كنوز نت - الطيبة - بقلم : سامي مدني


نِداءُ مِنَ القَلْبِ للعزة ًالفلاح


السَّلامُ عَليكُمْ وَعلىَ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعين! يا مَنْ أَعِزَّنِي اللهُ والحَمدُّ لَهُ، وأَنْعَمَ عليَّ والشُّكْرُ لَهُ، بِقَلْبٍ وَاسعٍِ لأُحِبَّكُمْ وأَحْتَرَمَكُمْ بِاللهِ!


إِسْمَعُوا أَصْدِقائِي ما يُقالُ: (لَيْسَ مَا قَبْلُ كَما بَعدُ) أَليْسَ هَكَذا نُخاطِبُ بَعْضً أَيُّها الأَعِزاءُ؟ أَلَيْسَ هَذا مَا يَقُولُ النَّاسُ لِمَنْ يُكَلِّمُون وَخاصَّةً فِي أَوْقاتِ التَّحْذِيرِ والتَّهْديدِ؟ وبالعامية؛ (دُخُولُ البابَ مُْش زَيْ خُروجُه، -الخُرُوجُ مِنْهُ-)، أَمَّا أَنَا فَأَبْغِي تَذْكيرَكُمْ بِقُولِهِ تَعَالَى لَيْسَ بَعدَ أَنْ إِهْتَدَيْتُمْ كَقَبْلِ أَنْ أَتَتْكُمْ الرُسُلُ والهِّدايَةُ مَنَ اللهِ، إِذْ قَالَ سُبْحانهُ في سُوَرَةِ البَقَرَةِ: "الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ".

بِهَذِهِ الرِّحْلَةِ القَصِيرَةِ اليَوْمَ أَوَدُّ أَنْ يَكُونَ فِيِها الأَمْرُ أَوَّلاً جَلِيًّ بارزً متفقً عَلَيْهِ بَيْنَنا! لقَوْلَهُ تَعالى أَيْضاً: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"
إِذْ فالَّذينَ يَعْتَدُونَ عَلَىَ حُدُودِ اللهِ وَيُفْسِدونَ هُمْ خَاسِرُون! هذا أَيُّها القَوْمُ كَلامٌ! لَيْسَ لِلْدِعايَةِ ولِنَمْلأَ الصَّفَحاتِ وَالكُتُبَ وَالتأْليفَ، ولَيْسَ وَسِيلَةً لِلْشُّهْرَةِ! إِنَّما هَذا تَحْذيرٌ وإِنْذارٌ مِئَةٌ في المائَةِ، ونَقِيضَهُ التَبْشِيرُ بالخَيْرِ! فَاللهَُ الَّذي يَمِدُّكُمْ بالنِّعَمِ فَتُبْصرون وَتُسْمَعُونَ وَتَعْقِلُونَ! هَلْ مِنْ أَحَدٍ آخَرٍ غَيْرِهِ يَخْلِقُكُمْ بِهذا الشَّكْلِ وَبِهَذِهِ النِّعْمَةِ؟ قَالَ: "أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ"! وهَلْ الَّذي يَعْبُدُ اللهَ وَلا يُشْرِكُ بِهِ أَحَداً كالَّذِي يَجْحَدُ وَيَسْتَهينُ! فَفِي أَياتِهِ تَعالَى: "أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ".


هَؤُلاءُ أَعِزائِي!حَكَّمُوا عُقُولَهُمْ وَلَمْ يَتَراجَعُوا رَغْمَ المُحاوَلاتِ لِصَدِهِمْ وَتَغْيِّيرِ جُغْرافِيَّتِهِمْ طَوْعَاً أَوْ قَصْرَاً فَقالَ اللهُ: "وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم بَعْدَ ٱلَّذِى جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِىٍّۢ وَلَا نَصِيرٍ"
إِخْوَتي وَأَخَواتِي يا أَصْحابُ الأَلْبابِ والعُقُولِ! إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ زائفٌ وَزائلٌ في هَذهِ المَعْمُورَةِ! أََقُولَها لَكُمْ وَبِدَوْرِكُمْ قُولُوها لِمَنْ يَذْعَنُ لَغَيْرِ اللهِ! أُنْطُقُوا بِهَا بِكُلِّ قَناعَةٍ وَقُوَّةٍ وَإِيْمانٍ ! وقُولُوا لَهُمْ إِخْتَصِرُوا على أَنْفُسَكُمْ الضَّياعَ وَالعَناءَ والمِشْوارَ، تَقَبَّلُوا الدَّعْوَةِ إِلى اللهِ، وَعيشُوا بِهَناءٍ وَقَناعَةٍ وَسلامٍ، فَلَيْسَ هُناكَ أَبْسَطَ وأَوْضَحَ مِنْ هَذا كَلامٌ، حَتَّى ولَوْ عِشْتُمْ وَحَصَّلْتُمْ مَا تُريدُون، لَنْ تَنالُوا السَّعادَةَ مَا دامَ اللّهُ عَنْكُمْ غَيْرَ راضي!
إِخْوتِي فَلْنَجْهَرَ بِهَذِهِ القِيَمِ لِنُظْهِرَها بِمُعَامَلاتِنا وأَخْلاقِنا بِأَهْوَنَ الطُّرُقِ لِتَطْبيقِ المَبادِيءِ والأَخْلاقِ!

