كنوز نت - بقلم: رانية مرجية


إلى “أليكي كريستدولو شوفاني”… مع الامتنان كله والحب كله
بقلم: رانية مرجية
حين يُسأل الإنسان عن جذور البدايات، لا يسعه إلا أن يعود إلى تلك اللحظة الأولى التي لامسه فيها ضوء، فأنار الدرب الطويل. وأنا، كلما تذكرت بداياتي في التعبير، في الكتابة، في الوقوف على خشبة الحياة بثقة، أعود إلى تلك المرأة التي رأت في طفلة خجولة شيئًا يستحق أن يُروى، ويُكتب، ويُحتضن.
أليكي كريستدولي شوفاني…
اسمك محفور في ذاكرتي بصدق العاشق للكلمة، وامتنان التلميذة التي لولاك، لما امتلكت الجرأة لأن تكتب أول حرف، ولا الإيمان بأن صوتها يستحق أن يُسمع.
كنتِ معلمتي في مدرسة تيراسنطا الرملة، وأكثر من ذلك بكثير. كنت العين التي رأتني، القلب الذي سمعني قبل أن أتكلم، واليد التي دفعتني بلطف لأقف أمام العالم وأقول: “أنا هنا”.
نعم، كنتِ أول من اكتشف في داخلي تلك البذرة الصغيرة من الحرف، من الشعر، من الصوت الذي يرتجف لكنه لا ينهار. لولا كلماتك، تلك التي لم تكن كلمات عابرة بل نبوءة صادقة، لما تجرأت على أن أكون “رانية مرجية” التي أكتب باسمي اليوم.
أتذكرك بامتنان يفيض. أتذكرك حين كنت تقرئين نصوصي الصغيرة أمام الصف، وعيون زميلاتي تلمع بدهشة وأنا أخفي خجلي تحت الطاولة.

أتذكرك حين دعوتني للمشاركة في أول أمسية مدرسية شعرية، وحين وضعتِ يدك على كتفي وقلتِ: “أنتِ لا تكتبين فقط… أنتِ تُضيئين”.
هل تعلمين كم من الأعوام احتجت لأفهم حجم هذه الجملة؟!
لقد منحتني ما هو أكبر من التعليم. منحتني الإيمان بنفسي، وأحييتِ في داخلي امرأة لم تكن لتولد لولاك. واليوم، بعد كل هذه السنوات، وكل ما كتبته ونشرته، وكل ما عشته، أعود إليكِ ليس لأكتب عنك فقط، بل لأقول لكِ:
شكرًا، من قلبي، ومن قلوب كثيرة لا تعرف أنكِ من أضاء الطريق لنا جميعًا.
بل وأكثر من ذلك، ومن شدة حبنا لكِ، من احترامنا العميق لما تمثلينه من طيبة وكرامة وصدق وإنسانية، أطلق والدي ووالدتي اسمك على أختي الصغيرة.
نعم، نحن في بيتنا نادينا الطفلة “أليكي”، لأنكِ بالنسبة لنا لم تكوني مجرد معلمة، بل كنتِ قدوة، ودفء، وعنوانًا للنُبل الذي يزرع أثرًا لا يُنسى.
دمتِ ملهمة، كما كنت دومًا.
ودمتِ سببًا في أن تستمر الكتابة، والحلم، والثورة

أليكي كريستدولو شوفاني