كنوز نت - اعداد: محمد سليم مصاروه


      

معاني كلمات سورة الفرقان



معاني كلمات القرآن الكريم (١) الفرقان  

تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُو ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)
تَبَارَكَ: تقدَّسَ وتنزَّه وتعالى وعَظُم خَيْره وعطاؤه
الْفُرْقَانَ: ما يُفَرِّق بين الحق والباطل، والمقصود بالآية الكريمة هو القرآن الكريم، وفي مواضع اخرى تتخذ كلمة الفرقان معاني ثانية وهي:
1-الهداية والنور ﴿ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29]
 2-التوراة المنزَّلة على موسى عليه السلام: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأنبياء: 48]،
3-يوم بَدر - يوم الفرقان لاَّنه كان يومًا فَرَّق بين عهدين
 ﴿ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنفال: 41]
وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا:
خَلْق الله تعالى المخلوقات بحكمة ولهدف وعلى قَدْر مهمته التي يُؤدِّيها
نُشُورًا: بَعثًا بعد الموت
إِفْكٌ: كَذِبٌ، افتراءٌ وبهتانٌ
جَاءُو ظُلْمًا: حَكموا (الكفار) بغير الحق (على القرآن الكريم)
وَزُورًا: وشهادة بالباطل
أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ: خُرافات الأمم السابقة
اكْتَتَبَهَا: أمَرَ بكتابتها
تُمْلَى عَلَيْهِ: تُقْرَأ عليه
بُكْرَةً وَأَصِيلًا: صباحًا ومساءً
الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ:
الذي يعلم غيب السماوات والأرض

معاني كلمات القرآن الكريم (٢)الفرقان

 وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (9) تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14)
وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا:
وقال المشركون: ما لهذا الذي يزعم أنه رسول الله -يعنون محمدًا صلى الله عليه وسلم-يأكل الطعام مِثْلَنا، ويمشي في الأسواق لطلب الرزق؟ لولا أُرسِلَ معه مَلَكًا فيُنْذِرَ الناس!
 ( طبعًا هذا الكلام من باب الاعتراض والسفسطة لا غير ، لأنه على فرض لو كان مع الرسول ملاكًا، فانَّ فحوى رسالة الرسول والقران لن يتغير، وسيَدَعِّي المعارضون أنَّ تعاليم الدين يسيرة فقط على الملائكة، بينما هي فوق قدرة البشر)
جَنَّةٌ: حديقةٌ، بُستانٌ
انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ: انظر (ايها الرسول) كيف وَصَفك المشركون بأوصافٍ باطلة؛ مجنون، مسحور، يتعلم من كتب السابقين وينقل عنها، شاعر.
 ( وهي افتراءات تَدل على تخبطات المكذبين وتناقض منطقهم وهذا النهج ينتهجه الى اليوم، كل من يُصِّر على اعتناق الالحاد ويحقد على الاسلام ويعمل على الطعن فيه )
فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا: افترى المكذبون على رسالة الرسول، فهم في ضلالةٍ فلا يستطيعون العثور على سبيل: طريق، الهداية وذلك لإصرارهم على الكفر والتكذيب، وايضًا لا يستطيعون ايجاد طريق افتراء مثالية، فيدحضوا بها رسالته صلى الله عليه وسلم
سَعِيرًا: نار مستعرة، شديدة الاشتعال
سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا: نار جهنم حانقة ومغتاظة جدًا على المكذبين بيوم الحساب، وغيظها الشديد يكاد يتسبب بانفصال أجزاءها عن بعض البعض ويرافق ذلك الغيظ صوت مرعب، كذلك لتوقد جهنم واشتعالها أصوات شهيق وزفير مزعجة.
هذه التفاصيل مذكورة في الآية اعلاه وكذلك تبينها الآيات من سورة المُلْك؛ (إِذَآ أُلقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ *تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ)
إِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ:
وإذا رُمِي هؤلاء الكفار في جهنم في مكان ضيق منها وهم مُقَرَّنِينَ: مقرونة، مربوطة أيديهم إلى أعناقهم بالسلاسل
دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا: دعوا عَلى أنفسهم بالهلاك (الكفار حين يُلقَون في مكان ضيق بجهنم وأيديهم مربوطة بأعناقهم)
لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا: لا تدعوا اليوم على انفسكم بالهلاك مرةً واحدةً، بل ادعوا بالهلاك مرات عديدة فعذابكم متجدد لا ينتهي

