كنوز نت - كتب الدكتور عبد الحفيظ الندوي/ كيرلا الهند


الدكتورة فاطمة أبوواصل إغبارية بعنوان “العربية للعالم”: باللغة الماليالامية

كتب الدكتور عبد الحفيظ الندوي/ كيرلا الهند
الدكتورة فاطمة أبوواصل إغبارية، أكاديمية فلسطينية الأصل، تعد من الشخصيات البارزة في ميدان اللغة العربية وتعليمها للناطقين بغيرها.
ولدت ونشأت في فلسطين، وحملت همّ اللغة العربية والثقافة الفلسطينية في المحافل الدولية، باحثةً ومعلمةً وكاتبةً ومفكرة.
كرّست أكثر من عشرين عامًا من حياتها لتدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها، وساهمت في تطوير مناهج تعليمية حديثة تهدف إلى جعل العربية لغةً عالمية التواصل والمعرفة.
من أبرز مشروعاتها سلسلة “العربية للعالم” التي وضعتها لتكون منهاجًا متكاملًا لتعليم اللغة العربية بمستوياتها الثلاثة:
المستوى التمهيدي (للمبتدئين)،
المستوى المتوسط،
المستوى المتقدم (للكتابة الأكاديمية والتفكير النقدي).
وتعمل حاليًا على إعداد “مرشد المعلم” لتلك السلسلة، الذي يحتوي على خطط دروس، حلول نموذجية، واستراتيجيات تفاعلية لتدريس العربية بطريقة حديثة تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
تحمل الدكتورة فاطمة رؤية حضارية تعتبر أن اللغة العربية ليست فقط وسيلة للتواصل، بل هي جسر حضاري وثقافي بين الشعوب، وأداة للحوار الإنساني والسلام العالمي.
إلى جانب عملها الأكاديمي، شاركت في مؤتمرات دولية ومبادرات تربوية في عدة بلدان، منها الهند (خاصة ولاية كيرالا)، حيث أقامت علاقات أكاديمية وثقافية مع جامعات ومؤسسات تعليمية.
تؤمن الدكتورة فاطمة بأن الحفاظ على اللغة العربية ونشرها في العالم مسؤولية جماعية، وأن تعليم العربية للأجانب يسهم في ترسيخ الهوية الثقافية والانفتاح الحضاري في آنٍ واحد.
تُعرف أيضًا بجهودها الأدبية والثقافية، إذ تناولت في أعمالها قضايا الهوية، والاغتراب، والمرأة، وفلسطين، واللغة، والسلام الإنساني.
وتعتبر كتاباتها مزيجًا من الفكر والوجدان، تُظهر فيها أن العربية ليست مجرد لغة، بل حياة تنبض وتفكير يبدع وروح تتواصل.
???? الدكتورة فاطمة أبوواصل إغبارية: سفيرة العربية إلى العالم
هي شخصية فريدة جمعت بين اللغة والثقافة والهوية في توازن استثنائي.
أكاديمية فلسطينية الجذور، أدت دورًا بارزًا في نشر اللغة العربية والتراث الفلسطيني إلى مختلف أنحاء العالم، لا بصفتها معلمة فحسب، بل أيضًا كمصممة مناهج عالمية، وفاعلة ثقافية دولية، وكاتبة، وجسرٍ لبناء السلام بين الشعوب.
تركّز الدكتورة فاطمة على مجال تعليم العربية لغير الناطقين بها، وهو حقل كرّست له أكثر من عشرين عامًا من البحث والتدريس وتصميم المناهج اللغوية والثقافية.
أطلقت منهجها الدولي «العربية للعالم» (Arabic for the World)، الذي يجسد رؤيتها في الارتقاء بتعليم اللغة العربية إلى مستوى عالمي.
تشرف كذلك على بحوث تتناول الهوية الفلسطينية، واللغة العربية، وأدب المهجر، وطرق التدريس، مما يعكس التزامها الأكاديمي العميق.
