. امرها الجنود أن تسير معهم إلى نقطة الشرطة عند باب الأسباط. وهناك جرّدوها من كل ملابسها تقريبا، فتّشوها عن البندقية التي لا وجود لها، بعد ذلك حققوا معها لمدة ثلاث ساعات. ارادوا معرفة كلّ شيء عن إياد وعن المؤسّسة التي تعلّم بها. بعد ذلك أخبروها بأنها ستُأْخَذ للتحقيق في غرفة رقم 4 المعروفة بسوء سمعتها في المسكوبية، لكنها رفضت. قالت لهم عليها الاتصال أوّلا بمديرة عملها فاستجابوا لطلبها ومكّنوها من ذلك. انضمّت لها مديرتُها وحُقِّق معها لمدة ثلاث ساعات في المسكوبيّة. حتى جاء أبناء عائلتها ونقلوها إلى المستوصف في الحيّ الذي تقيم به، كي يتأكّدوا من حالتها النفسيّة ولتهدئتها. وقد اسْتُدْعيَت هذا الأسبوع إلى مكاتب قسم التحقيق مع أفراد الشرطة للإدلاء بشهادتها حول ما حدث.
خلال ذلك اتّصلوا من المؤسّسة العلاجيّة بوالد إياد وقالوا له أن ابنه قد جُرح برجله من إطلاق النار عليه. يقول الآن خيري إن قلبه قد أوحى له بالسوء: هو يعرف أن الشرطة وحرس الحدود لا يجرحون، إنهم فقط يقتلون. خرج مع زوجته مذْعورَيْن باتجاه المركز العلاجي. لكن قوات كبيرة من الشرطة منعتهما من الاقتراب، وقالوا لهما زيادة على ذلك أنهم سيقومون بتفتيش منزلهما. لم يهتم أحد بإخبارهما عما جرى لابنهما، عندما اقتحمت الشرطة منزلهما وقاموا بتفتيشه تفتيشا سريعا، سأل أحد رجال الشرطة الأبّ: "متى تنوون القيام بتشييع الجنازة؟"
هكذا عرف الأب الثاكل أن ابنه، حبيبه لم يعد موجودا، هذه هي طريقة الشرطة، عندما يكون الأمر مُتعلّقا بالفلسطينيين. يقول خيري إن قائد القوّة عامله مُعاملة إنسانيّة، لكنه كان هناك شرطيّ عامَلَهم بخشونة وبعنف وقال لأخت إياد الثاكل، "لو كنتِ رجلا لحطمتك بالضرب" بعد أن حاولت الإمساك بذراعه خلال التفتيش.
كان هناك شرطيّ عامَلَهم بخشونة وبعنف وقال لأخت إياد الثاكل، "لو كنتِ رجلا لحطمتك بالضرب" بعد أن حاولت الإمساك بذراعه خلال التفتيش.
أحبّ مشاهدة ميكي ماوس
خيري رجل هزيل ولطيف، يُمضي هذا الأسبوع على الحُقن المُهدِّئة، لا يأكل ولا ينام، عيناه حمراء، ربّما من البكاء، وربّما من التعب، كما يروي الجميع. عاجز نتيجة حادث عمل وقع قبل 15 سنة في مصنع الشايش الذي كان يملكه في عناتا. منذ ذلك التاريخ وهو عاطل عن العمل. كان إياد ينضم إليه أحيانا في العمل كطفل.
للزوجين بنتان أيضا: ديانا، ابنة 35 سنة، وجوانا 34 سنة. جوانا مدرّسة للتعليم الخاص، تلازم أمّها الباكية، وتبدو مصدومة بما لا يقلّ عن أمّها. كرّس الوالدان حياتهما لعلاج إياد. خيري، ابن 64 سنة، ورنا 58 سنة، صحتها واهية أيضا، أمضَوا الحداد هذا الأسبوع على انفراد، كالعادة. الأب في خيمة الحِداد التي أقيمت في آخر الشارع، والأم في بيتهما. غرفة إياد في البيت الثاكل في شارع ياقوت الحموي مرتّبة ونظيفة. سرير واسع تغطّيه بطانيّة من المُخْمَل، جهاز تلفزيون على الحائط، وصَفٌّ من زجاجات العطور الرخيصة التي كان إياد يُحبّها، مرتّبة على الكومودينا، بجانب زجاجة الكوجل،. حافظ إياد على أناقته. "أنا لا أرتدي ثيابا جميلة مثله وليس لدي جهاز محمول مثله"، هذا ما يقوله والدُهُ. في إعلان الاستشهاد المعلّقة عند مدخل الشارع يبدو فتى جميل المظهر. تقول أمّه إنها لا زالت تعتقد بأنّه سيرجِع. أخذوا إياد، أريد إياد. متى يعود إياد؟ متى؟ متى؟ متى؟ طوال النهار أقف بجانب الباب، ربّما يعود"، تقول ربيّتَه طوال 32 سنة، يوما بعد يوم، ضحّيت من أجله بالكثير، تعبتُ صحيّا. يقول كلّ من عالجه إنه لم يُعالَج فلسطيني مثله. أنتم تظنون أنه كان رخيصا، ولهذا قتلتموه".