معاني كلمات القرآن الكريم (٣)الفُرقان

 قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (15) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (16) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)
كان عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا: تَحقُّقْ كل الرغبات في الجنة والخلود فيها، هو وَعْد وَعَده عزَّ وجل للمتقين، وهو شيء سأله وتمنّاهُ المتقون في الحياة الدنيا
مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا: ما كان يجوز لنا
قَوْمًا بُورًا: قومًا هالكين
صَرْفًا: صَرْف العذاب عَن انفسكم (ذاتيًا)
وَلَا نَصْرًا: ولا ان يَصْرِفَ غَيرَكم العذاب عنكم

معاني كلمات القرآن الكريم (٤)الفُرقان

 وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20) وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26)
وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ:
 (لما استنكر المشركون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ردّ الله عليهم بقوله:) وما بعثنا قبلك -أيها الرسول -من المرسلين إلا بشرًا كانوا يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق فلست شاذًا فيهم، وجعلنا بعضكم -أيها الناس -لبعض، اختبارًا في الغنى والفقر والصحة والمرض والإيمان والكفر هل ستصبرون على ما الفروقات بينكم ام ستكفرون وتنخدعوا بضلالات المُكَذِّبين
وَعَتَوْا: وتجاوزوا الحَدَّ بالكفر
عُتُوًّا كَبِيرًا: تجاوزًا كبيرًا بالكفر والطغيان
لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ: عندما يرى الكفار الملائكةَ ساعة الاحتضار وفي القبر وعند البعث، لن تُبَشرهم الملائكة بخير ولا بنجاة (بعكس المؤمنين)
وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا: وتقول الملائكة للكفار حِجرًا: حَظْرًا، مَنعًا (عن رحمة الله والجَنَّة) مَحْجورًا: ممنوعًا، تأكيدًا في المنع
هَبَاءً مَنْثُورًا: ذرّات الغُبار والتراب المتطايرة المتفرقة والتي تبدو في ضوء الشمس (هذا سيكون مصير الاعمال الصالحة للكفار في الآخرة لن يكون لها فائدة او ثواب، وقد مرَّ معنا في سورة النور، الآية التاسعة والثلاثون والاربعون، أنَّ اعمال الكفار الصالحة في الآخرة ستبدو لهم كسراب ولن يروا لها أثرًا مثل انعدام الرؤية في الظلام الدامس)
خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا: أحسن مكانًا للاستقرار
وَأَحْسَنُ مَقِيلًا: وأحسن مكانًا للقيلولة والراحة
وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ:
يوم القيامة تتشقق السماء، ويظهر من فتحاتها السحاب الأبيض الرقيق، وتنزل ملائكة السماوات يومئذ، فتحيط بالخلائق في المحشر، ويأتي الله تبارك وتعالى لفصل القضاء بين العباد، إتيانًا يليق بجلاله.
عَسِيرًا: صَعبًا، شاقًّا

