
كنوز نت - بقلم: سليم السعدي
استراتيجية إطالة الحرب عند نتنياهو: بين الهروب من المحاكمة وتجارة الدم *
بقلم: سليم السعدي
تتعدد القراءات حول الأسباب التي تدفع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الإصرار على إطالة الحرب في غزة، ورفض أي مبادرة لوقف إطلاق النار حتى لو جاءت من أقرب حلفائه في الغرب. البعض يراها مناورة سياسية للهروب من المحاكمة، وآخرون يرونها محاولة لترضيـة شركائه المتطرفين بن غفير وسموتريش للحفاظ على تماسك حكومته.
لكن ثمة قراءة ثالثة — قلّ من يتوقف عندها — وهي البعد الاقتصادي – الصناعي – العسكري، أي: تجارة الحرب.
أولًا: الهروب من المحاكمة… ورقة نتنياهو الأخيرة
منذ سنوات وملفات الفساد تحاصر نتنياهو، ولو سقطت حكومته سيعود فورًا إلى مقاعد المتهمين. لذلك فإن الحرب بالنسبة له ليست فقط “عملية عسكرية” بل وسيلة للبقاء السياسي، وإطالة عمر حكومته المترنحة، وخلق بيئة “طوارئ” تمنع محاكمته.
كل يوم حرب إضافي يعني يومًا آخر بعيدًا عن قوس القضاء.
ثانيًا: إرضاء المتطرفين… ضمان استمرار الائتلاف
حكومة نتنياهو تقوم على دعم بن غفير وسموتريش، وهما يسعيان إلى حرب مفتوحة لا تهدأ. إرضاؤهم يعني بقاء الحكومة، وإغضابهم يعني سقوطه.
ولهذا نراه يردد خطاب “الحسم الكامل” رغم أنه يدرك استحالة تحقيقه عسكريًا.
ثالثًا: اقتصاد الحرب… مئة مليار دولار في نصف عام
هنا يدخل الجانب الأخطر في المعادلة: ربحية الحرب.
الصناعات العسكرية الإسرائيلية حققت قفزة غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة، حيث وصلت مبيعات السلاح إلى نحو 100 مليار دولار خلال نصف سنة فقط — رقم يعادل ميزانيات دول كاملة.
الحرب صارت وقودًا للاقتصاد الحربي، ومصانع السلاح تعمل بلا توقف، والطلب الدولي يتصاعد على الأنظمة والتكنولوجيا التي يجربها الاحتلال ميدانيًا في غزة.
وعندما يتحول الدم إلى سوق، يتحول القتل إلى “استثمار”، ويصبح استمرار الحرب خيارًا مربحًا لا سياسيًا فقط، بل ماليًا أيضًا.
رابعًا: هل يسمح نتنياهو بقتل أبناء شعبه من أجل المال؟
سيقول قائل: هل يعقل أن يسمح نتنياهو بمقتل جنود ومستوطنيه من أجل الربح المالي؟
والجواب:
نعم، فالقيادة التي تبني قوتها على الخوف يمكنها أن تضحي بجزء من شعبها من أجل أهداف أكبر.
وقد رأينا في 7 أكتوبر كيف وظّف نتنياهو الصدمة لتحويلها إلى تفويض مفتوح للحرب، بدلًا من الاعتراف بفشل حكومته الاستخباري والسياسي.
التاريخ السياسي مليء بقادة يرون البشر أرقامًا في معادلة السلطة، ونتنياهو ليس استثناءً.
خامسًا: الحرب بلا نهاية… سياسة مُتعمدة
كل المؤشرات تدل على أن نتنياهو لا يريد نهاية قريبة للحرب، لأن نهايتها تعني:
سقوط حكومته
انتهاء حالة الطوارئ
عودة ملفات الفساد
اختفاء أرباح مصانع السلاح
ولادة معادلات سياسية جديدة تزيحه من المشهد
لذلك يرفع شعار “حتى القضاء على حماس”، وهو يعلم — ويعلم العالم — أن هذا هدف غير قابل للتحقق.
خلاصة تحليلية
إطالة الحرب ليست قرارًا عسكريًا بل مشروعًا سياسيًا واقتصاديًا كاملًا يقوده نتنياهو بفكر رجل يرى في كل أزمة فرصة.
إنه يوظف دماء الفلسطينيين… ويُقايض دماء الإسرائيليين أيضًا، ليبقى في الحكم وليستمر اقتصاد السلاح في ضخ المليارات.
وهكذا تتحول الحرب من “معركة” إلى صفقة، ومن “أمن قومي” إلى استثمار طويل الأمد، ومن “قرار دولة” إلى حياة أو موت لرجل واحد.
19/11/2025 07:27 am 82
.jpg)
.jpg)