.png)
كنوز نت - حسن عبادي| حيفا
متنفَّس عبرَ القضبان (127)
كنوز نت - حسن عبادي| حيفا - بدأت مشواري التواصليّ مع أسرانا الأحرار رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
أصدرت كتاباً بعنوان "زهرات في قلب الجحيم" (دار الرعاة للدراسات والنشر وجسور ثقافيّة للنشر والتوزيع) وتناولت تجربتي مع الأسيرات حتى أواخر شهر آذار 2024، حين تمّ منعي من الزيارات، وتم لاحقاً إبطال المنع بعد اللجوء إلى القضاء.
ونشرت في حينه خاطرة بعنوان "صفّرنا الدامون"... وخاب أملي.
عُدت لزيارة الدامون لمواكبة وضع حرائرنا كي لا تستفرد بهن سلطة السجون؛
وجدت الوضع مأساوياً تقشعر له الأبدان، شهادات حول التفتيش العاري الذي صار نهجاُ، والتجويع الممنهج، والتركيع المهين، ونحن صامتون صمت أهل القبور.
عقّب المحامي عبد القادر أبو فنّه: "أحييك على زيارة الأسيرات ورفع معنوياتهن وكشف المعاملة الوحشية واللا إنسانية لسلطات السجون والاحتلال. هذا عمل وطني وإنساني من الطراز الأول."
وعقّبت فاطمة جوهر من الشتات: "لا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر. ألف تحية إجلال وإكبار وامتنان للمجاهد الأستاذ حسن عبادي لجهوده المضنية في هذا الحقل الحرية للأسيرات الوطنيات هذه ضريبة العشق للوطن. الحرية-لكن يا حفيدات الخنساء وخولة وسمية-قريبا إن شاء الله".
وعقبت الأسيرة المحرّرة شروق شرف: "الله يفرج عنها يا رب. طلبنا منهم مشّاطات قالوا ممنوع... كنا نمشط بشوكة بلاستيك… والمرايا صادروهم ممنوعين. وأواعي الصلاة طالبنا فيهم 8 شهور واللي ست شهور مروحة وهي كماهم ما جابوا. الله يعينهم يا رب ويفرجها عليهم. الله يجزيك الخير ويعطيك الصحة والعافية يا أستاذ وكل عام وأنت بخير".
وعقّبت الأسيرة المحرّرة آلاء شاهين: "يسعد صباحك، كل يوم بغسل وجهي بدموع أستاذ حسن. ما أصعب الدامون! وما أحقر القمعات فيه! كانوا الفجر قمعاتهم وضرب وصراخ طول القمعة اللي مدتها ممكن تكون ساعتين متتاليتين. وأم خليل الله يعينها دايما ماسكة القرآن وتقرأ بالغرفة وكانت دايما تحكيلي بس أحفظ بنسى. بطلت أذكر شي وبضل تفكر بأحفادها طول الوقت الله المستعان. واحنا في الدامون كانوا البنات دايما يذكروك ويحكوا الله يرحم أيامك يا أستاذ حسن ".
وعقّبت المحامية أماني رضوان (أخت الأسير المحرّر إياد): "اللهم الفرج لجميع أسرانا وأسيراتنا عاجلا غير آجل يا رب. أستاذنا الرائع حسن عبادي وصاحب البصمة الإنسانية والحنونة لكل الأسرى. شهادتنا فيك مجروحة دائما أهالي الأسرى ما بنسوا وقفاتك الجدعة معهم وما بنسوا كلماتك المؤنسة والمطمئنة لقلوبهم. كنت وما زلت السند للجميع الله يعطيك الصحة والعافية وربنا يباركلك في أهلك وعيلتك وأحبابك ويديمك عونا وسندا لكل الأسرى. سلام خاص جدا إلك من الأسير المحرر إياد رضوان الطبنجة ودايما بذكرك بكل الخير".
وعقّبت أمال شيخة (والدة الأسيرة كرمل): "كل الامتنان للمحامي حسن عبادي، الذي لم يحمل رسالتنا إلى ابنتنا في سجن الدامون فحسب، بل حمل معها دفء قلوبنا وصدق مشاعرنا، وأوصلها بأمانة ووفاء يستحقان كل التقدير."
"بفائِل البنات"
زرت عصر الأربعاء 04 حزيران 2025 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة ماسة عمار حسن غزال (مواليد 16.08.2002)، جامعيّة، خرّيجة علاقات عامّة واتصال، من نابلس.
حدّثتني عن زميلات الزنزانة رقم 4 (ريهام موسى، بشرى قواريق، تسنيم عودة، ولاء حوتري وسارة همشري) وباقي الأسيرات.
حدّثتني بتفاصيل الاعتقال؛ الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة 28.04.2025، "15-20 مجنّداً، ترافقهم مجنّدتان، فتّشوني وربّطوني بوحشيّة وعصّبوا عينيّ، وأخذوني لحوارة، ومنها إلى أريئيل، إلى سجن هشارون، ومنه إلى الدامون".