معاني كلمات القرآن الكريم (٥)الفُرقان

 وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35) فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (36)
خَلِيلًا: صديقًا
خَذُولًا: دائم تخييب الآمال
جُمْلَةً وَاحِدَةً: كاملًا مرَّةً واحدةً
كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ:
كذلك أنزلنا عليك القران -يا محمد مُتَفرقًا-كي نقوي بك قلبك ولتزداد طمأنينة لأنك ستتعرض لمواقف شديدة، فكلما تعرضْتَ لموقف من هذه المواقف نزل القرآن تسليةً لك وتثبيتاً وَصِلةً بالسماء لا تنقطع.
وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا: ترتيل الكلام معناه أن يأتي بعضه على أثر بعض على تريث وتمهل، ولذلك فالآية تحتمل أكثر من معنى
1-وأنزلنا القرآن مُتَفرقًا متتابعًا
2 -وضَّحنا القرآن بَيَنَّاه وَفَسَّرناه تفسيرًا
وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا: ولا يضربُ الكفار لك (يا محمد) من مَثَلٍ بهدف اثارة الشبهات والعناد والسفسطة، الا واجبناك الجواب الحق وبأحسن توضيح (مِثْل: لماذا يرسل الله رسولًا بشرًا؟ لماذا لم يرسل الله مع النبي ملاكًا؟ لماذا لم ينزلٌ القرآن جميعه مرة واحدة؟)
الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ:
حينما يقوم الناس من قبورهم لرب العالمين يُساقون إلى المحشر، وسيجعل الله الكفار المعاندون المكذبون بالقرآن الكريم، يمشون على وجوههم إذلالًا لهم على تكبرهم في الحياة الدنيا وعدم سجودهم لله
* نزل القرآن على الرسول -صلى الله عليه وسلم -منجمًا أي مُجَزأ أو مفرَّقًا على مدى ثلاث وعشرين سنة، وذلك لحكم عديدة.
1-تثبيت قلب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المُضي في تبليغ الدعوة وعدم اليأس من تأييد الله له ونصره عندما يواجهه المشركون بأنواع العُنْف. وفي كل وقت كان يتعرَّض لمثل هذه الأزمة فيفرج الله عنه بجرعة من القرآن الكريم، فيها التأسي بأولى العزم من الرسل والوعد بالمثوبة والنصر المُؤَزَّر، وكذلك لقاؤه مع جبريل كان يعطيه قوة وطمأنينة.
2-تسهيل حفظ القرآن على الرسول والمؤمنين؛ لأنهم أُمِّيون لا يقرءون ولا يكتبون، وكل اعتمادهم أو أكثره على الحفظ والرواية، فنزوله مجزئا يُسَهِّل حفظه واستيعابه وتدبُّره.
3-إعطاء فرصة للكفار أن يتدبَّروا كل ما ينزل من آيات القرآن، لعلهم يؤمنون بأنه معجزة ومن عند الله وحده. فكل مجموعة آيات كانت تنزل، كانت بمثابة دليلًا جديدًا على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
4-ملاحقة الأحداث الجارية والإجابة على الأسئلة المتنوعة والطارئة؛ كالرَّد على حادثة الإفك وسؤال الكفار للرسول عن قصة اهل الكهف وذي القرنين وسؤال المسلمين عن احكام الميراث وكيفية توزيع الأنفال وغيره.
5-التدرُّج في التشريع والتربية؛ فاغلب أحكام الاسلام شُرِّعت تدريجيًا مثل صيام رمضان، تحريم الخمر وغيرها. ولو أنزل الكتاب جملة واحدة لنزلت الشرائع بأسرها دفعة واحدة على الخلق فكان ذلك سَيشُّق عليهم.