يتكلم الوالدان اللغة العبرية. عندما بلغ إياد السنتَيْن من العمر تفتّحت شكوكهما الأولى. ولمدة سنتين تنقلا بين العيادات والأطباء حتى تأكد لهما بأنه مُصاب بالتوحّدِ. بعثا به في بادئ الأمر لمدرسة خاصّة عاديّة، لكنه لم يندمج هناك. كانت السنوات الست في معهد إلوين هي السنوات الأفضل بحياته. يتأسف والداه لأنهما سمعا عن معهدد إلْوين مؤخّرا. في نهايات الأسابيع، عندما كان يذهب إلى المركز، كان ينهض في الصباح ويذهب ليشتري لوالديه كعكا قُدْسيّا مع السمسم. لم يتحدث مع الأغراب، تكلم فقط مع مّن يعرفه جيّدا. كان بعدما يتعوّد على الأشخاص يضحك معهم. عندما يكون في الشارع كان يصوِّب نظرَهُ إلى الأرض. عندما كان يمرّ شخص معروف له يلوّح له بيده يُحييه دون أن يتوقف ليتحدث معه. كان يتحدّث مع أبناء عائلته القريبين وأصدقائه ومرشديه في إلْوينْ. كان إذا جلستَ بجانبه يبتعد. كان يحتاج مزيدا من الوقت ليتعوّد عليكَ"، كما يقول الأب. خارج إطار الدراسة لم يلتقِ بأحدٍ. كان يكثر من مشاهد الصور المتحركة في غرفته. ميكي ماوس وتوم وجيري في قنال MBC3، قنال الأطفال، تقول أمُّه إنه لم يكُن يُركِّز كثيرا في الأفلام، كان يُعْجَبُ بها. "كان طفلا"، كما تقول، "طفل ابن سنتَيْن" ثم يقول ألأب بعد ذلك: "كان ابن 32 سنة لكن مع عقل ابن ثماني سنوات" كانت أُمنيته أن يعمل مساعد طبّاخٍ. حاليّا كانوا يجهزون الطعام في المركز العلاجي وبعد ذلك يسافرون لتقديمه في مدارس الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة في بيت حنينا.
كان في خيمة الحداد يجلس أحد أصدقائه من مركز إلْوينْ يلبس معطفا أسودا وكنزة سميكة. يشير نحوه الأب الثاكل ويقول: "سألتني كثيرا الآن أريد أن أسألك سؤالا واحدا. أنظر إلى هذا الشخص. أيُمْكِنك أن تلبس ما يلبسه هذا الشخص في هذا الطقس الحار؟ ماذا ترى من هذا الشخص الذي يلبس هكذا في حرّ الصيف؟ ماذا ترى؟ سآتيك بطفل صغير، ماذا ترى؟. طفل. طفل مريض. هذا ما رآه رجال الشرطة الذين قتلوا إياد". في بيتهم تقول الأمّ" كان ملاكا عندما كان على وجه الأرض وهو الآن ملاك ، وهو تحت الأرض" ثم تنفجر بالبكاء.
عشيّة اليوم السابق لقتله طلبت أمّه منه ألاّ يذهب غدا إلى إلْوينْ. لكنه صمّم على الذهاب. كالوالدَيْن الثاكلَيْن تقول إنه كان لديها إحساس بأن مكروها سيحصل لابنها. "شاهدنا في الولايات المتحدة الأمريكيّة الشرطي القاتل، أعْتُقِل. وسيُسْجن 25 سنة على الأقل. وماذا في إسرائيل؟ قتلوا ابني كأنّه ذبابة، ابني كان ذبابة".
