كنوز نت - عربي بوست

تشبيه إسرائيل بإسبرطة العظمى
لا يتوقف بنيامين نتنياهو رئيس حكومة #اسرائيل عن استفزاز رأيه العام الداخلي، سواء من خلال استمرار الحرب الدموية في غزة، وتفريطه بالأسرى فيها، أو توتير مزيد من العلاقات الخارجية مع أكثر أصدقائهم قرباً في المنظومة الغربية، وآخرها اعترافه بدخول الدولة لمرحلة العزلة السياسية، وطلبه من الاسرائيليين "الاعتياد على اقتصاد يحمل علامات الانغلاق"، وتشبيهه لدولة الاحتلال بنموذج "أسبرطة العظمى".

وتسبب خطاب نتنياهو بعاصفة سياسية واقتصادية وأمنية بين الإسرائيليين، لأنهم اعتبروه اعترافا متأخرا بنتائج سياسته الكارثية على الدولة، لكنه في الوقت ذاته حمل لهم بشريات سيئة مفادها أن الدولة في طريقها للعسكرة على طريق اليونان القديمة، التي "أدمنت" الحروب العسكرية على حساب الاقتصاد والرفاهية، متجاهلا أن إسبرطة كانت نهايتها هزيمة مدوّية، وباتت ذكرى في كتب المؤرخين.

ردود فعل إسرائيلية غاضبة

يوفال كارني، مراسل الشئون السياسية لصحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أن تصريحات نتنياهو "الزلزالية" جاءت خلال مؤتمر المحاسبين العامين في القدس المحتلة، واعترف خلالها بأن "إسرائيل تمر بوضع سياسي صعب على خلفية الحرب في غزة، وستحتاج للتكيف مع اقتصاد ذي ملامح اكتفاء ذاتي، ليكون أسبرطة عظمى، وستواجه الدولة بعض العوائق في التجارة العالمية، لأننا في عالم يحدّ من قدرتنا على استيراد قطع غيار الأسلحة، ويهددنا بانتكاسات اقتصادية، هذا يعزِلنا، وعلينا محاربته".

لم ينتظر الاسرائيليون كثيرا للردّ على تصريح نتنياهو، حيث ازدحمت الحلبة السياسية والإعلامية والاقتصادية بسيلٍ من ردود الفعل الغاضبة، وجاءت على النحو التالي:

الرئيس الاسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، أكد أنني "عدتُ قبل يومين من رحلة دبلوماسية قصيرة إلى بريطانيا، وهي ساحة تشهد عداءً شديدًا تجاهنا، وأؤكد بشكل قاطع أن إسرائيل لم تشهد مثل هذا العداء من قبل، وبالتأكيد ليس في أكثر المناطق الاستراتيجية تأثيرًا، صحيح أن لدينا حلفاء مقربون، لكن هناك دولًا أخرى لا تُحصى تُعبّر عن تصورات أكرهها، وهي جزء من العالم الغربي الذي ما زلنا نرغب أن نكون جزءًا منه، يجب ألا نحرق الجسور معها، وألا ننتقل إلى شعب يعيش في عزلة، علينا ألا نقبل العزلة التي يسعى أعداؤنا لفرضها علينا"، وفقا لما نقله عنه عيدان بلومهوف مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت.

موقع ويللا ذكر أن زعيم المعارضة يائير لابيد وصف تصريح نتنياهو بـ"الجنوني"، لأن "العزلة ليست قرارًا مصيريًا، بل نتاج سياسة خاطئة وفاشلة للحكومة، التي حوّلت إسرائيل إلى دولة من العالم الثالث، وقد أدهشني تشبيه نتنياهو لإسرائيل بـ"إسبرطة"، لأنه ابن مؤرخ، ويعلم أنها دُمّرت، لأنها حوّلت نفسها إلى دولة حرب، وبالتالي فهو يحكم على اسرائيل بأن تكون دولة متخلفة وفاشلة من دول العالم الثالث، لأن كل شيء لديه هاوٍ ومتهاون ومتغطرس، وقيادته منحرفة، ثم يصرخ ويتذمّر قائلاً إن هناك عزلة دولية، مع أنه وحكومته تسببوا بها".