معاني كلمات القرآن الكريم (٦)الفُرقان

 وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39) وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (40) وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)
وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً: وجعلنا اغراق قوم نوح آَيَةً: عِبرَةً للناس
وَعَادًا: قوم هود
وثمودَ: قوم صالح
وَأَصْحَابَ الرَّسِّ: واصحاب البئر أو الحفرة.
أصحاب الرس قوم من الأقوام الذين كذبوا رسولهم وأهلكهم الله سبحانه وتعالى، ولا توجد معلومات مؤكدة حول هويتهم، فهناك من يعتقد انهم اصحاب الأخدود المذكورون في سورة البروج، وهم جماعة من الكفار، حاولوا صرف المسلمين عن دينهم بمختلف وسائل التعذيب، حيث حفروا لهم في الأرض أخدوداً وأشعلوا فيه النار، ثمّ قذفوهم فيه، وقد صبر المؤمنون على عذابهم. وهناك من يعتقد انهم قوم كفار كذبوا نبيهم ودفنوه في بئر.
وتبقى تلك افتراضات غير مؤكدة
وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا: وَقُرُونًا: وأُمَما كثيرةً أهلكناها بِين فترات الامم المذكورة وهي: عَادٍ، ثمود واصحاب البئر
وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا:
هناك تفسيران:
1-وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ: كل مبعوث الى قومه، ضربنا له الأمثال: القصص والعبر بهلاك الأقوام السابقة المكذبة للرسل وذلك حتى يعلم انه ليس المبعوث الوحيد الذي يلاقي ما يلاقيه، وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا: وأهلكنا اهلاكًا شديدًا كل قوم من الأقوام المكذبة المعاندة لرسولهم وذلك على الرغم من رؤيتهم للأدلة والبراهين.
2-وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ: كل قوم بيَّنَّا لهم الحجج، ووضَّحنا لهم الأدلة، وأزحنا الأعذار عنهم، ومع ذلك لم يؤمنوا، وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا: وأهلكنا كل قوم كذبوا نبيهم إهلاكًا.
وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا:
ولقد كان مشركو «مكة» يمرون في أسفارهم على قرية قوم لوط، وهي قرية «سَدُوم» التي أُهلِكت بالحجارة من السماء، أفلم يشاهدوها ويعتبروا بها
نُشُورًا: بعثًا
لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا: (كفار مكة يقولون) لولا ان صبرنا على عبادة الأصنام، والصبر كان لازمًا للمداومة لان صلى الله عليه وسلم اتاهم ببرهان قاطع على نُبوته وهو القرآن الكريم
كَالْأَنْعَامِ: كالبهائم (في عدم الانتفاع بما يسمعونه)

معاني كلمات القرآن الكريم (٧)الفُرقان

 أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46)
قبضناه: جعلناه يتقلص
 يَسِيرًا: قليلًا، ضئيلًا (القصد إنقاص الظل شيئًا فشيئًا وتدريجيًا)

تتناول الآيات لطف الله عز وجل بحياة البشر ومن ذلك انه جعل الظِلَّ متغيرًا في حالة امتداد وانقباض. وتُذَكِّرنا الآيات بانه لو ارادت المشيئة الالهية لجعلت الظل ساكنًا على حالٍ واحدةٍ. إضافةً الى الأسلوب البلاغي الرائع فان الآيتين تشتملان على اشارات علمية خفية يتأتى فهمها فقط في عصرنا الحالي.
يحدث الظل عند اعتراض جسم غير شفاف أشعة الشمس أو مسار الضوء فينتج في الاتجاه المعاكس للمصدر الضوئي حيث لم يصل الضوء، ويَصّغُر الظل ويكبُر بحسب زاوية سقوط أشعة الضوء على الجسم.
تتغير أطوال الظل خلال فترة النهار، وايضًا يختلف طول الظل وزاوية سقوطه من يوم الى آخر وذلك لسببين وهما:
1-دوران الارض حول محورها، تدور الكرة الارضية من الغرب نحو الشرق ولذلك تمتد الظلال عند شروق الشمس على جهة الغرب، وفي الظهيرة تسقط أشعة الشمس عموديًا او قريبًا من ذلك فيختفي الظل او تصغر مساحته اقل ما يمكن، وبعد منتصف النهار تنتقل جهة الظل الى الشرق ثم تعاود أطوال الظل الامتداد بعد انقباضها وحتى غروب الشمس.
2-كون محور دوران الأرض حول نفسها ليس عموديًا وانما مائلًا بزاوية مقدارها 23.43660 درجة نسبة لمحور عمودي وهمي.
وبسبب دوران الأرض حول الشمس، وبنفس الوقت دورانها حول نفسها بمحور مائلٌ، تتغير زاوية سقوط أشعة الشمس بحسب موقع الارض من الشمس. فعندما تكون الكرة الارضية عن يمين الشمس يكون الوجه الشمالي من خط الاستواء أكثر اضاءة من الوجه الجنوبي، ولذلك يحدث فصل الصيف وتطول فترة النهار مقارنة مع الليل، بينما تكون فترة الشتاء جنوب خط الاستواء. وعندما تتواجد الكرة الارضية في الجهة المقابلة من الشمس يحدث الشتاء شِمال خط الاستواء الوصيف جنوبه.
إنَّ اختلاف الفصول وتغير فترات النهار والليل يصاحبه ايضا اختلاف في اطوال الظل ويحدث هذا التغير يوميًا وعلى مدار السنة.
ولو شاء الله لجعل الارض ساكنةً لا تدور حول نفسها، وعندئذٍ سيبقى الظل مُتَحجرًا لا يطول ولا ينقبض، وسيُهَيْمِن ظلام دائمٌ في جهة من الكرة الارضية بينما يدوم نهارٌ سرمديٌ في الجهة الاخرى! وبالتأكيد لن تستطيع الخلائق الصمود في تلك الظروف
 فسبحان الله والحمد لله!

