كنوز نت - الطيبة - بقلم الاعلامي : ناضل حسنين

كم تساوي الدشداشة مع "الخوتيني"؟


  •  ناضل حسنين
أنا العربي، أجلس في زاوية الحلم المكسور، أراقب بلاد العرب وهي تُباع... لا في مزاد علني، بل في تغريدة.. تغريدة! نعم، ثلاثون حرفًا من ترامب، تكفي ليرقص النفط في أنبوبه، ويصفق الشيخ في قصره، ويكتب الوزير بيانًا يمجّد فيه "العلاقات الاستراتيجية". 
هل تصدق؟ شيوخٌ يرتدون دشاديش من حرير، يبتسمون لرجُلٍ أشقر، لا يقرأ حتى ما يوقّعه، ويضعون بين يديه تريليونات الدولارات كما تضع الأم الحنون رضيعها على عتبة دار أيتام.
شعوبنا؟.. أوه، تلك الكائنات الغريبة التي تتنفس الغلاء وتنام في طوابير الغاز وتدفن أبناءها تحت الركام.
أيها الشيخ، هل تسمع صدى بكاء غزة؟ هل تسمع صرخات الأطفال الذين لا يجدون سوى الركام سريرًا لهم؟ غزة وحدها تحتاج بضع مليارات لتنهض من قبرها، وانتم تنثرون التريليونات في جيوب رجل لم يسمع باسم نابلس، ولا يعرف أن جنين ليست نوعًا من القهوة.
تريليونات توزعونها بلا حساب، بينما في الضفة الأخرى من الوطن العربي، الطفل يحفر بيديه حفرة لا يدفن فيها سوى ألمه، والعجوز تنتظر خبزًا جافًا لا يأتِ.
كل شيء يُغلف: "اتفاقيات اقتصادية". 

كل شيء يُصبغ: "شراكة استراتيجية".
كل شيء يُلمّع: "رؤية مستقبلية".
لكن الحقيقة أقبح من كل ذلك: انه ابتزاز ناعم... يشبه الخيانة، ويسمى سياسة.
يا ترى.. هل يرتدي هؤلاء الامراء سروالا تحت الدشداشة أم "خوتيني"؟ أم أن الشبشب أصبح أغلى ما في الشهامة العربية؟ هل ينام الشيخ قرير العين بعد أن يوقّع شيكًا بمئات المليارات، بينما طفلٌ في خان يونس يبحث عن حليب في سطل ماء؟
أكتب هذا من قاع الحفرة العربية الكبرى، من حضيض الخيبة الذي لا حضيض تحته.
أكتب من حنجرة مبحوحة تنادي: أيها الزعماء... إذا أحبكم ترامب، فابكوا. إذا ابتسم لكم، فاختبئوا. إذا قال: أنتم أصدقائي، فافتحوا باب القبر واستلقوا مبكرًا.
أنا لا أتهكم.. بل أختنق من فرط الهوان. فمنذ متى كانت الأوطان تُقاس بمدى عمق الانبطاح؟ ومنذ متى أصبح حليب الأمة يُسكب في كأس تاجر مصفف الشعر مبعثر المزاج؟
إنه ترامب سيقهقه غدا في البيت الأبيض، وسيفرك كفيه ببعضهما فرحا بهذه الغلة الوفيرة مقابل عبارة رددها أمام كل شبشب: "أنا وأنت يا طويل القامة، أحلى قصة حب في الشرق الأوسط"، يقولها وكأنها نكتة سمجة، فيملأ خزائنه بالكرم العربي. 
يتكرر المشهد، نفس الأدوار، نفس الضحايا، نفس الأغاني التي تُغنى على مسرح القهر العربي ولكن أرقام الجزية تتعاظم بقدر ما تتآكل الكرامة العربية.. 
و"امجاد يا عرب أمجاد"..!