كنوز نت - بقلم : شاكر فريد حسن


وجه في الذاكرة : المسرحي رياض مصاروة 


الراحل رياض مصاروة فنان وكاتب مسرحي، ومن أبرز أعلام ورواد المسرح الفلسطيني في البلاد. جاء إلى الحياة في العام 1948 في عروس البحر يافا، ثم انتقلت عائلته وهو طفل رضيع إلى طيبة بني صعب في المثلث الجنوبي، وفيها أنهى دراسته الابتدائية، والثانوية بمدرسة زراعية. ثم سافر إلى المانيا الديمقراطية بمنحة من الحزب الشيوعي، الذي انتمى إليه فكريًا وسياسيًا، وهناك أنهى دراسته بموضوع الاخراج المسرحي بمعهد الفنون المسرحية.

وبعد عودته إلى أرض الوطن وجّه كل اهتماماته لخلق مسرح ملتزم يواكب نضالات شعبنا، ويلبي رغباته الثقافية. وخلال عمله في المسرح اتسم نشاطه الإبداعي بالمبادرات الخلّاقة، وإلى جانب اختصاصه بالإخراج المسرحي كان يؤلف النصوص المسرحية.
وفي معظم أعماله المسرحية اعتمد رياض مصاروة أسلوب بريخت الملحمي المستمد من المسرح اليوناني، وكان اعتماده الأساس اللغة الشعرية الرشيقة، والممثل وعطاؤه.

وقد نجح رياض مصاروة في إنشاء وخلق وتنشيط حركة مسرحية وثقافية في الناصرة، وكان لنجاحاته الأثر الإيجابي الكبير على النهضة المسرحية والثقافية.

ومن أبرز أعماله المسرحية : " رجال في الشمس " عن رائعة الروائي الشهيد غسان كنفاني، و " الطفل الضائع " و " محطة اسمها بيروت " و " جيفارا، او دولة الشمس " و " أفعى الحب " و " سرحان والسنيورة "، إضافة لعمله المسرحي الرائع الهام عن راشيل كوري، الذي أبدع فيه إلى جانب الممثلة القديرة المتميزة لنا زريق.

وفي مسرحيته " محطة اسمها بيروت " حاول رياض مصاروة أن يبرز بشكل واضح العنصر الإنساني لدى الإنسان الفلسطيني، وجميع شخصيات المسرحية تحب المشاركة في الحرب لكنها تكره القتل. وهذا يبرز في صرخة ندى في وسط الصحراء عندما تقول : " لا نريد أن نُقْتَل، ولا نريد أن نَقْتُل يا ناس "، وصرخة أبي قيس عندما يصرح : " لا أريد أن أكون قربانًا، أو أن أكون شهيدًا، أريد شيئًا واحدًا وهو الحياة ".
واستخدم في هذه المسرحية شخصية المتحدث التي استعان بها في مسرحية " رجال في الشمس "، والمتحدث في المسرحية يرمز إلى الإنسان العربي الفلسطيني، ووظيفة المتحدث الدرامية هي دفع الحدث.

وقد أثرت مسرحية " رجال في الشمس " التي أخرجها على الناس عاطفيًا بشكل عميق، وكان هذا التأثير العاطفي مقصودًا، والهدف من تقديم المسرحية هو التحذير من وقوع مآسٍ جديدة، وحتى انه أنهى المسرحية ليس بعبارة " لماذا لم تدقوا الخزان "، وإنما " يجب دق الخزان ". فيما حاول أن يعالج في مسرحية " محطة واسمها بيروت " تناقضات داخلية عند الأشخاص، وحاول تقديم شخصيات اعتيادية تدخل في أزمات، وايجابيتها تظهر عندما تنجح بالخروج من الأزمة.

وفي الثامن عشر من حزيران العام 2016 رحل رياض مصاروة بعد معاناة شديدة مع مرض العضال الفتاك، تاركًا وراءه إرثًا مسرحيًا هامًا. وإذا كان قد رحل جسدًا إلا انه باقٍ فينا إلى الأبد بسيرته العظيمة واعماله المسرحية الرائعة وذكراه الطيبة.