
كنوز نت - بقلم الكاتب الفنان: سليم السعدي
على عتبة الانفجار: هل التهديد بقصف إيران مقدّمة لحرب كونية أم تمرير لمشروع تفتيت الأمة؟
- بقلم الكاتب الفنان: سليم السعدي
1. هل نحن على عتبة حرب كونية؟
ليس من السهل الجزم، لكن المؤشرات لا تدل حتى اللحظة على نية حقيقية لدى القوى الكبرى (أميركا، روسيا، الصين) بالانزلاق إلى حرب عالمية شاملة. ومع ذلك، فإن التصعيد حول الملف النووي الإيراني قد يؤدي إلى:
•حرب إقليمية كبرى تشمل إيران، إسرائيل، وربما دول الخليج
•استدعاء أطراف دولية للتدخل أو التموضع، مما يزيد من خطر الانفجار الأشمل.
لكن يبقى خيار "الحرب الكونية" مستبعدًا في المدى القريب، لأن توازن الرعب النووي لا يزال رادعًا رئيسيًا
2. هل التهديد بقصف إيران هو وسيلة لتخويف الدول العربية؟
نعم، هذا استخدام استراتيجي للتهويل. الهدف ليس إيران فقط، بل:
•إشغال الدول العربية بالخوف من "الخطر الشيعي" بدل التركيز على المشروع الصهيوني أو على بناء الذات.
•دفع دول الخليج للتحالف العسكري العلني مع إسرائيل بدعوى "عدو مشترك" (إيران).
•شرعنة تدخلات أمنية أجنبية في المنطقة تحت شعار الحماية من "التهديد الإيراني"
هذا الخطاب خدم مشاريع تطبيع، وصفقات سلاح، وربما إعادة هندسة الولاءات في المنطقة.
3. هل هناك مشروع لتفتيت الأمة ونهب الثروات؟
بلا شك. مشروع "تفتيت المنطقة" ليس جديدًا:
•سايكس بيكو 2 تجري ملامحه تحت غطاء "الطوائف والإثنيات"
•الفراغ الاستراتيجي الناتج عن ضعف الأنظمة، يُستثمر لصالح شركات غربية، ومصالح دولية.
•الفتنة السنية الشيعية، والعربية الفارسية، والقبلية والعرقية، كلها أدوات لتمزيق الأمة إلى جزر ضعيفة متصارعة.
تحت هذه الفوضى، تُنهب الثروات: الغاز، النفط، المياه، والمعادن، فيما يُخضع الشعب العربي بمزيد من التطبيع والتجويع والرقابة.
خلاصة:
ما يجري ليس مجرد "تهديد" تقني بقصف مفاعلات نووية، بل:
•ورقة سياسية لإعادة هندسة المنطقة
•خنق الوعي العربي والإسلامي بين قطبي الخوف والطائفية
•تمرير مشاريع تطبيع، تفتيت، ونهب ثروات تحت أعين شعوب أنهكها الإعلام والخوف
لكن الخطر الحقيقي ليس إيران وحدها، ولا إسرائيل وحدها، بل منظومة عالمية تعمل على تفكيك كل ما يوحّد هذه الأمة.
في ظل التصعيد المتكرر بشأن البرنامج النووي الإيراني، وتلويح بعض القوى الإقليمية والدولية بالخيار العسكري، يتساءل المراقب العربي: هل نحن فعلاً على أبواب حرب كونية؟ أم أن ما يُعرض أمامنا هو مسرح مدروس لإعادة تشكيل المنطقة، وإبقاء الشعوب في حالة رعب دائم، يُستخدم كستار لتمرير مشاريع أعمق وأخطر؟
أولًا: التهويل بالحرب.. سلاح استراتيجي لا نية حقيقية لاستخدامه
التهديد بقصف المنشآت النووية الإيرانية ليس جديدًا، وهو يتكرر منذ عقدين تقريبًا. لكن قراءة السياق الجيوسياسي الحالي توضح أن القوى الكبرى، رغم تناقضاتها الظاهرة، ليست بصدد التورط في حرب كونية مفتوحة. فالحسابات النووية، والأثمان الاقتصادية، والتوازنات الدقيقة تمنع الانزلاق نحو صدام عالمي مباشر.
لكن رغم استبعاد "الحرب الكونية"، فإن الحرب الإقليمية المحدودة أو الواسعة لا تزال احتمالًا قائمًا، خصوصًا إذا اختارت إسرائيل أو قوى أخرى المغامرة بقصف المنشآت النووية، وما سيترتب عليه من ردود فعل قد تشمل الخليج، العراق، سوريا، لبنان، واليمن
ثانيًا: تهديد إيران.. فزاعة لإخضاع العرب
يُستخدم "الخطر الإيراني" كأداة ضغط إستراتيجية، ليس فقط لشيطنة طهران، بل لتبرير التحالفات مع قوى الاحتلال والاستعمار القديم–الجديد. فالدول العربية، وبخاصة الخليجية، تُدفع اليوم دفعًا نحو أحضان إسرائيل وأميركا، بذريعة وجود "عدو مشترك "
هذا التخويف الممنهج يؤدي إلى:
•تقويض أي إمكانية لبناء مشروع عربي موحد
•تحويل الصراع المركزي مع الاحتلال الإسرائيلي إلى صراع طائفي ومذهبي
•عسكرة الخليج وتحويله إلى سوق دائمة للسلاح، وقاعدة خلفية للقوى الدولية.
ثالثًا: تفتيت الأمة ونهب الثروات.. المشروع المستتر
في العمق، ما يجري في المنطقة ليس صراعًا على مفاعل نووي، بل هو تجسيد لمشروع أكبر وأخطر: مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، الذي يهدف إلى تفكيك العالم العربي والإسلامي إلى كيانات طائفية، عرقية، وإثنية، متصارعة وضعيفة، عاجزة عن امتلاك قرارها أو الدفاع عن ثرواتها.
هذا المشروع يخدم أهدافًا ثلاثية:
1.الإبقاء على الهيمنة الغربية والصهيونية
2.تسهيل نهب الموارد الطبيعية من نفط وغاز ومياه ومعادن
3.منع نشوء أي قوة إقليمية مستقلة ومتحررة من الوصاية
وما الفوضى الدائرة في سوريا، العراق، ليبيا، السودان، اليمن، ولبنان، إلا مخرجات أولية لهذا المشروع التمزيقي
الخلاصة:
نحن لا نقف فقط على حافة حرب محتملة، بل نحن داخل مشروع يعيد صياغة وعي الإنسان العربي، ويجعل من الخوف أداة حكم، ومن التهديد أداة طاعة، ومن التحالف مع المحتل خيارًا استراتيجيًا
لكن الوعي الشعبي، وامتلاك أدوات تحليل الواقع، والربط بين الظاهر والخفي، هي أولى خطوات المواجهة
ولن تقوم لهذه الأمة قائمة ما دامت تُخدع بالخطر الطائفي وتُغفل عن الخطر الاستعماري. فالمعركة ليست بين العرب وإيران، بل بين شعوب المنطقة و"مشروع التفكيك الشامل" الذي تقوده قوى الهيمنة بثياب مختلفة
12/06/2025 11:36 pm 132