الوضع في سجن الدامون سيّئ جداً، معاملة السجّانات دِفشِة، ضرب وصياح كلّ الوقت، الأكل بقوليّات، أحياناً بيض/ بندورة/ خيار خربانين والحليب طالعة ريحته، وكميّات قليلة جداً، غيارات قليلة، نقص أواعي الصلاة مأساوي، وما في خصوصيّة.
كانت مكلبشة بالإيدين وقت الزيارة (تشديدات وتنكيل ما بعد السابع من أكتوبر).
الإهمال الطبّي صارخ، والعلاج: "إشربي ميّة، وبأحسن الحالات حبّة أكامول".
فش معنا ساعات يد، بخربشوا أوقات الصلاة بشكل متعمّد، مصحفين لكل البنات، وفي غرف بدون مصحف.
صابونتين للغرفة لكلّ الأسبوع، فش مشاطة شعر وفش مراية، عقابات عالطالع والنازل، وكلّ الوقت مسبّات وشتائم من السجّانين.
تخبر والدها "كل يوم بنصلّي قيام ليل قبل صلاة الفجر، بنقرأ أذكار الصباح"، تقرأ سورة البقرة يومياً، وكذلك 7 منجيات؛ الدخان، السجود، الرحمن، الواقعة، ياسين، المُلك والحشر.
خبّر الكل: "نفسيّتي كثير منيحة وبفائِل البنات".
طلبت إيصال رسائل ومعايدات للعائلة، ولحليمة "رحت على غرفة 5 وشفت شو كانت تكتب ع الحيط"، ولصديقاتها ماسة وأسيل ونور ونهلة، وغادة وسجود، وخالتها نيفين.
وكذلك رسائل طمأنة لأهل تسنيم عودة، ريهام، آية وولاء الحوتري.
"أنت شوكة بحلقهم"
بعد لقائي بماسة مباشرة التقيت بالأسيرة كرمل محمد شاكر الخواجا (مواليد 23.01.2004)، جامعيّة، طالبة سنة رابعة إدارة عامة في جامعة بير زيت، من نعلين/ رام الله.
حين دخلت غرفة لقاء المحامي، ابتسمت قائلة: خبّر الكل، هيّاتني زي برّا، "خولِيا"، (كلمة عبريّة تُطلق على الأسيرة التي تقوم بتوزيع الطعام بين غرف القسم داخل السجن)، بخاوز مع الحوامل ومريضات السرطان، وسلّم على إمّي وخلّيها قويّة، أنا دشّرت وراي قائد.
حدّثتني عن زميلات الزنزانة رقم 2 (سامية جواعدة، سالي صدقة، زهراء كوازبة، وسناء دقة – وصلت اليوم وهي منيحة) وباقي الأسيرات في المعتقل.
بدأت بإيصال رسائل ومعايدات للعائلة، لا يوخذنا الوقت، لأخوالها خليل ورامز "اشتقت أشرب قهوة مع خوالي وأتقاتل مع خالي خليل واشتقت لطوَشُه، وخلّي الماما تشتري هديّة باسمي لخطيبة خالي رامز"، سلام خاص لستّها "بسفّط غسيل القسم وبوزّع أكل على 11 غرفة".
طلبت إيصال سلاماتها لعهد ولخالاتها "كونوا قويّات وترنّوش على إمّي تعيّطوا"، ومقبولة البرغوثي، ولزميلات الجامعة، وتبارك لكلّ من ناقشت مشروع التخرّج "خلّيكوا جدعات"، وتبارك لأحمد صدقة الخطوبة.
وسلامات لأبوها ولأخوها طارق "حلمت مرتين بمحمد ابن طارق"، قالتها مع بكاء مرير، ولآدم وشاكر ويافا وحيفا ولوسين ومحمود ومحمد، وعمها سامي.
حدّثتني بتفاصيل الاعتقال؛ ليلة 02.03.2025 من منزل جدّتها في قرية " دير قديس"، وعن
الوضع السيئ في سجن الدامون، عقابها 19 يوم، نصّه عقاب والباقي عزل انفرادي. (مكلبشة طيلة وقت الزيارة -تشديدات ما بعد السابع من أكتوبر)، الفورة أقلّ من ساعة "بسرقوا منها"، بطلّعونا ع الفورة مكلبشات، وهناك سجّانة لئيمة بتتحركش وبتضرب كل الوقت.
حلمت بدالية حناتشة "بلبس إغراضها اللي كانت تلبسهن بالسجن، وان شالله بطلع قريب ونرجع زي قبل وأحسن".
صرت منيحة، لا تقلقوا، القسم بقول "أنت شوكة، شوكة بحلقهم".
سلام لوعد وعهد صبار، وكل عام والكل بخير.
لكن عزيزتيّ ماسة وكرمل/ كراميلا/ كوكو/ كرمولة أحلى التحيّات، والحريّة لكن ولجميع أسرى الحريّة.
حيفا حزيران 2025
14/07/2025 03:35 pm 22