غاي عزرائيل، مراسل قناة آي 24، أورد على لسان لابيد أن "تصريح نتنياهو تسبّب بانهيار سوق الأسهم، لأن نموذج أسبرطة التي عاشت في حالة حرب دائمة سيؤثر على الطبقة الوسطى والعاملة الإسرائيلية، نحن في العام الأكثر حرجًا لمصير إسرائيل منذ عام ١٩٤٨، وإن لم نُغيّر هذه الحكومة المريضة، فإن الدولة تتجه نحو وضع سيء للغاية، وإلا فإن مقولته حول الاكتفاء الذاتي تعني أن نزرع الطماطم في الفناء، ونأكلها، وهذا كل شيء، بدون تكنولوجيا متقدمة، دون إنتاج، بدون اقتصاد".

رئيس الحزب الديمقراطي يائير غولان، اعتبر حديث نتنياهو "تأكيدا على رغبته بالحفاظ على منصبه، ولو احتاج ذلك حربا وعزلة أبديتين يفرضهما على الدولة، والتضحية بها، وباقتصادها ومستقبل أبنائها، وارتباطها بالعالم، ويجب أن يكون ردّنا على هذا "الحقير" أننا سنُغيّركم، ونُنقذ إسرائيل".
الوزير السابق وقائد الجيش الأسبق غادي آيزنكوت، رأى أنّ "الشلل الذي أصاب نتنياهو وحكومة السابع من أكتوبر في إدارة حرب غزة يُدخل الدولة في عزلة واسعة عن جميع الدول، لا يُمكن لها أن تتحمّلها، وتُدير نظامًا استبداديًا، وإذا لم يعرف كيف يحلّ الوضع، فليُسلّم زمام الأمور، ويُعيد التفويض للشعب فورًا، لن تكون فرصة أخرى لإصلاح الضرر الذي ألحقه وشركاؤه في عزل إسرائيل عن العالم"، وفقا لما نقلته عنه القناة 12.

عضو الكنيست رام بن باراك من حزب يوجد مستقبل، ونائب رئيس الموساد السابق، أكد أننا "في طريقنا إلى كوريا الشمالية، شكرًا لك بيبي".

صحيفة إسرائيل اليوم نقلت عن رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، أن "نتنياهو يعرف الحقيقة، واليوم صرخ بها، ومفادها أن حكومته الفوضوية تجرّ الدولة لأن تصبح مُصابةً بالجذام، مع أن الدولة الوحيدة ذات الاكتفاء الذاتي التي أعرفها اليوم هي كوريا الشمالية، وكلامه يعني مطاردة الجنود عندما يهبطون في مطارات الخارج، وانتقال شركات التكنولوجيا الفائقة للولايات المتحدة، وفقدان الدولة كل الميزة التكنولوجية الفريدة التي بنتها على مدار 50 عامًا، وإغلاق قنوات الاستيراد، واستمرار الأسعار في الارتفاع، وتخلي العملاء الدوليين عن الشركات الإسرائيلية، مما سيؤدي لتسريح جماعي للعمال، واستمرار إيرادات الدولة في الانهيار، وبالتالي يكون التعليم والرعاية الاجتماعية والنقل كأي دولة من العالم الثالث.

عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب إسرائيل بيتنا، أكد أن "رئيس حكومة السابع من أكتوبر" دمّر المجتمع والاقتصاد، وتصريحه هذا نتيجة مباشرة للمفهوم القائل بأنه إذا لم أكن رئيسًا للوزراء، فإن الدولة ستحترق، مع أنها تستحق قيادة مختلفة".


إيهود باراك رئيس الوزراء الأسبق، أكد في تغريدة على منصة إكس أن "نتنياهو انحرف عن مساره ، والتسونامي السياسي الذي تنبّأنا به مُسبقًا يضربنا، ثمرة إخفاقات رجلٍ مُرتبك، مُنحل، ومُهمَل، لقد مُحيت إسبرطة الأصلية، والتبشير بها اليوم يعني نهاية الدولة: اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا".

