كنوز نت - الطيبة | بقلم : سامي مدني


جلي الشخصية والتعامل معها!




إِنَّ الحمدَ للهِ، والسَّلامُ والرحَّمةُ لَكُمْ وَبركاتهُ مِنَ المَولى عزَّ وجل!
أَيُّها القَوْمُ الأَعِزاءُ والمُحتَرمون .... إخوتي بِاللهِ!

لَكُمْ ما فاجأَني منْ أخبارٍ حَوْلَ مَنْ أُقَدِّرُهُ وأَكِنُّ لَهُ كلَّ الإِحْترامِ، وَهُوَ حَسَنُ السُّمْعَةِ الإجْتِماعِيَّةِ والقُدُراتِ العِلْميَّةِ، يَقول عَنْهُ بَعْضُ الناسِ؛ أَنَّهُ أَساءَ لِنَفْسِهِ وَغيْرهِ كَما لِبَلدِهِ....، هو نَفْسُهُ تَقرَّبَ مِنِّي لَحْظةَ كُنَّا نَنْتظِرُ دَوْرَنا عِنْدَ أَحَدِي البائِعينَ، وقالَ بِصَوتٍ خافِتٍ، وَالفَرْحةُ والإعجابُ والإحْترامُ ظَاهِرَةٌ على وجْهِهِ: "يُعْجِبُني إسلوبُكَ بالكِتابَةِ، وَما تَخْتارَ مِنْ مَواضِيعٍ" فَداهَمَني شُعورٌ حَقيقيٌّ حينئِذٍ ما عٍشْتُهُ أَبَداً منْ قَبْلُ، حَيْثُ باغَتَني بِترْحيبٍهِ هَذا، لمْ أَحًُزْ بِمِثْلِهِ إلاَّ القَلِيلَ مِنْذُ بدأْتُ الكِتابَةُ، وأَنا نفْسِي ما كُنتُ أَحْلمُ وَلَا أبْغِي سِوَى أَنْ أكتُبَ وأُفيدَ الناسَ أجْمَعينَ، فَما أَمْلكُ مِنَ القَلِيلِ المُتَواضِعِ وَبِدونِ تَكَبُّرٍ أَقُولُ: "أَهِبُ هذا العَمَلَ للهِ"، ويُسعدُني جِداً أنْ تَكُونَ ردودُ فِعْلٍ تُظهِرُ لي إِنَّني بِعَمَلي أُفْلِحُُ، فأُقرِّبُ القُلوبَ وأُذَكِّرُ العُقُولَ وأُهَدِّأُ النُّفوسَ، وأَسْعَى بِهذا لتَطويرِ التَّفاهُمِ والعَمَلِ على المُشترَكِ، لِمصلحَةِ القَريبِ والبَعيدِ في هَذهِ البِلادِ، مُراعيًّ الْقِيَمَ وَالعاداتِ والتَّقاليدَ التي نَفْتخرُ بِها!