معاني كلمات القرآن الكريم (٨)الفُرقان

 وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50) وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)
سُبَاتًا: راحةً لأبدانكم، انقطاعًا عن الحركة
وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ:
وهو الذي أرسل الرياح بُشْرًا: جمع بُشرى اَي تُبَشِّر بقدوم السحاب وهطول الأمطار، بين يدي رحمته: أي المطر المُبَشَّر به ستعقبه رحمة الله من سُقيا وإنبات وغيره
وَأَنَاسِيَّ: وناس، وبشر
وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا:
ولقد صَرَّفْنَاهُ: نَقَّلْنا وغَيَرْنا أماكن نزول المطر من أرض الى أخرى؛ كي يتذكر البشر نعمة إنزال الله المطر عليهم، فيشكروه، وليتذَّكر الذين مُنِعوا منه، فيسارعوا بالتوبة إلى الله -جل وعلا-ليرحمهم ويَسْقيَهم، فأبى: فرفض أكثر الناس إلا جحودًا وكفرًا بتَفَضُّلِ الله عليهم
وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا:
ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرًا، يدعوهم إلى الله عز وجل، وينذرهم عذابه، ولكنا جعلناك -يا محمد -مبعوثًا إلى جميع أهل الأرض، وأمرناك أن تبلغهم هذا القرآن، فالمسألة ليست قلةَ رسل عندنا، ونحن نستطيع أن نُخفِّف عنك ونبعث في كل قرية رسولاً يُخفِّف عنك عبء الرسالة، لكنّا نريد لك أنْ تنال شرف الجهاد وشرف المكافحة، فجمعناها كلها لك إلى أنْ تقوم الساعة.

