كنوز نت - كلمات الفنان والكاتب: سليم السعدي


"الرسم كسلاح إدانة: حين تتحول اللوحة إلى محكمة، والخائن إلى مادة فنية"
  • كلمات الفنان والكاتب: سليم السعدي
في البدء كانت الفرشاة... لا الكلمة
قبل أن تُكتب العقود، كانت الجدران تُفضح. وقبل أن تُنطق الخيانات، كان الطين يشهد، والصخر يُدين
في الأزمنة القديمة، حين لم تكن للمحاكم سلطة، تولّت الألوان النطق بالحكم
واليوم... أعود إلى هذه البدائية لأمارس القضاء
سأرسم لا لأجمّل، بل لأفضح
سأرسم لا لأحفظ ذاكرة، بل لأشوّه من يستحق
فثمة وجوه لا تليق بها البراءة، وثمة قومٍ باعوا كل شيء حتى الحق في الصمت
أنا لا أكتب مقالة، أنا أبني مشنقة على قماش،
وأعلّق فيها كل من لوّث الاسم، ودنّس العَلَم، وتواطأ مع الذلّ حتى صار جزءًا من جلده
الفن ليس زينة... بل انتقام هادئ
من قال إن الفن حياد؟ من قال إن الريشة لا تقاتل؟
أنا أحمّل ريشتي لعنة الأرض، وأطلّيها بحبر الحقيقة
لا يهمّني إن اعترضت الأكاديميا، أو صاح دعاة الجمال الخالص
الفن الصافي مات... يوم ماتت الضمائر
من هذا الذي أرسّمه؟
ليس مستعمرًا غريبًا، بل خائنًا من الداخل
وجهه الصغير لا يُنسى، فكل من خانه وجداني نحته على الجدران كي لا يُغفر له بالنسيان
الجغرافيا تتكلم... بالألوان
•أرسمه على جذع النخل، لأن النخيل يعرف الأوفياء، ويكره العبيد
•أرسمه على أربع جهات، لأنه محاصر في كل الاتجاهات... لا مهرب له
•أرسمه على أجنحة الطيور، كي يحملوا صورته إلى أماكن لا يجرؤ أن يزورها


الوعد الأخير: لن أنام
حين ينام الفن، تصحو الخيانة
لكنني لن أنام
كل من باعنا سيُخلّد، لا كرمز... بل كعار
لن أكتفي بالحبر، سأخلطه بالمنغنيز،
سأوقّع باسمي،
وسأترك رسالتي لكل زمن قادم
"في زمن القبح، تصبح اللوحة محكمة، والفنان هو القاضي."