كَانَ لِباسُ هَذا الأَخِ مُتواضعً مَأْلوفً بَسِيطاً لكِنَّهُ مُرَتَّبٌ، كَعَادَتِه طَوالَ حَياتِهِ، فَهوَ لِعِلْمي لَمْ يَخْرُجْ وَلوْ لِمرَّةٍ في لباسٍ قاصِدً التفاخُرَ أَمامَ خَلْقِ اللهِ، أمَّا أنا شَخصياً فَمِنْ طَبْعي أَنَّني لا أُوْلي إنتِباهً، ولا أَحكُمُ حَسَبَ المَظهَرِ ِِالخارجي فالكُلُّ عادي بالنسبةِ لي، لكِنَّ زوجَتي تَقُومُ بإنْتقادي، حتى جَعَلتْني أُظْهِرُ بَعْضَ الإِهتمامِ لهذه الأُمُورِ أَحْياناً، وتَقُولُ: "عَلَيكَ أَنْ تَكُونَ مُرتبً! فَهذا مِنَ الأُمُورِ المُهمَّةِ والمُعبِّرةِ عنْ شَخصيَّةِ الواحدِ، وَلكُلِّ مَقالٍ مقامٌ"، بِهذا هيَ تُشيرُ إلى كَثيرٍ مِنَ الأمورِ ِوالمَفاهيم، التي يُمكِنُ أَنْ تَكُونَ بِادِيَةً للتعاملِ بَينَ النّاسِ ، حتى ولوْ كان شكُّ بِنَزاهةِ وسَلامةِ منْ يَلْبِسُها ويَتَجمَّلُ بِها، فَهي إِمَّا أَنْ تُغَطي عَوراتِ إِمْريءٍ، فتكونَ غِطاءً كاذِبً لِما تَحْتَها من غُثاءٍ وفقاقيعٍ لا غَيْرِ، زَيْ ما يَقولون؛ "مِنْ بَرَّا هَالله هَالله ومِنْ جُوَّا يَعْلَمُ اللّهُ"، أَوْ كَما يُعْلَمُ إِخْوتي! إِنَّ الحَياةَ للبعضِ مَسرحيةٌ وَربَّما عَرضٌ فارغٌ من المَعْنى ومُطابقَةٌ فَقَطْ لِشَخْصِ مَنْ يؤديها، وإِمَّا إنَّها هيئَةٌ حقيقيَّةُ باللباسِ والحَرَكةِ والتَصَرُّفِ، وهُنا هِيَّ مهمةٌ، لِكونِها تُعبِّرُ عَنِ صُورَةٍ تَرمُز ُوتدلُّ عنْ كُنْهِ الإِنْسانِ وأصلِهِ وجَوهرِهِ، ورُبَّما توجُّهاتِهِ أَوْ شَيْءٍ خاصٍ بِعَمَلِهِ ومَرْكَزِهِ، وكُلُ شَيْءٍ منْ هَذا القَبيلِ!
منذُ القِدَمِ أَيُّها القَوْمُ! لِلْهيأة وللمَظهَرِ تأْثيرٌ يُبرِزُ مَكانَةَ وجَوهَرَ الناسِ والكائِناتِ فَلكُلٌّ مَعْدَنُهُ، وليسَ دائماً يَصدقُ المَنْظرُ ما في الدَّاخِلِ، وَهَذا منَ المُلوكِ وحَتَّى سائِرَ المَخْلوقاتِ على هذا الكَونِ، فأنَّ الحَيْواناتِ كالأسدِ والنِّمرِ و..... والطُّيورِ كالنِّسرِ والصَّقْرِ و.... ، أشكالُها وأَلْوانُها وريشُها وحَجومُها له وَظيفَةٌ مُعبِّرةٌ عنْ مَركزِها وقُوَّتِها! فَكَيفَ نَحْنُ بني البَشَرِ الَّذي أَبْدَعَ اُللهِ خَلقَنا وأنعَمَ عَلَينا بِالعَقْل! إذ إنَّ المرأةَ، كُلٌّ يَعْتَني بنفسهِ ومَظهرِهه لِيحوزَ على قَدَرٍ كافٍ من الوِقارِ والإِحترامِ والتَّقديرِ، ما دامَ يَعيشَ داخلَ مُجتَمعٍ، له قيمٌ وعاداتٌ ومَراتبٌ في مُختَلفِ مَناحي الحَياةِ.

فَلْنتفقْ سَويَّاً ونَتذكَّر ْإِخْوتي المُحترمون! أنَّ اللهَ خَلقنا في أحسنِ صُورَةٍ، ومِنْ مَظاهرِ هَذا التّكريمِ والجوهرِ أنْ وَهَبَنا نِعْمةَ العَقْلِ، لنُميِّزَ بِهِ بينَ الأَشْياءِ فَنُدْركَ أسبابَ الحَياةِ، وجَعَلَ للإِنْسانِ القَلْبَ فَلَهُ مِنْ مَشاعرِ الحَنانِ والرّحْمَةِ والرّأفةِ، ولا شكّ في أنّ لِمَظهرهِ أهميّةً في حَياتِهِ، كما لِجوهرِهِ ومَعدنِهِ وأخلاقِهِ، وَعلىٌ هَذا الأَساسِ لِنحترِمَ أرادةَ اللهِ ولا نستغلْ نِعمةَ المَنظرِ بِتَضْليلِ الناسِ! وَالواجِبَ أَنْ نكشفَ لِلْمَلإ حَقيقَةَ المزييفين الَّذين يُخادعونَ الناس! فلا أَجِدُ مانِعً أَنْ نَلْبسَ ما يُلائِمَ مَقامَنا والمُناسبَةَ الَّتِي نَحْن فِيها، لَكنَّ الواجِبَ أَنْ يَكونَ تلاؤمٌ بَينَ المظهرِ والجَوهرِ، فَهَذا ما يَجبُ أنْ يُحدّدَ شَخصيّتَهُ في الحَياةِ وطَريقةَ تَعاملِهِ مع النّاسِ، ومدى إنْضباطَهُ والتزامَهُ بالقيمِ والمَبادئ والأخلاقياتِ لِيَغتنِمَ ثِّقةَ النّاسِ، وقد أكّدَ النّبيُّ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ على أهميَّةِ الجَوهَرِ حِينما قَالَ: (النَّاسُ مَعادنٌ كمَعادِنِ الذَّّهبِ والفِضَّةِ، خِيارُهُم في الجاهليَّةِ خِيارُهُم في الإِسْلامِ إذا فَقِهوا)، فلكلُّ إنسانٍ مَعدنَهُ الذي يُعبِّرُ عن أصالتِهِ التي لا تَتَغيرُ بِتَغيُّرِ الأحوالِ والظُّروفِ.

وفَّقَنا المَوْلَى أَعِزائِي لِنَتواضعَ فِي أَخْلاقِنا وكَلامِنا ومَظْهرِنا! ولْيَكنْ باطِنُنا وَظاهرُنا مُتَطابِقَين!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته!