.png)
كنوز نت - بقلم: سليم السعدي – كاتب وفنان تشكيلي
إلى أين يتجه نبض الشارع الفلسطيني والعربي؟
بقلم: سليم السعدي – كاتب وفنان تشكيلي
في خضم العواصف السياسية المتلاحقة، والانهيارات الأخلاقية التي تكشف وجه العالم أمام معاناة الشعب الفلسطيني، تبرز حقيقة صارخة: الشارع العربي، وفي قلبه الشارع الفلسطيني، لم يمت. بل على العكس، ينبض اليوم بحرارة غير مسبوقة، ويؤسس لمرحلة جديدة من الصحوة والرفض والتحرر.
أولًا: الشارع الفلسطيني... من الوجع إلى الفعل
لقد أثبت الفلسطيني، رغم الحصار والتجويع والتطبيع والخيانة، أنه لا يزال الرقم الصعب في معادلة الشرق الأوسط. من غزة المحاصرة إلى نابلس وجنين، ومن القدس الصامدة إلى مخيمات الشتات، يتجدد الصوت الفلسطيني يوميًا: "لا شرعية للاحتلال ولا للمفاوضات الفارغة."
تعب الشارع من انتظار عدالة دولية لا تأتي، ومن سلطة عاجزة تتماهى مع المحتل، ومن وعود العالم الكاذبة. لكنه لم يستسلم. على العكس، عاد إلى الشارع، إلى الحجارة، إلى الكلمة، إلى المقاومة، بكل أشكالها.
اليوم، نرى جيلًا فلسطينيًا جديدًا لا يعرف الخوف. جيلًا لا يعترف بالحدود المصطنعة ولا بسلطة الانقسام. وحده الدم يوحدهم، ووحده الأمل يدفعهم نحو الانفجار القادم.
ثانيًا: الشارع العربي... وعي ينفجر تحت الرماد
رغم القبضة الحديدية التي تمارسها الأنظمة العربية، إلا أن نبض الشارع العربي يفضح حجم الغضب والسخط المتراكم. إنّ مشاهد التضامن الجماهيري، من المغرب إلى اليمن، ومن تونس إلى العراق، ليست مجرد لحظات عاطفية، بل مؤشرات على براكين اجتماعية وسياسية خامدة.
بات واضحًا أن الشعوب العربية لم تعد تبتلع كذبة "السلام مقابل الاستسلام"، ولا تصدق وعود قادتها بالتوازن والاعتدال. من جامعات الأردن إلى أزقة طرابلس، من ساحات بيروت إلى مقاهي الجزائر، هناك سؤال يتردد: "من الذي يمثلنا؟ أنظمتنا أم ضمائرنا؟"
ثالثًا: سقوط الأقنعة وتبدّل المعادلات
لقد سقطت الأقنعة: الحكومات تطبع، أما الشعوب فترفض. الساسة يساومون، أما الشارع فيحاكم. لم يعد الصمت مقبولًا، ولا الحياد شرفًا.
اليوم، تكشف مواقع التواصل والمنصات البديلة حجم التضامن العربي الحقيقي، وتقلب معادلة الإعلام الرسمي الذي طالما دجّن الشعوب وضلل الرأي العام. العالم الرقمي أصبح ملاذًا لحرية الكلمة، وفضاءً لتوحيد الصفوف.
رابعًا: ما بعد الغضب... إلى أين؟
إننا أمام لحظة مفصلية، تنذر بثلاث مسارات محتملة:
1. تعاظم التحرك الشعبي الذي قد يتحول إلى عصيان مدني شامل أو انتفاضات داخلية ضد أنظمة فاقدة للشرعية.
2. عودة القضية الفلسطينية إلى صدارة وجدان الأمة، بعد أن حاولوا طمسها في صفقات الغاز والنفط والصفقات المشبوهة.
3. تشكل جبهة عربية شعبية غير رسمية، عابرة للحدود والرايات، تتجاوز النخب وتفرض الواقع الجديد.
الخاتمة:
ليس الزمن وحده كفيلًا بالتغيير، بل النبض الشعبي هو الفعل الحقيقي. وما نراه اليوم في الشوارع العربية والفلسطينية ليس آخر المشهد، بل بدايته.
الشعوب لم تعد تنتظر تحرير فلسطين من "مؤتمر"، بل تؤمن أن التحرير يبدأ من الوعي، ويكبر في الشارع، ويكتمل بالفعل.
فليسمع من يريد أن يسمع... فلسطين لا تُباع، والشعوب لا تُكسر.
03/07/2025 05:13 pm 54