عضو الكنيست الحاخام غلعاد كاريف، قال إن "إسرائيل لم تُنشأ لتكون دولةً إسبارطيةً عظمى، وإن تصريح نتنياهو دليلٌ آخر على الكارثة التي يقودنا إليها، وعلى عجزه العقلي والسياسي والأخلاقي".

الجنرال عاموس مالكا، الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، أكد في مقال نشرته صحيفة إسرائيل اليوم، أن "خطاب أسبرطة يُعزز شعور إسرائيل بالتفكك والعزلة الدولية، وهو من الرموز الدالة على التسونامي الذي يُهدّدها".

تخوف إسرائيلي: الدولة في طريقها للهاوية، وإلى غير رجعة
الجنرال تامير هايمان، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، اعتبر حديث نتنياهو عن إسبرطة المعزولة كارثة على الأمن القومي، وبصراحة، يصعب تصديق أنه قال هذا، لأنه يعني انهيارا اقتصاديا، ونهاية العلوم المتقدمة، وهجرة أدمغة، وأزمة اجتماعية عميقة، وليست قضاءً مقضياً!

فلاديمير بيلياك، عضو لجنة المالية في الكنيست، عن حزب يوجد مستقبل، أكد أن "نتنياهو وحاشيته الفاسدة لا ينوون، ولو للحظة، العيش في "اقتصاد مكتفٍ ذاتياً"، بل سيواصلون السفر للخارج، والعيش على حساب المليارديرات المقربين، والتمتع بثمار الاقتصاد الغربي الحر، ويحصرون واقع إسبرطة المعيشي المنخفض، واقتصاد العالم الثالث على المجتمع الإسرائيلي،.

آنا بارسكي المراسلة السياسية لصحيفة معاريف، نقلت عن عضو الكنيست فلاديمير بيلياك من حزب يوجد مستقبل، أن "نتنياهو وحاشيته الفاسدة لا يعتزمون العيش في اقتصاد مكتفٍ ذاتيًا، بل سيواصلون التحليق والاستمتاع بثمار الاقتصاد الحر، ويُهيئون واقع اقتصاد إسبارطة من الطراز العالمي الثالث للعمال فقط، هذا تصريحٌ جنوني، لا يتطلب سوى ردٍّ واحد هو إسقاطه".

إيمانويل نحشون، الرئيس السابق لمديرية الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية، أن نتنياهو يُسوّق فشله على أنه نوعٌ من "القدر"، ويطلب من الاسرائيليين مرافقته في رحلته للجحيم التي يُخطط لها للدولة وسكانها.

المستشار الاستراتيجي آفي بنياهو، المتحدث العسكري الأسبق باسم الجيش، قال إن "نتنياهو، بأفعاله وإغفالاته وتصريحاته المُضللة، يُجرّ إسرائيل لهاوية لم تصل إليها قط، ويجعل الدولة ثكلى، منقسمة في الداخل، ومصابة بالجذام في العالم، خطابه يُذكّرنا بمركبة فضائية انفصلت عن قاعدتها الأم".
ألون ليئيل، السفير والدبلوماسي، والمدير العام السابق لوزارة الخارجية، أكد أن أكثر ما يجب أن يُخيف إسرائيل من العزلة المتصاعدة هو إقدام الدول على إعادة سفرائها للتشاور، أو إغلاق سفاراتها في تل أبيب، مما يعني مُفاقمة العلاقات مع أوروبا، ويزيد من تعقيد وضعها، وسيكون من السهل على الدول فرض عقوبات عليها، وفقا لما نقله سابير كامري، مراسل القناة العاشرة.

فيما حذر منتدى "أحرار في أرضنا"، أن "رئيس الوزراء يُقرّ بصوته بأن تكلفة المعيشة علينا جميعًا سترتفع، فإن هذا ليس قضاءً وقدرًا، بل نتيجة سياسةٍ يقودها، ولم يسبق لإسرائيل أن شهدت رئيس وزراءٍ فاشلًا كهذا"، فقد أصدرت هيئة الاحتجاج من أجل الديمقراطية، بيانا جاء فيه، أن إسرائيل تتغير من دولة يهودية إلى ديكتاتورية متعصبة، والعزلة نتيجة مباشرة لسياسة الحكومة، وليست قضاءً مقضيًا".