معاني كلمات القرآن الكريم (٩)الفُرقان

 وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53)
مَرَجَ: أرْسَلَ، خَلّى وكذلك؛ خَلَطَ
 الْبَحْرَيْنِ: كل جِسْمَي ماء كبيران محيطان، محيط وبحر، بحران، نهران ضخمان، بحر ونهر ضخم
 عَذْبٌ: حلو غير مالح
 فُرَاتٌ: شديد العذوبة
 أُجَاجٌ: شديد الملوحة
 بَرْزَخًا: حاجزًا، فاصلًا بين الشَّيْئَينِ
 وَحِجْرًا مَحْجُورًا: وعزلًا معزولًا
 تذكر الآية الكريمة أعلاه، وكذلك الآية من سورة الرحمن (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ )
ظاهرة طبيعية غير مألوفة في منطقة شِبه الجزيرة العربية، ومن المستبعد أنَّ يكون صلى الله عليه وسلم وأهل قريش قد رأوها عيانًا، هذه الظاهرة هي: عدم اختلاط كل من مياه بحرين أو نهرين او بحر ونهر فيهما اختلاف كبير بدرجة الملوحة.
وتبرز ذلك جليًا عند التقاء المحيطات او مثل أنهر ضخمة في محيطات مثل؛ مَصَب نهر " فريزر " بكندا في المحيط الهادئ، مَصَب نهر " سالمون" بالولاية الامريكية " أوريغون" في المحيط الهادئ، مَصبات نهر " الأمازون " في المحيط الأطلسي
 تذكر الآية الكريمة وجود حاجز (برزخ) في منطقة التَماس وان الحاجز يُكَوِّن منقطة عازلة (حِجرًا محجورًا) بين البحرين المتباينين بدرجة الملوحة.
حيث تلتقي المياه العذبة مع المالحة تمتد المياه الأقل ملوحة الى الامام داخل المياه المالحة وفي الاسفل يحدث العكس، اذ تمتد المياه الاكثر ملوحة عبر المياه العذبة، وكلما اقتربت من القاع كلما امتدت أكثر فأكثر ، تطفو المياه العذبة فوق المالحة بسبب كثافتها المنخفضة ووزنها النوعي الأخف ، وبنظره جانبية تبدو المياه العذبة كأنها تركب فوق المياه المالحة من القاع وحتى السطح، مُتخذةً شكل مثلث مقلوب ( وتَد) ولذلك يُسمَّي ب" وتد مائي " water wedge .
ينتج شكل الوتد بسبب حدوث توازن بالضغط الهيدرودينامي (ضغط السائل المتحرك)، وهو ضغط مُوَجَّه من كل نوع من الماء نحو النوع الاخر، ويزداد الضغط مع ازدياد العمق ازداد العمق فيصل أقصاه حيث القاع ولذلك تتوغل هناك المياه المالحة أقصى ما يمكن.
بطبيعة الحال فان الحد الفاصل (البرزخ) بين المائين مُتَحرك وخاضع لقوى المد والجزر، وللتيارات السفلية للماء.
يسمى التقاء النهر بالبحر ب "مَصَّب النهر" Estuary وهي منطقة انتقالية من النهر المحصور الى البحر المفتوح، فيها تتصاعد نسبة الملوحة من النهر باتجاه البحر، وتفصل منطقة مَصَبُّ النهر بين مياه النهر الخالصة وبين مياه البحر المختلفة ولذلك فهي بيئة عازلة (حجرًا محجورًا) ذات مميزات تجعلها حيويةً ضمن سلسلة غذاء لأعداد ضخمة من الكائنات الحية وبضمنها الانسان.
في مصب النهر يُفَرغ النهر حمولته من الرواسب الطينية الغنية بالمواد العضوية، والتي تقتات عليها الكائنات الدقيقة وتنمو فتصير بدورها غذاء للمحار (الأصداف البحرية)، ولسرطانات البحر (تقضي جزء من دورة حياتها في مصبات الانهار)، ولأنواع من الاسماك (مثل السلمون والرنجة). هذه الأسماك تُعَدُّ مصدرًا غذائيًا لمستويات أعلى في السلسلة الغذائية؛ كالأسماك الاكبر حجماً والطيور البحرية والبرية (تتزود بالغذاء من مَصاب الانهار أثناء هجرتها) والثدييات (دببة، إنسان وكذا). إضافة الى ذلك، يوفر مَصَب النهر بيئة مثالية لنمو العوالق النباتية " فيتو بلانكتون" والتي تَضبُط عن طريق عملية التمثيل الضوئي، (الى جانب النباتات والأشجار) نسبة ثاني اكسيد الكربون والأوكسجين في الطبيعة.
وايضًا تحتضن بيئة مصب النهر يرقات لأنواع من الأسماك البحرية والتي تُشَكِّل %87 من اجمالي المأكولات البحرية في أمريكا.
لمصبات الانهار دور رئيسي في ضبط جودة المياه المسكوبة في البحار، إذ تنمو في قعرها وعلى ضفافها مملكة نباتية مميزة تقوم بتنقية وتفكيك (الى حد كبير) السموم والملوثات المُفرَزة في مياه الانهار من نفايات الصناعة قبل سريانها الى البحر.
كانت مصبات الانهار وما زالت من أكثر النُظُم البيئية خصوبةً وحيوية لحياة البشر ويكفي ان نعلم ان 60 ٪ من سكان المعمورة يقطنون في مدن منتشرة على ضفاف مصبات الانهار.
كما رأيتم ان وجود منطقه فاصله بين المياه العذبة والمالحة (حجراً محجورا) يؤثر إما بشكل مباشر أو غير مباشر على حياة وبقاء جميع انواع الكائنات الحية، لذا تنشط في الغرب حركات حماية البيئة الداعية الى وقف اتلاف بيئة مصاب الانهار والعمل على اصلاحها والحفاظ عليها كمحميات طبيعية.
من كَرَم الله وفضله أنَّه يُذَّكرنا عبر آيات القرآن الكريم، بجزيل نِعَمِه علينا وفضله، عسى نشكره فيرحمنا
-الحمد لله بقدر ما خلق وأبدع -
المصادر
‏http://www.iupui.edu/~g115/mod14/lecture03.html
‏http://www.whoi.edu/o…/feature/where-the-rivers-meet-the-sea
‏http://www.elements.nb.ca/t…/estuaries/janice/importance.htm
‏http://oceanservice.noaa.gov/…/e…/estuaries03_ecosystem.html

