كنوز نت - بقلم : سليم السعدي


فشل ترامب في تلميع صورة نتنياهو والكيان الصهيوني بقمة شرم الشيخ ... 

بقلم : سليم السعدي 
لم تكن قمة شرم الشيخ الأخيرة مجرد لقاء دبلوماسي عابر، بل كانت اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الولايات المتحدة على إعادة تلميع صورة الكيان الصهيوني ورئيس حكومته بنيامين نتنياهو أمام المجتمع الدولي. غير أن ما جرى على أرض الواقع كشف عن مشهد معاكس تمامًا لما أرادته واشنطن، وأكد أن الرأي العام الإقليمي والعالمي لم يعد يتقبل المسرحيات السياسية المزيّفة.

فقد أشارت الأنباء إلى أن دعوة نتنياهو للقمة جاءت بمبادرة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي حاول استغلال حضوره للحدث لإعادة طرح نفسه كوسيط سلام، ولتعويم صورة نتنياهو المتآكلة داخليًا ودوليًا بعد المجازر المتواصلة في غزة. إلا أن الخطوة كانت أشبه بـ"ضربة معلم فاشلة"، لأنّها أثارت حفيظة عدد من القادة العرب والدوليين الذين عبّروا عن رفضهم الصريح لمشاركة ممثل الاحتلال في أي فعالية تقام على أرض عربية.

تداولت بعض وسائل الإعلام أن الطائرة الرئاسية الأمريكية التي تقل ترامب تأخّر نزولها في مطار شرم الشيخ بعد أن وصلت أنباء إلى الوفد الأمريكي بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى جانب ممثلين عن السعودية والبحرين، قد ينسحبون من القمة إذا حضر نتنياهو. الأمر الذي خلق إرباكًا في صفوف المنظمين، وعرّى هشاشة الموقف الأمريكي ومحاولاته المتكررة لفرض التطبيع قسرًا على الشعوب العربية.

لقد تحوّل الحدث من محاولة لتلميع الاحتلال إلى فضيحة سياسية، ومن مشروع "سلام إعلامي" إلى صفعة دبلوماسية مدوية في وجه من أرادوا تسويق القاتل كصانع سلام. فالعالم اليوم لم يعد يجهل حقيقة من يرتكب الجرائم في غزة والضفة، ومن يقصف المدنيين ويهدم البيوت ويمحو التاريخ الفلسطيني من الذاكرة.


ما حدث في شرم الشيخ هو رسالة واضحة مفادها أن الشعوب الحرة لا تُخدع بالدعاية الأمريكية، وأن زمن التجميل الإعلامي لوجه الاحتلال قد ولّى. فالوعي العربي والعالمي يتنامى، والضمير الإنساني بدأ يستيقظ أمام أكاذيب الإعلام الغربي والسياسات المزدوجة التي تتعامل مع الدم الفلسطيني كخبر هامشي.

إن ما جرى ليس مجرد فشل سياسي، بل إدانة علنية لمشروع كامل حاول تسويق التطبيع كبديل عن العدالة، والسلام المزيّف كغطاء لجرائم الاحتلال. ومهما غيّروا وجوههم أو أدوارهم، ستبقى فلسطين البوصلة التي تفضح زيف المسرحيات الدولية، وتعيد تعريف الشرف والكرامة في زمن المساومات.


كلمة ختامية

من هنا، أقول للعالم أجمع:
كفى تواطؤًا وصمتًا على الدم الفلسطيني، كفى تجميلًا لوجه القاتل، وكفى متاجرة بشعارات السلام الزائف.
إن الشعوب العربية ليست ساذجة، وذاكرتها لا تُمحى، والتاريخ لن يرحم كل من خان القدس وتنازل عن كرامة الأمة.
فلسطين ليست ورقة تفاوض، ولا قضية هامشية، بل هي الحق الذي لا يُساوَم، والعهد الذي لا يُنسى، وستظل صرختها تُدوّي في وجه كل الطغاة مهما تغيّر الزمان والمكان.

سليم السعدي
كاتب وباحث سياسي