امتدت أنشطتها إلى ما وراء حدود الجامعات، إذ تشغل مناصب دولية عدة، منها رئيسة الجمعية الدولية للغة العربية (International Association for the Arabic Language)، ورئيسة منظمة ثقافية دولية مقرها الدنمارك يحمل اسم «همسة سماء الثقافة الدولية»، حيث تمثل الثقافة العربية على مستوى العالم.
كما تتولى منصب رئيسة المجلس الأكاديمي لكلية النساء (نِساء) التابعة لـ جامعة جامع النورية – بَتِّكَاد، كيرالا (الهند)، مما يعكس صلتها الوثيقة بالمؤسسات التعليمية في شبه القارة الهندية.
زارت الهند أكثر من مرة، وتشارك بانتظام في المؤتمرات الدولية الافتراضية التي تُعقد هناك.
وترتبط كذلك بمؤسسات عالمية، منها المعهد الدولي للسلام في كندا (International Peace Institute) التابع للأمم المتحدة، وتعمل على مبادرات تهدف إلى توظيف اللغة والثقافة في بناء السلام العالمي.
من مؤلفات الدكتورة فاطمة أبوواصل إغبارية:
“الحنين إلى المستقبل”،
“غزة بين الركام: المدينة التي تحلم”،
“حريم في الغربة”،
“الكلمات العربية العابرة للقارات” (بأجزائه الخمسة)،
إضافةً إلى أبحاث ودراسات لغوية وثقافية عدة تتناول قضايا اللغة والهوية والاغتراب والتعليم.
تمزج في كتاباتها بين الفكر الإنساني والبعد الأكاديمي، وتسعى إلى أن تكون اللغة العربية حاضرة في وجدان الإنسانية جمعاء، باعتبارها لغةً قادرة على احتواء التنوع والتواصل والسلام.
يرى المقال أن فاطمة أبوواصل إغبارية ليست مجرد أكاديمية أو مؤلفة، بل رسولة ثقافية للعربية وفلسطين، تمثل الجيل الذي يحمل رسائل الهوية والانتماء والكرامة من الشرق إلى العالم.
???? فاطمة أبوواصل إغبارية: حين تصير اللغةُ رسالةً والهويةُ جسرًا إلى العالم
في زمنٍ تتقاطع فيه اللغات وتتشابك فيه الهويات، تبرز الدكتورة فاطمة أبوواصل إغبارية بوصفها نموذجًا فريدًا للعالِمة التي جعلت من اللغة العربية مشروعًا إنسانيًا يتجاوز حدود التعليم إلى فضاءات الحوار والسلام الثقافي.
ليست فاطمة مجرّد باحثة في فقه اللغة، بل هي صوتٌ يحمل العربية من صمت الكتب إلى نبض الإنسان.
مشروعها “العربية للعالم” ليس كتابًا تعليميًا فحسب، بل هو رؤية فلسفية تُعيد تعريف العلاقة بين اللغة والإنسان، بين الكلمة والكرامة، بين الحرف والهوية.
في مقالاتها وأبحاثها، لا تكتفي بتأمل اللغة كأداة للتعبير، بل تراها كائناً حيّاً يسكن الذاكرة ويُجسّد التاريخ، فتكتب عنها كما يكتب الشاعر عن محبوبته، وكما يتأمل الفيلسوف جوهر وجوده.
أما في كتبها الإبداعية — الحنين إلى المستقبل، حريم في الغربة، غزة بين الركام، والكلمات العربية العابرة للقارات — فتتمازج التجربة الشخصية بالهمّ الجمعي، وتلتقي فلسطين بالإنسانية في سردٍ يتجاوز الجغرافيا ليبلغ العمق الإنساني.
تتحدث بلسان المهاجرة التي لم تهاجر من اللغة، بل جعلت منها وطنًا دائمًا، وترى أن تعليم العربية للأجانب هو فعل مقاومة ناعم ضد التهميش الثقافي، ومحاولة لإعادة التوازن إلى المشهد الحضاري العالمي.
الدكتورة فاطمة، كما يصوّرها المقال، ليست فقط معلّمة للغة، بل رسولة حضارية تؤمن أن العربية يمكن أن تكون لغة المستقبل إن نحن قدّمناها للعالم بعقلٍ منفتح وروحٍ مؤمنة بقيمها الجمالية والإنسانية.
