سجن “مٓجِدّو” يسرق من مجد صحته وحريته!


كيوبرس-جُمان أبو عرفه

في أحد زقاق حي وادي الجوز بالقدس المحتلة، وتحديداً قبل نحو عام من اليوم، انقض خمسة مستعربين على الطفل مجد نادر سعيده 14 عاماً وانهالوا عليه بالضرب المبرح ليختطفوه بعدها بعيداً عن حضن عائلته، ليمكث في سجون الاحتلال ويحكم عليه بالسجن لمدة عام ونصف؛ قضى منها سبعة أشهر في الحبس المنزلي مع دفع غرامة مالية بقيمة-10آلاف -شيكل بتهمة “إلقاء الحجارة”.

“مسكّن ألم”، وفقط!

تركت ضربات المستعربين (وحدة خاصة في جيش الاحتلال) آثارها على جسد الطفل الأسير مجد، والتي عانى منها طويلاً أثناء فترة سجنه، ويبدو أنها ستترك أثرها على نفسه وجسده طويلاً، حيث احتاجت جبهته لأربعة غرز طبية ورقبته لخمسة غرز حتى يلتئم جراحها التي سببتها ضربات المستعربين. لم تقتصر جراح مجد على الغرز الطبية فقط، ففي أحد غرف سجن مجدو، بدأ مجد فجأة بالصراخ متألماً، تم تحويله بعد ذلك إلى عيادة السجن، وتشخيص حالته بأنها “تسمم غذائي” وأُعطيّ مسكناً للألم فقط!. استمرت آلام مجد على مدار تسعة أيام، ليزداد آلمه حدة في اليوم العاشر وتملأ صرخاته غرفة السجن، ومع ذلك لم يستجب السجانون لندائه.

إهمال طبي.

تم نقل مجد أخيراً إلى مشفى العفولة، ويكشف التقرير الطبي الخاص به أن “الزائدة” قد انفجرت لديه بسبب ضربات المستعربين عند اعتقاله، وانفجارها هذا أدى إلى تسممٍ في جسده وتضرر الأعضاء الداخلية. يتهم والده نادر سعيدة “أبو جهاد” إدارة السجن بالإهمال الطبي حيث كان بالإمكان استدراك وضعه من البداية لكن الأطباء اكتفوا بالمُسكن كدواء له، ويضيف أبو جهاد في حديث لـ (كيوبرس): “هاتفني الطبيب وقال لي أن نجلي مهدد بالموت ووضعه الصحي خطير، ويتطلب مني أن أعطي موافقتي لإجراء عملية سريعة له”.

72 يوماً في غيبوبة!

مكث الطفل الأسير مجد 72 يوماً متواصلاً في غيبوبة دخلها بعد خضوعه لتلك العملية، التي أُجريت في منطقة المعدة وخلّفت 23 غرزة طبية ما زال يعاني منها حتى الآن حيث أصيبت بتقرحات بسبب استمرار اعتقال مجد والإهمال الطبي لحالته، تقول والدته أم جهاد لـ (كيوبرس): “هناك تشوه واضح في منطقة البطن لديه، لا اعتقد أن العملية تمت بالشكل الصحيح، مجد يخجل من شكل بطنه الخارجي، التقرحات والغرز واضحة”، وتتابع والدته مستذكرة ما جرى مع نجلها: “والده ممنوع من زيارته في السجن، أزوره لوحدي، وفي إحدى الزيارات لاحظت تراجعاً واضحاً في وزنه وشحوباً في وجهه، سألته عن السبب، فقال لي أن معدته تؤلمه وأنهم لا يستجيبون لآلامه أبدا، بعدها أبلغونا أن وضعه خطير وسيتم إجراء عملية جراحية له”.

خسر 30 كيلوغراماً!

تمكن والدا مجد من زيارته في مشفى العفولة حيث مكث بعد إجراء العملية، وأكدا أنه كان مقيّد اليدين والقدمين رغم فقدانه الوعي. ويوضح الوالدان أن مجد أخبرهما بقيام حارسي الاحتلال -الذين كانا يرافقانه-بالاستهزاء به وتحريك سريره كلما همّ بالنوم.

خسر الطفل الأسير مجد سعيدة قرابة 30 كيلو غراماً من وزنه، ويؤكد والداه أنه كان يتمتع بصحة ممتازة قبل اعتقاله ولم يكن يعاني من أي أمراض سابقة، لكن الاعتداء عليه واعتقاله قلبا موازين صحته-على حد تعبيرهما-.

مجد المُجِد الخلوق.

مرت ذكرى مولد مجد الخامسة عشر خلف قضبان السجن وداخل سرير المرض، كما فوّت اعتقاله عليه سنة دراسية كاملة. ويذكر والده أنه كان طفلاً خلوقاً وهادئاً ومُجِداً في دراسته ويحتل الترتيب الرابع بين إخوته الستة، أما والدته فتستذكر هدوءه وحنانه ورهافة حسه وتقول: “كان يوصيني بإخوانه الصغار أثناء زيارتي له، هو يحب الدجاج المحشو، وطلب مني أن أصنعه لإخوته الصغار، لكنني لن أفعل ذلك حتى يتحرر من سجنه!”.

سرقة الطفولة المقدسية.

حتى الآن ترفض محكمة الاحتلال الإفراج عن الطفل مجد رغم وضعه الصحي المتدهور-والذي تثبته التقارير الطبية-، ورغم صغر سنه وضعف بُنيته أيضاً، ليصطف إلى جانب 560 قاصرٍ في القدس المحتلة اعتقلوا منذ مطلع عام 2016 الجاري، حيث أكدّ رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين عيسى قراقع أن 110 قاصراً من القدس يقبعون حاليا في سجون الاحتلال من بينهم 4 قاصرات و10 أطفال محتجزين في مراكز للأحداث بالإضافة إلى 60 طفلا وضعوا قيد الحبس المنزلي.