.png)
كنوز نت - بقلم: سليم السعدي – كاتب وفنان تشكيلي
أولاً: هل ينسلخ نتنياهو عن الليكود؟
بنيامين نتنياهو، الشخصية الأطول بقاءً في قيادة إسرائيل، يواجه اليوم تحولات سياسية حادة من الداخل والخارج. بين مطرقة حلفائه اليمينيين المتشددين وسندان الضغوط الدولية، لم يعد من المستبعد أن يسعى لنسج مشروع سياسي جديد، قد يكون على شكل حزب مستقل أو جناح معدل من الليكود نفسه.
التصعيد المستمر في غزة، والتضييق على المناورات الإقليمية، وتحكم بن غفير وسموتريتش في مفاصل الحكومة، كلّها تجعل من نتنياهو رهينة لتحالفات باتت تعرقل مشروعه الأوسع للتطبيع مع الخليج وبسط النفوذ الإقليمي. هل ستكون «الخيانة البيضاء» لحزب الليكود هي طوق نجاته؟ ربما.
ثانياً: تداعيات الحرب الإيرانية على الشرق الأوسط
الحرب الإيرانية – سواء اشتعلت مباشرة أو بالوكالة – تمثل أكبر تهديد لاستقرار الإقليم منذ عقود. استراتيجياً، هي حرب كسر عظم بين محور المقاومة ومحور التطبيع. عسكرياً، فإن اتساعها سيجرّ إسرائيل إلى استنزاف لا تحمد عقباه، خاصة إذا فشلت الضربات في شل قدرات إيران النووية والعسكرية.
أما اقتصادياً، فالحرب تعني:
ارتفاع أسعار النفط والغاز.
اضطراب الملاحة في مضيق هرمز والبحر الأحمر.
هروب الاستثمارات من المنطقة.
ورغم ذلك، قد تراهن بعض القوى على هذه الحرب لإعادة تشكيل النظام الإقليمي بوجه جديد: إسرائيل أكثر مركزية، وإيران أقل قدرة على تمويل أذرعها.
ثالثاً: هل اقتربت هدنة طويلة في غزة؟
كل المؤشرات تشير إلى أن غزة مقبلة على تهدئة طويلة – لكن بدون حل سياسي. إسرائيل تريد القضاء على «تهديد حماس»، لكن تكاليف الحرب أصبحت باهظة. بينما المقاومة تصمد، والمجتمع الدولي بدأ ينقلب على الصورة النمطية لإسرائيل.
في ظل الانقسام داخل الحكومة الإسرائيلية، وضغوط أمريكية وخليجية، يبرز سيناريو "الهدنة مقابل الإعمار"، لكن دون الاعتراف بحماس، ودون حل دائم. إنه حل هش، مؤقت، لكنه قد يُمدد لسنوات.
رابعاً: هل الشارع العربي صامت أم فهِم اللعبة؟
صمت الشارع العربي ليس جبناً، بل انعكاس لتحول عميق. لقد فهمت الشعوب أن القضية الفلسطينية لم تعد أولوية لأنظمتها، وأن التطبيع يُطبخ على نار باردة، ويجري تمريره كأمر واقع.
كما أن الشعوب فقدت الثقة بالنخبة السياسية، وبجدوائية الاحتجاج. فوق هذا، أدوات القمع والترهيب باتت أكثر تطوراً. لكن هذا لا يعني موت القضية، بل انتقالها من مرحلة العاطفة إلى مرحلة الوعي المركّب
خامساً: الانقسام الإسرائيلي ومولد معارضة جديدة
شهدت إسرائيل خلال الحرب الأخيرة تصدعات غير مسبوقة، ليس فقط في الشارع، بل في بنية النظام ذاته. الجيش يعارض الحكومة، والمخابرات تتذمر، والعلمانيون غاضبون من تسلط الأحزاب الدينية.
في هذا المشهد، بدأ يبرز تيار معارض يمثل ما يُعرف بـ"إسرائيل الليبرالية القديمة"، بقيادة شخصيات مثل يائير لابيد، وجدعون ساعر، وحتى رئيس الموساد الأسبق كرسن، الذي بدأ يعلو صوته ضد مشروع نتنياهو التوسعي.
هذا الانقسام قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة، أو إعادة تشكيل حكومة تكنوقراط برعاية أمريكية وأوروبية.
الختام:
المشهد الإقليمي يوشك أن يُعاد تشكيله من جديد، ومعه ملامح الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ومصير التحالفات العربية. ووسط كل هذا، تبقى الكلمة الأخيرة للشعوب: إن نطقت.
سليم السعدي كاتب وفنان تشكيلي
29/06/2025 10:34 am 61