معاني كلمات القرآن الكريم (١٠)الفُرقان

 وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (56) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60)
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا:
يُمكن فهم الآية الكريمة بأكثر من معنى
1-الله خلق آدم عليه السلام من طين (تراب وماء)
2-كل انسان مخلوق من سائل المني وأيضًا من سائل البويضات وكلاهما فيهما نسبة كبيرة من الماء
فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا: فجعل الله من البشر نَسَبًا: قرابةً، أي منسوبون الى بعضهم البعض؛ عن طريق الذُكور بحُكم البُنُوَّة للآباء وبقاء الاصل الذي يُنسَب اليه من خلال النسل، أو البشر منسوبون الى بعضهم البعض بحُكْم القرابة بين الأشخاص من كلا الجنسين
وَصِهْرًا: (جَعل الله البشر ايضا ضِمن علاقة المصاهرة وهم) اهل الزوجة؛ والديها أخوانها وأخواتها
وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا: وكان الكافر على ربه ظَهِيرًا: مُعينًا، أي أنَّ الكافر بأفعاله يُعين الآخرين وربما يُلهمهم على معصية الله
قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ:
قُل -يا محمد -لست اطلب منكم أجرًا لقاء تبليغي لكم القرآن والهداية
اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ: صعد، علا على العرش.
لا يصح ان نتخيل رب العزة بمقاييس المخلوقات المحدودة، فاستواء رب العزة على العرش لا يماثل استواء المخلوقين، ويبقى الأمر غيبي نجهله ولا يمكننا تخيله
أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا: أَنَسجُدُ لِمُجَرد طلبك منا ( يا محمد ) ان نسجد
نُفُورًا: بُعدًا وفرارًا

معاني كلمات القرآن الكريم (١١) الفُرقان

 تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61)
تَبَارَكَ: تعالى وكَثُرَ خَيرُه
بُرُوجًا: هناك أكثر من معنى
1-البنايات العالية
2-النجوم (ضخمة كالأبراج)
3-الأبراج: مَنازِل النجوم
سِرَاجًا: مصباحًا، قنديلًا
لكلمة البروج في الآية اعلاه أكثر من معنى وتفسير:
1-البروج أي النجوم في السماء، وبسبب بُعدها العظيم عن الارض فهي تبدو للمتأمل مرتفعة جدًا كأنها بروج ضخمة.
2-البروج: بمعنى الأبراج: منازل / مواقع الكواكب السيارة والقمر بالنسبة الى الأرض أثناء دوران الكواكب السيارة حول الشمس.
قَسَّمت الحضارات القديمة، الفضاء المحيط بالكرة الارضية الى 12 قسمًا أو حيزًا سُمِّيَ كل قسم بُرجًا (العقرب، الجدي، العذراء، السرطان، الدلو وكذا). تدور الارض وسائر الكواكب السيارة حول الشمس، كلٌ في مساره الخاص. خلال دوران الكواكب حول الشمس فإنها تنتقل، بالنسبة للناظر ليلًا من سطح الارض، من منطقة الى أُخرى او من بُرجٍ الى آخر، ولذلك يقولون ان الكوكب الفلاني دخل في برج كذا وكذا. طبعًا الاعتقاد بانَّ دخول كوكب ما برجًا معينًا او خروجه منه سيؤثر على حياة الانسان واعماله، هو نوع من الشرك بالله والدَجَل.
3-البروج: البنايات العالية وهذا المعنى يحتمل اعجازًا علميًا رائعًا؛ ففي عام 1995 التقط مسبار الفضاء " هابل " صوراً مذهلة لأعمدة عملاقة من غيوم غبار جزيئات الهيدروجين الأكسجين والكبريت، والتي تُقَدَّر أطوالها ب 4-5 سنوات ضوئية، ويفوق حجم القسم العلوي منها الشبيه بالأصبع حجم مجموعتنا الشمسية. تمَّ تصنيف تلك الصور أحد أكثر عشر صور روعةً من بين الآف الصور التي التقطها هابل، وأطلق عليها اسم أعمدة الخلق pillars of creation لأنه تنشأ وتتولد من غبار غازاتها نجوم جديدة.
رُصِدَت اعمدة الخلق على بعد 7 الاف سنه ضوئية! بكلمات أخرى حين ننظر إليها فنحن نشاهد ما حدث في الكون قبل 7 آلاف عامًا وحين نتأمل الفضاء فأننا كمن يفتح كتاباً ويقرأ مقتطفات من ماضي الكون السحيق!
فسبحان الخالق المصور

