كنوز نت - بقلم الكاتب والفنان : سليم السعدي


صهيون… الكلمة المسروقة التي تحوّلت إلى خنجر استعماري

بقلم الكاتب والفنان : سليم السعدي

"صهيون" ليست كلمة يهودية، وليست من اختراع التوراة ولا من ميراث الصهيونية الحديثة. أصل الكلمة ضارب في عمق اللغات السامية، وهي تسمية عربية يمنية وكنعانية قديمة ارتبطت بالجبال والينابيع والعلوّ، قبل أن يختطفها الخطاب الديني والسياسي ليحوّلها إلى رمز زائف.

من التلة العربية إلى الخرافة الدينية

لقد كان اليبوسيون العرب – سكان القدس الأصليين – يسمّون التلة المشرفة على المدينة باسم "صهيون"، أي المرتفع الذي تنبثق عند سفحه المياه. اسم طبيعي، جغرافي، بريء من أي ادّعاءات قومية أو دينية. لكن التوراة في نصوصها اللاحقة عمدت إلى سرقة هذا الاسم وإقحامه في روايتها الجديدة، لتمنحه معنى خاصًا باليهود وحدهم. هكذا جرى اغتصاب اللغة كما جرى اغتصاب الأرض.


من الخرافة إلى المشروع الاستعماري

مع بروز الحركة الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر، جرى توظيف "صهيون" كشعار سياسي مقدّس، وتحويله إلى أداة تعبئة استعمارية. لم يعد "جبل صهيون" مجرد تلة في القدس، بل صار أيقونة مزيفة لتبرير اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وتشريد ملايينه. إنها نفس السياسة التي استغلت أساطير "شعب الله المختار" و"أرض الميعاد" لتغطي على الدم والخراب.

تفكيك الأسطورة واجب وطني

إن الاعتراف بأصل "صهيون" العربي-السامـي يعني إسقاط الأساس الرمزي الذي قامت عليه الصهيونية. فالكلمة ليست سوى تسمية قديمة مسروقة، جرى تضخيمها حتى صارت خنجرًا مسمومًا في قلب فلسطين. مهمة المثقف والإعلامي والسياسي اليوم أن يفضح هذا التزييف، ويعيد الكلمة إلى جذورها: عربية المعنى، عربية الأصل، عربية الانتماء.

كلمة أخيرة

إذا كان العدو قد سرق الأرض واللغة والتاريخ، فإن ردّنا يجب أن يكون بمستوى التحدي: كشف الأكاذيب، وتعرية الخرافة، وفضح المشروع الاستعماري الذي يستظل باسم "صهيون". هذه الكلمة التي تحاول الصهيونية أن تجعلها قدس الأقداس، ليست أكثر من شاهد على جريمة التزوير الكبرى.