كنوز نت - الناصرة


كيان- تنظيم نسويّ: يوم المرأة العالمي، احتفال أم نضال؟


يعود الثامن من آذار، وتعود إلى الواجهة احتفالات العالم بـ "اليوم العالمي للمرأة"، الذي يُفترض أن يكون مناسبة لتسليط الضوء على إنجازات النساء وتحدّياتهن في مختلف أنحاء العالم. لكنّ هذا اليوم فقد معناه النضالي مع مرور السنوات، وتحوّل إلى مناسبة احتفاليّة تتخلّلها الشعارات الجوفاء والكلمات الفارغة، التي تُستغل لتلميع صورة الواقع الذي تعيشه النساء، في ظلّ استمرار العنف والتمييز ضدّهن.

بمناسبة يوم المرأة

المفارقة في هذا اليوم من كلّ عام هي أن تغرق الأسواق بالعروض والخصومات على منتجات تكريس الأدوار النمطيّة للنساء، من أدوات منزليّة ومستحضرات تجميل، وكأن الهدف من يوم المرأة هو تقويض مكانة المرأة وما حقّقته الحركة النسويّة على مرّ عقود طويلة. بدلًا من أن يستغلّ هذا اليوم لطرح حلول حقيقيّة للمشاكل الحقيقيّة التي تواجهها النساء، تحوّل يوم المرأة إلى يوم تستغلّ فيه الشركات النساء لزيادة مبيعاتها وأرباحها.

المرأة بواد ويومها بواد

يتجاهل العالم بأن أهمّ ما تحتاجه النساء من مجتمعاتهنّ هو الدعم والتعاون والشراكة في النضال من أجل تحقيق العدل والعيش الآمن، والارتقاء بالمجتمع إلى مستوى لا نحتاج فيه إلى يوم خاص للمرأة؛ لكنّنا لا نجد شيئا من هذا أو ما يعبّر عنه على أرض الواقع في يوم المرأة. لا نجد سوى الورود والهدايا والحملات التجاريّة والتهاني الخاوية، دون إعارة أيّ اهتمام للقضايا التي تؤثّرعلى النساء بشكل لا يترك للهدايا والتهاني أي معنى. فما نفع المرأة المعنّفة بوردة؟! وكيف ستساعد كلمات التهاني امرأة يعتدى عليها في مكان العمل؟ وهل يمكن لاحتفالات العالم بيوم المرأة أن تواسي امرأة فقدت أهلها وبيتها في جريمة حرب لا يحاسب عليها أحد؟ هناك أمثلة كثيرة على قضايا النساء العالقة والملحّة؛ كتفشّي العنف وزيادة نسبة المغدورات بيد القتل الذكوريّ، والتمييز في سوق العمل، والقوانين التي تقيّد حريّة المرأة وتسلبها حقوقها؛ لكنّ هل هناك أيّ سعي حقيقيّ لحلّ هذه القضايا، أم أنّ الورود والتهاني، هي أقصى ما يمكن أن يقدّمه العالم للمرأة في يومها العالميّ.

تمكين مين؟

في كل عام، يسلّط الضوء على نساء بارزات في مجالات محددة، ويحتفى بالنجاحات الفردية، بالمقابل نجد في الظل ضحايا الاستغلال والتمييز والنساء اللواتي يعانين من مشاق الحياة؛ مثل عاملات المصانع، الأمّهات الوحيدات، والنازحات واللاجئات وضحايا الحروب. أين أصوات هذه الفئات التي تشكل الغالبية العظمى من النساء في الجنوب العالميّ؟ لماذا لا يكون يوم المرأة يوما لدعم النساء وتقديم الحلول لمشاكل النساء والتضامن الحقيقيّ مع أكثر النساء حاجة للتضامن؟ أين هو"تمكين المرأة" الذي تتمحور حوله خطابات هذا اليوم؟ إنه بلا شكّ بعيد كلّ البعد عن الواقع الذي تعيشه غالبيّة النساء في العالم.


تزييف الواقع

في مثل هذا اليوم من كلّ سنة، تخرج علينا الحكومات والمؤسسات الكبرى بتصريحات داعمة للنساء، وشعارات رنّانة؛ لكنّ لا شيء من هذا يترجم إلى سياسات فعلية تساعد النساء في تحقيق العدالة أو تحصيل حقوقهنّ. كذلك تسوّق لإنجازات وهميّة، تدّعي تحقيقها من أجل تحسين أوضاع النساء، في حين تستمر الانتهاكات والاعتداءات في العديد من البلدان، لا سيّما تلك التي تقمع فيها الناشطات النسويّات.

يوم المرأة" العالمي"

يُحتفى بهذا اليوم في كلّ أنحاء العالم، باعتباره يوم المرأة العالميّ؛ لكنّه في الحقيقة يوم يطغى عليه الطابع الغربيّ،ولا يعكس التنوّع الثقافيّ والاجتماعيّ الذي تعيشه النساء في مختلف أنحاء العالم، ولا يحتفي بتجارب النساء ويهتمّ بقضاياهنّ في الجنوب العالميّ ومناطق الفقر والظلم والنزاعات.

 

 

يوم المرأة للمرأة أو لا يكون

في الختام، نؤكّد على أنّ يوم المرأة لا يجب أن يكون مجرّد مناسبة للاحتفال والاستهلاك، بل يجب أن يُستغلّ لمواصلة النضال من أجل حقوق النساء. إذا لم يتحوّل يوم المرأة إلى أداة فعليّة للتغيير، فلعلّ من الأفضل إلغاؤه. لأنه بشكله الحاليّ يساهم بإبقاء الوضع القائم الظالم للنساء ويساهم بتجميله، وإطفاء شعلة التغيير. لا حاجة لنا بمناسبة عالميّة للشعارات الفارغة والحملات التي تسوّق لأواني المطبخ ولإعادة المرأة إليه. نحتاج إلى سياسات مستدامة لتحسين أوضاع النساء في جميع أنحاء العالم، وتسليط الضوء على النساء المهمّشات، ومنحهن المساحة اللازمة للتعبير عن همومهنّ وتحصيل حقوقهنّ.