.png)
كنوز نت - بقلم رانية مرجية
همسات من الوطن العربي" – قصص قصيرة جداً
بقلم رانية مرجية
إيران – حجر في جيب الطفلة
في أزقة "سَنندَج" الملطخة بصوت البنادق، أخفت ليلى حجراً صغيراً في جيبها.
قالت لأخيها:
– إن جاءوا لاعتقال أبي، سأرميه عليهم...
ضحك أخوها:
– وهل يكفي حجر؟
أجابته بعين لم تعرف الضحك:
– يكفيني أن يشعروا بأني لست خائفة.
الأردن – ظلّ الجدّة
في الكرك، نامت أمينة على حصيرة قديمة.
في كل صباح، كانت تخرج صور الجدّة وتغسلها بماء الورد.
قالت لأمها:
– كانت تشبه الأردن، صلبة وحنونة.
صمتت الأم، ثم همست:
– والآن الأردن يشبه صورها... جميلٌ في البرواز، متعبٌ في الحقيقة.
فلسطين – حجر العودة
في جنين، انتظرت الحاجة سعاد حفيدها عائدًا من السجن.
حملت له زوّادة، ومفتاح البيت الذي ما زال في حيفا.
وعندما عاد، قال لها:
– جدتي، بيتنا صار فندقًا.
أغمضت عينيها، وناولته المفتاح:
– ما دام لك، لا يهم من يسكنه مؤقتاً.
سوريا – صمت على ضفاف بردى
على ضفة بردى، كان الولد يرسم سمكة.
اقتربت منه أمه وقالت:
– لما لا ترسم طائرة؟
أجابها وهو يضغط بالقلم:
– الطائرات تقتلنا…
أريد شيئاً يبقينا في الماء، لا في الهواء.
لبنان – صوتٌ تحت الأنقاض
بعد الانفجار، نادت الصغيرة من تحت الركام:
– ماما، لا تطفئي الضوء… أنا خائفة.
ردّت امرأة من بعيد:
– أنا أيضاً يا بنتي… لكن لا ضوء في بيروت الآن، فقط رماد وأغنيات تُغنّى لتنسينا الجراح.
العراق – آخر عود ثقاب
في البصرة، جلس الحاج حيدر يشعل آخر عود ثقاب لديه ليغلي الشاي.
تأمله حفيده وقال:
– جدي، لماذا لا تشتري غاز؟
أجابه بمرارة:
– لأنه في بلادي، النار متوفرة... فقط السلام مفقود.
الكويت – مَعلّقة على الحائط
في بيت جدها، كانت صورة الأب المفقود بالحرب معلقة كتميمة.
قالت الجدة لحفيديها:
– ما زال هناك، في حدود لم تُغلق بعد.
ضحك أحدهما:
– الجدران تنسى.
ردّت بصلابة:
– نحن من يذكّرها.
تونس – وردة في البال
في سيدي بوزيد، تركت نادية وردة على قارعة الطريق.
سألها الشرطي:
– لماذا الوردة هنا؟
قالت:
– كانت هنا عربة محمد… ومن هنا اشتعلت الحكاية.
ثم مشت… كمَن يوقد الثورة كل صباح.
مصر – صمت أبي الهول
في الجيزة، نظر الطفل إلى أبي الهول وسأل المرشد:
– ليه ساكت كده؟
ضحك الرجل:
– لأنه شايف كل شيء وساكت…
رد الطفل بعفوية:
– يعني زيه زي جدي… كل ما نحكي له عن غلا المعيشة، يضحك ويسكت.
الجزائر – رائحة الليمون
في القصبة، كانت الجدة تُرش ماء الليمون على الدرج.
قالت حفيدتها:
– ليه يا جدتي؟
أجابت:
– حتى ما ينسى البيت ريحته، مثل ما نسينا ريحة التحرير.
أكملت وهي تهمس:
– الثورة مش بس في الكتب، الثورة في تفاصيل البيت.
بقلم: رانية مرجية
كاتبة وناشطة فلسطينية تسرد وجع الشعوب من نبض الإنسان العادي، لا من سطور الملوك.
20/06/2025 10:09 pm 74