
كنوز نت - بقلم الكاتب الفنان : سليم السعدي
مجتمع في مرآة مكسورة: الحسد والنميمة والتمييز كأعراض لخلل أخلاقي عميق
- بقلم الكاتب الفنان : سليم السعدي
في عمق النسيج الاجتماعي العربي، تتسلل أمراض خبيثة بصمت، لكنها تهدم البيوت وتُعطل الإمكانيات وتُغذي الانهيار الداخلي. لعلّ أخطرها ما صار يُمارَس علنًا بلا حرج: الحسد، النميمة، الكذب، وسوء الجوار، وكلها أعراض لخلل نفسي وأخلاقي ضارب في الجذور، يتغذى على بيئة مشوّهة، ترفع الشعارات وتخون جوهرها
من يراقب عن كثب يجد أن العلاقات الاجتماعية في كثير من البيئات العربية باتت مليئة بالشك، التنافس العدواني، والتلون الانتهازي، حتى صار النجاح الشخصي يُستقبل بالحسد بدل الفرح، وتتحوّل الثرثرة إلى وسيلة اغتيال رمزي للآخر، لا إلى حوار أو نقد بنّاء. البيوت تُخرّب من الداخل لا بفعل الأعداء، بل بفعل الأقربين الذين يحملون سُمًّا في الكلام، ويتقنون الطعن في الظهر
الحسد: وقود الكراهية الصامتة
الحسد هنا لا يُفهم بوصفه شعورًا بشريًا عابرًا، بل كممارسة منظمة، يتربّى عليها البعض في بيئات لا تحتمل الفرح لغيرها. فبدل أن يُصبح نجاح الجار أو القريب مدعاة للإلهام أو العطاء المشترك، يُنظر إليه كتهديد يجب كسره أو تشويهه، ولو بالهمس والتلميح والافتراء
النميمة والقيل والقال: جهاز الاستخبارات الشعبي
في غياب العدالة، وانتشار الفراغ، تتحول النميمة إلى أداة سلطة بديلة. يُراقب الناس بعضهم لا لإصلاح أو تعاضد، بل لجمع نقاط ضعف تُستخدم لاحقًا في تدمير السمعة وتفريغ المكانة. هذا السلوك لا يدل فقط على انحراف أخلاقي، بل على فقر روحي وعجز عن تحقيق الذات، فيلجأ البعض لتدمير غيره كوسيلة لإثبات وجوده
الجار السوء: من الحماية إلى الخيانة
كانت الثقافة العربية الأصيلة تُعلي من قيمة الجوار، فكان الجار أمانًا وسندًا. أما اليوم، فقد أصبح كثيرون يراقبون جيرانهم ليتصيدوا العثرات، ويشيعوا عنها، لا ليحذروا منها بل ليستغلوا ضعفها. تحوّل الجار من شريك في السكينة إلى عنصر تهديد، وهو ما يكشف حجم التشوه في منظومة القيم
مجتمع عنصري متنكر في عباءة العروبة
الأخطر من كل ما سبق هو أن هذه الظواهر تُمارس أحيانًا تحت غطاء القومية أو الدين أو الشرف، فتُغلف العنصرية برداء العروبة، ويُمارس الإقصاء باسم "الهوية"، ويُطارد المختلف أو الناجح لأنه يُذكّر البعض بعجزهم. وهنا يصبح الجسد الاجتماعي ملوثًا، مريضًا، لا بقلة الموارد أو الاستعمار الخارجي فقط، بل بمرض التمييز الداخلي والانفصام الأخلاقي
الكذب كوسيلة للبقاء
حين يضعف الوعي وتُشوه القيم، يتحول الكذب إلى وسيلة للبقاء والنجاة، فيمارسه البعض دفاعًا عن مصالحهم، ويعتمد عليه آخرون لإخفاء ضعفهم أو تزوير حقيقتهم. ومع الوقت، يصبح الكذب عرفًا اجتماعيًا، بل وأحيانًا معيارًا للذكاء
نحو تصحيح المسار
لا يمكن الخروج من هذا المستنقع بالتقوى الخطابية وحدها، ولا بالمواعظ التي تتكرر دون أثر. بل لا بد من:
•إعادة بناء المنظومة القيمية من الداخل، على أساس النزاهة والعدالة والاحترام المتبادل
•تعزيز ثقافة النقد الذاتي بدل إسقاط التهم على الآخرين
