
كنوز نت - بقلم الباحث والكاتب : سليم السعدي
من بين الركام... تتهاوى أسطورة الكيان
بقلم الباحث والكاتب : سليم السعدي
منذ أن نشأ الكيان الصهيوني على أنقاض الأرض الفلسطينية، حاول أن يُلبس مشروعه ثوبًا تاريخيًا مقدسًا، مدّعيًا أن له "حقًا أبديًا" في هذه الأرض، مستندًا إلى روايات دينية قديمة، معظمها مأخوذ من كتب تُصنَّف على أنها "مقدسة" لدى بعض الشعوب، لكنها تخلو من أية أدلة أثرية أو تاريخية دامغة.
أطلقوا على أرض فلسطين اسم "إسرائيل"، وهو اسم لا وجود له في سجلات التاريخ أو آثار الأرض. يزعمون أن "إسرائيل" هو يعقوب عليه السلام، لكن لا وجود حتى اليوم لنقشٍ واحد، أو وثيقة واحدة، أو أثر واحد يؤكد أن شخصًا بهذا الاسم عاش فعلًا، أو أن أرضًا سُميت بـ"إسرائيل" خارج أسفارهم اللاهوتية.
فمن منظور علمي-أركيولوجي، تُعدّ مثل هذه الروايات خاضعة للتشكيك والنقاش، لأنها لا تخرج عن كونها أساطير دينية محلية لا تستوفي شروط الحقيقة التاريخية. فلو وُجدت دولة باسم "إسرائيل" في العصور القديمة، لكان أولى بها أن تترك آثارًا واضحة، كما تركت باقي الحضارات آثارها؛ من الكنعانيين إلى الآشوريين، إلى الفراعنة. لكن الواقع يُظهر أن التاريخ الحقيقي لفلسطين مرتبط بشعوب كانت هنا بالفعل، وخلّفت آثارها، ونقوشها، ولغاتها، وممالكها الحقيقية، لا المتخيلة.
لقد بُني المشروع الصهيوني على وهم، وساندته قوى استعمارية عالمية تبحث عن موطئ قدم في الشرق العربي. أما الحجة "الدينية"، فلم تكن سوى غطاء سياسي، يُستخدم كلما لزم الأمر، لإضفاء الشرعية على مشروع لا أخلاقي، ولا قانوني، ولا تاريخي.
إننا لا نُنكر الأديان، ولا نُعادِ أصحابها، ولكننا نرفض استغلال الدين لنهب أرض شعب كامل، وطرده، وقتله، وسلب تاريخه الحقيقي. فالعقائد يجب أن تكون جسرًا للسلام، لا ذريعة للاستعمار.
والأهم من ذلك، أن النضال الفلسطيني والعربي لا يقوم فقط على البعد الديني أو التاريخي، بل على الحق الإنساني والقانوني، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، ورفض الاحتلال بكافة أشكاله، مهما تلونت ادعاءاته.
اليوم، من بين ركام القرى المهدومة، ومن بين حجارة البيوت التي دُمرت، ومن بين عظام الأطفال تحت الأنقاض، يخرج السؤال الكبير:
أين هي إسرائيل التاريخ؟ أين هو يعقوب الأثر؟ وأين هو الحق الذي يبرر كل هذا الباطل؟
لقد سقط القناع... وسُحق الأسطورة تحت أقدام الحقيقة.
10/07/2025 11:14 pm 48