كنوز نت - وفاء داري/ فلسطين


"ولادة"
سيعودون…
لا لأنك ناديت
بل لأن الصمت الذي زرعته في غيابك  
أثمر في قلوبهم فراغًا ينوح،
أوقد فيهم صقيعًا لا يُدفّئه سوى ظلّك

سيعودون
حين تتساقط عن أعينهم أهداب الغفلة،
ويبدو وجهك أخيرًا 
سؤالًا لم تُدركه لغتهم،  
ولم يُجب عليه الوقت

كنت القصيدة التي لا تُقرأ  
إلا بعد خسارة
كنت المعنى المتسربلَ  
في الشقّ الخافت من الضوء
حيث لا تصل أيدي الضجيج

كنت هناك..
فوق نزيف الكلام
تربّي صمتك للكرامة حارسا
تخبئ المودّة في تلافيف القلب  
لا على طاولة التفاوض النبيل
في مواسم السقوط الهادئ
في زحام من يصرخ كي يُرى

سيعودون
لكنهم لن يعثروا عليك

فأنت الآن  
لا تسكن النسخة القديمة من نفسك
تجاوزت الحكاية  
كما يتجاوز الماء شقوق الطين  
دون أن يعود لترقيعِها

ستُهديهم سلامَك
لا لتفتح الباب،  
بل لتغلقه برحمة
فالغفران عودة، يد تلوّح  
من مسافةٍ تكتفي بالبقاء

سيعودون
متأخرًا يحملون أسئلتهم اليتيمة
يلثِمون أطلال المكان  
الذي غادرته دون ضجّة

فالشجرة…
لا تكره من استظلّ بها ومضى
ولن تنظر خلفها غضبًا
بل تنظر أمامها نضجًا يشبه النور  
حين يترك الظلّ دون عتاب

أنت لست هنا
أنت هناك.. هناك..
حيث الصمت لا يعتذر
والودّ لا يُشرح
وحيث الغيابُ انتصار.
  • وفاء داري/ فلسطين

كل الشكر والتقدير للفنان التشكيلي الأردني نصر شاهر الزعبي على اللوحة التعبيرية