•تفكيك الخطابات الزائفة التي تتغنى بالهوية وتدوس على كرامة الفرد
•فتح مساحات آمنة للحوار الحقيقي، حيث يُسمع الصوت المختلف لا يُقصى
نحن بحاجة إلى ثورة هادئة في الأخلاق والسلوك، لا تهدف إلى فرض المثالية، بل إلى ترميم الثقة المفقودة بين أفراد المجتمع، وتكريس مبدأ أن كرامة الإنسان لا تُبنى على خراب غيره، بل على قدرته أن يُنير لنفسه ولمن حوله طريقًا أنقى
مجتمع في مرآة مكسورة: الحسد والنميمة والتمييز كأعراض لخلل عميق
في مجتمعات ينهشها التناقض، تُصبح النميمة والقيل والقال أدوات تخريب، لا مجرد انزلاقات أخلاقية. الحسد يتحول من شعور داخلي إلى ممارسة علنية لتدمير ما لدى الآخرين، والكذب يُجمّل الفشل، بينما الجار السيّئ يراقب لا ليحمي، بل ليُؤذي أو يُفشي سرًّا
هذه السلوكيات لا تنشأ من فراغ، بل من بيئة ملوثة نفسيًا واجتماعيًا، مريضة بالتمييز، حيث تُغلف العنصرية بأقنعة قومية أو دينية، ويُتاجر بالهوية بينما تُداس قيمها الأساسية
المجتمع الذي يمارس النفاق الجماعي ويكافئ التلون والانتهازية، يُنتج أفرادًا مشوّهين نفسيًا، يعانون من القلق والعداء والسعي الدائم لتدمير الآخر بدل إصلاح الذات. فتتراكم مشاعر الإحباط في قوالب "قيل وقال"، وتتحول البيوت إلى ساحات حرب داخلية تُشعلها الشكوك وتُغذيها الغيرة
من المسؤول؟
•غياب التربية القائمة على النقد الذاتي والصدق
•ضعف منظومة العدالة الاجتماعية
•الانحطاط القيمي الذي يُكافئ القوة الملوثة بدل النبل الأخلاقي
•إعلام سطحي يُشعل الفتن ولا يُرمم القيم
الحل لا يكون بالموعظة فقط، بل ببناء منظومة قيمية شجاعة، تعيد تعريف "العربي" لا كشكل أو شعار، بل كحامل لرسالة أخلاقية ومشروع حضاري، أساسه العدل والرحمة والنزاهة
مجتمع في مرآة مكسورة: الحسد والنميمة والتمييز كأعراض لخلل عميق
في مجتمعات ينهشها التناقض، تُصبح النميمة والقيل والقال أدوات تخريب، لا مجرد انزلاقات أخلاقية. الحسد يتحول من شعور داخلي إلى ممارسة علنية لتدمير ما لدى الآخرين، والكذب يُجمّل الفشل، بينما الجار السيّئ يراقب لا ليحمي، بل ليُؤذي أو يُفشي سرًّا
هذه السلوكيات لا تنشأ من فراغ، بل من بيئة ملوثة نفسيًا واجتماعيًا، مريضة بالتمييز، حيث تُغلف العنصرية بأقنعة قومية أو دينية، ويُتاجر بالهوية بينما تُداس قيمها الأساسية
المجتمع الذي يمارس النفاق الجماعي ويكافئ التلون والانتهازية، يُنتج أفرادًا مشوّهين نفسيًا، يعانون من القلق والعداء والسعي الدائم لتدمير الآخر بدل إصلاح الذات. فتتراكم مشاعر الإحباط في قوالب "قيل وقال"، وتتحول البيوت إلى ساحات حرب داخلية تُشعلها الشكوك وتُغذيها الغيرة
من المسؤول؟
•غياب التربية القائمة على النقد الذاتي والصدق
•ضعف منظومة العدالة الاجتماعية
•الانحطاط القيمي الذي يُكافئ القوة الملوثة بدل النبل الأخلاقي
•إعلام سطحي يُشعل الفتن ولا يُرمم القيم
الحل لا يكون بالموعظة فقط، بل ببناء منظومة قيمية شجاعة، تعيد تعريف "العربي" لا كشكل أو شعار، بل كحامل لرسالة أخلاقية ومشروع حضاري، أساسه العدل والرحمة والنزاهة
20/05/2025 08:43 pm 141