معاني كلمات القرآن الكريم (١٢)الفُرقان

 وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً:
والله جعَلَ الليل والنهار يَخْلُفْ/ يَعْقُبُ احداهما الآخر
هَوْنًا: بسكينةٍ ووقار وتواضع
الْجَاهِلُونَ: السفهاء
قَالُوا سَلَامًا: قالوا قولًا ليس فيه سفاهة او انحطاط بالمستوى (مثل قول الجاهلين)
يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ: يُقَضُّونَ الليل في طاعة الله
اصْرِفْ عَنَّا: ابعد عنَّا
غَرَامًا: مُلازِمًا على الدوام (عذاب جهنم للكفار)
لَمْ يُسْرِفُوا: لم يُبَذِّروا
وَلَمْ يَقْتُرُوا: ولم يُضيقوا في الإنفاق (لم يبخلوا)
قَوَامًا: وسطًا، مُعتدلًا
أَثَامًا: عِقابًا وجزاءً في الآخرة

معاني كلمات القرآن الكريم (١٣)الفُرقان

 إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)
مَتَابًا: رجوعًا صادقًا، توبةً نصوحًا
وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ: والذين لا يشهدون بالباطل والكذب، وهناك معنى أعمق وهو الذين لا يحْضُرون اماكن المعاصي والضلال فلا يشاهدون الزور: الباطل والافتراء
بِاللَّغْوِ: بالكلام التافه القبيح
مَرُّوا كِرَامًا: مرّوا مُعرضين مُنكرين للباطل وقبيح الكلام، وفي ذلك اكرامٌ لأنفسهم
وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا:
من صفات المؤمنين انهم حين يُذكَّرون بآيات القرآن الكريم لم يخرّوا: لا يسقطون، لا يسجدون، دون تدبر للآيات وفهمها كما لو كانوا صُمًا: طُرْشانًا لا يسمعون، وعُميانًا. بل يسجدون وهم مغصون تمام الإصغاء، ومبصرون تمام الإبصار.
وَذُرِّيَّاتِنَا: ونَسلنا
قُرَّةَ أَعْيُنٍ: هدأة بال، سرور وطمأنينة
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا: واجعلنا قدوةً يقتدي بها بالخير المتقون
الْغُرْفَةَ: أعلى منازل الجنة وأفضلها
قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا:
قُل (يا محمد) للكافرين والمشركين أنه لولا دُعَاؤُكُمْ: دعوة الله إياكم إلى توحيده وإخلاص العبادة، له عن طريق بعثي اليكم، ما كان ليعبأ: يكترث بكم، فهو غنيٌ عن الخلق وأنتم كافرون به ولكن الله عادلٌ يُرسل رسلًا الى عموم البشر، وبما أنكم رفضتم دعوة الله لكم، فسوف يكون العذاب عليكم لِزَامًا: ملازمًا لكم في الآخرة بعد ما يحلّ جزءٌ منه بكم في الدنيا.


محمد سليم مصاروه