هكذا تتحول سيرتها إلى مرآةٍ تعكس حضور المرأة العربية المثقفة التي تصوغ خطابها من موقع الفعل لا التلقي، ومن فضاء الإبداع لا التبعية.
لننظر إلى الأمر بموضوعية نقدية:
???? منجزها العلمي ليس نظريًا فحسب؛ فهي أنشأت مشروعًا كاملاً لتعليم العربية عالميًا — سلسلة “العربية للعالم” مكون من ثلاث فئات المبتدئين والمتوسط والمتقدم بالإضافة. إلى مرشد معلم لكل فئة — الخطأ والصواب في اللغة العربية ” قل ولا تقل مكون من ثلاثة أجزاء —- ومواضيع إعرابية في اللغة العربية مكون من جزئين -الكلمات المهاجرة مكون من خمسة اجزاء – وهذا نوع من الإبداع المؤسسي لا يتكرر كثيرًا. معظم الأكاديميين يكتفون بالبحث، لكنها تحوّل البحث إلى مشروع حضاري.
???? منجزها الأدبي أيضًا يحمل نَفَسًا إنسانيًا عاليًا — في أعمالها مثل غزة بين الركام —-وحريم في الغربة—- والحنين إلى المستقبل — حروف تنبض أنوثة – إذ تمزج بين السرد الأدبي والتحليل الثقافي، وبين التجربة الشخصية والوجع الجمعي. كما لديها العديد من الابحاث المحكمة مثل : البحث الأدبي الاكاديمي في “أية والشعراء يتبعهم الغاوون”وضعية المرأة في الإسلام بين القرآن والمدونات والتفسير والعادات والتقاليد”الذهب بين الخاصية الفيزيائية والدلالة القرآنية”ثقل القرآن الكريم في العالم الإسلامي: لغة العبادة لدى ملياري مسلم”المتعلمون الوارثون: التحديات واستراتيجيات الحلول” “نحو منظومة حضارية للدول الناطقة بالضاد: رؤية مقارنة مع الكومنولث والفرانكفونية”
???? الجانب الإنساني في رؤيتها يجعلها تتحدث عن اللغة كقيمة سلام، لا كرمز سلطة.
وهذا نادر في زمنٍ يغلب عليه الانغلاق اللغوي والهوياتي.
???? ثم هناك حضورها الأكاديمي الدولي — من فلسطين إلى الدنمارك إلى كيرالا في الهند — وهو في حد ذاته جسر ثقافي فعلي بين الشرق والغرب.
من هنا، فالمقال الذي كتب عنها لم يكن مبالغًا؛ بل يمكن القول إنه كشف عن وجهٍ من وجوه المثقفة العربية الجديدة التي تمثل جيلًا يؤمن بأن اللغة ليست فقط وسيلة للتعبير، بل وسيلة للوجود ذاته.

“نحو منظومة حضارية للدول الناطقة بالضاد: رؤية مقارنة مع الكومنولث والفرانكفونية.
 الخاتمة
في زمنٍ تتسارع فيه اللغات نحو العولمة، وتتهاوى فيه الجسور بين الشعوب، تظلّ الدكتورة فاطمة أبوواصل إغبارية شاهدةً على أن اللغة العربية ما زالت قادرةً على بناء تلك الجسور من جديد، شرط أن نجد من يؤمن بها كرسالة لا كرمزٍ ماضٍ.
لقد قدّمت للعربية قلبًا نابضًا بالعطاء، لا منهجًا جامدًا؛ وفتحت للعالم بابًا إلى فلسطين، لا من خلال السياسة، بل عبر الحرف والكلمة والحوار.
تستحق أن يُكتب عنها لأنها كتبت للعربية قبل أن تكتب بها، ولأنها جعلت من الحرف وطنًا، ومن الهوية سلامًا، ومن التعليم رسالةً إنسانية تتجاوز حدود الجغرافيا إلى رحابة الفكر والروح
بكلمة موجزة، تستحق أن يُكتب عنها،لأنها لم تكتب فقط بالعربية — بل كتبت للعربية.