--------------
. لم يهتم أحد بإخبارهما عما جرى لابنهما، عندما اقتحمت الشرطة منزلهما وقاموا بتفتيشه تفتيشا سريعا، سأل أحد رجال الشرطة الأبّ: "متى تنوون القيام بتشييع الجنازة؟"
كُتِب على لافتة عند مدْخل البيت بدون عناق أو مصافحة بسبب الكورونا، لكنه لا أحد يهتمّ بذلك هنا. جاء وفد من الجبهة برئاسة أعضاء الكنيست عايده توما سليمان ويوسف جبّارين لتقديم التعازي. لا زالت بطاقة العجْز والملابس الخاصة بإياد لدى الشرطة التي لم تعيدهم لعائلته. ابن عمّه، طارق عكش، مهندس كهربائي عمل في الهايتك والآن هو دكتور في الجامعة العبريّة، يريد أن يسأل: "هل يمكننا أن نتظاهر الآن؟ ونحرق مراكز شرطة كما في الولايات المتحدة الأمريكيّة؟ لا نريد أن نحرق. لكن هل يسمحون لنا بالتعبير عن الغضب؟ إنهم سيطلِقون الرصاص الحيّ علينا".

أمُّ وأختُ إياد أم وأخت إياد، جوانا، هذا الأسبوع، عشية مقتله طلبت الأم منه عدم الذهاب إلى إلْفِنْ. تصوير أليكس ليبك
سنسير بطريق إياد الأخيرة. سنتّجه إلى اليمين عند الخروج من البيت، وسنصعد صعودا إلى طريق أريحا وسنجتاز الإسشارة الضوئيّة في الطريق المزدحم والذي فوقه إعلان: "ليسمح لنا السائقون بالمرور"، حَرَم الجامعة من خلفنا والمدينة القديمة خَلْفَنا.
بعد اجتياز إياد للشارع دخل الطريق المرصوفة الممتدة على امتداد السور إلى باب الأسباط، بمحاذاة مَقْبَرة اليوسفيّه. ثلاثة جراء كلاب تختبئ بجانب سور المدينة. هنا هبط إياد في النزول، بين القبور وبين السور، دقائق قبل موته. الدرج يؤدّي إلى باب الأسباط. أربعة جنود مسلّحين من حرس الحدود مُدجّجين من أخمص أرجلهما وحتى رؤوسهما، بأيديهما عصيٌّ وبنادق، يقفون في المدخل ويوحي مظهرهما بالعنف والتهديد.
في هذا المكان سمعت المرشدة أبو حديد صوت إطلاق النار، هنا غرفة النفايات التي عُلِّقت لافتتها بجانب لافتة فيه دولوروزه (لافتة الآلام – المترجم)، هنا حاولت الاختباء من إطلاق النار وهنا وقع تلميذها، إياد، وبقي حتى مات. مركز إلْوين يبعد من هناك عشرات الأمتار، المكان الذي كان يقصده إياد ولم ينجح في الوصول إليه. ثمّة باب زجاجي أوتوماتيّ مسلحة تحمي القاصدين لهذا المركز، والدخول إليه في فترة الكورونا ممنوعة للغرباء. بدأ الفتيان بالخروج من الساحة المرصوفة، كان الوقت وقت الظهيرة وبعد قليل سينتهي اليوم الدراسيّ، المديرة، منار زماميري، تروي ان في مركزها هذا يُعالج حوالي مائة تلميذ، كلهم أبناء 21 وأكثر، بينما يوجد لجمعيّة إلْوينْ ثلاث مؤسسات أخرى في المدينة وعدد الذين يؤمونها حوالي 400 تلميذ. الهدف الأساسي هو التأهيل للمهنة.
قُبّة الأقصى تلمع من خلال فتحة يقف بها رجال الشرطة مسلّحين. تعلو ابتسامة واسعة على وجه المديرة، المقنّعة بكمامة كورونا، عندما سألناها عن إياد. "كان لطيفا جِدّاً، أحببناه كثيرا، أمّه امرأة قويّة.مُكَرِّسَة"، قالت بالعبريّة. لقد حاولتْ هذا الأسبوع أن تشرح لطلابها ما حدث لإياد.
05/06/2020 04:57 pm 7,119
.jpg)
.jpg)