نَصيحَةً لَنا جَميعَاً بِدايةً لا تَبْخَلُوا عَلَىَ أَنْفُسَكُمْ! زَيِّنُوها بِالتَّواضُعِ وحُبِّ الخَيْرِ والعَطاءِ والسَّعادَةِ بِالعَمَلِ في سَبِيلِ اللهِ! وأَدُّوا وَاجِبَكُمْ في الدُّنْيا؛ إِعْمَلُوا، إِفْرَحُوا، تَزَوَّجُوا، وَلا تُنْقِصُوا مِنْ فَرْحَتِكُمْ مَا يُبْهِجَكُمْ وَيُطَمْئِنَ قُلُوبَكُمْ، تَمَسَّكُوا بِالتَقْوَى فَهِيَ خَيْرُ الزادِ، وَتَوَكَّلُوا عَلَىَ اللهِ فَلا يُخيِّبُ الأَمالَ، خُذُوا هَذا قاعِدَةً! وأَدُّوا الصَّلاةَ والعِبادَةَ وَقُلوبُكُمْ خاشِعَةٌ لِذِكْرِ اللهِ! فَالصَّلاةُ تَنْهَى عَنْ الفَحْشاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَيْسَتْ مُجَرَّدُ حَرَكاتٍ! وَلا تُخادِعُوا فَأَنْتُمْ بِالأَساسِ تَغُشُّونَ أَنْفُسَكُمْ وَالنَّاسَ! فَاللهُ عَالَمٌ مَا في القُلُوبِ! كُونُوا أَوْفِياءٌ أَمِينُونَ عَلَىَ أَمْوالِ الأَخَرينَ! وَآعْمَلُوا بِالصَّالِحاتِ! وَلا تُفَكِّرُوا بِالظُّلْمِ وَلا إِغْتِصابِ الأَمْلاكِ! وَكُونُوا سُعَداءٌ بِسَعادَةِ الأَخَرينَ ولا تَحْسِدُوهم! وَلا تَمِنُّوا وَلا تُفْسِدُوا إِذا أَعْطَيْتُمْ ممَا عِنْدَكُمْ، فَهُوَ مَا وَهَبَ لَنا اللّهُ! أُذْكُرُوا إِِخْوَتي اللهَ كَذِكْرِكُمْ أَباءَكُمْ في يَومِكُمْ وَلَيْلِكُمْ كَأنَّهُ صَدِيقٌ حَمِيمٌ! وَلا تَتَكاسَلُوا بِالعَملِ والعِلْمِ والإِبْداعِ! لا تَمْشُوا تَكَبُّرَاً وَتَغَطْرُسَاً وَكُونُوا بُسطاءً عُقَلاءٌ.....!

إنَّ أَكْثَرَ مَا يُقْلِقُنِي أَعِزائي في حَياتِنا! ليْسَتْ حَوادِثُ الطُّرُقاتِ، وَلا.... وَلاَ أَيُّ شَيْءٍ، لأَنَّنا سَنَجِدُ الحُلُولَ لَها إِنْ شاءَ الله! ولَكِنْ أَنْ نَضِيعَ فِي أَحْلامٍ تُسَوَّقُ لَنا أَنَّ الحَياةَ أَحْسَنُ في مُدِنٍ مُخْتَلَطَةٍ، سُكانُها مِنَ الأساسِ لا يَعْبُدُونَ اللهَ، وَدِينُهُمْ لَيْسَ مَا لَنا وَنَحْنُ لَيْسَ مَا هُمْ عَلَيْهِ، فَهَذا أَخْطَرُ وأَعْظَمُ لأَنَّهم يَجُرُّونَ قِسْمَاً مِنْ شَبابَنا إِليْهِمْ بِتَوفِيرِ عَمَلاً أَوْ رَفاهِيَّةً بِمَكْرِهِمْ وَيَتَحَكَّمُونَ بإرادَتِنا فَنَبْقَى على المُسْتَوَى الَّذي يَضَعُونَهُ، فَنَنْسَى أَصْلَنا وَنَلْهُو وَنَضيعُ كَأَنَّنا غُرَباءٌ في البِلادِ!
إِخْوَتي لا تَقُولُوا سَمٍعْنا وَعَصَيْنا! ولا تَقُولُوا النَّاسَ غَيْرُ مَا تَقُولُ! ولا تَدَّعُوا الطَّاعَةَ حَتَّى لا تَنْدَمُوا! فَإِذا أَجْرَيْنا إِسْتِفْتاءً وَأَخَذْنا بِرَأْيِّ الأَغْلَبِيَّةِ سَنَجِدُ أَنَّ مَا هُمْ عَلَيهِ لا يُناسِبُنا، وَمَنْ يَتَّبِعُهُمْ ويُغَيِّرُ مَسارَهُ وَدينَهُ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ سَيَخْسَرُ، لأَنَّهُمْ يُخْلِفُوا الوُعُودَ على الدًوامِ، فَلَهُمْ مَا هُمْ وَلَنا مَا نَحْنُ عَلَيْهِ باقُون.
حَافِظَُوا على أَنْفُسِكمً إِخْوتي! وَفَّقَكُمْ اللّهُ! وَلا تُظْهِرُوا الجُبْنَ أَوْ الغَباءَ فِيما تَخْتارُون!
السَّلامُ عَليكُمْ وَرَحْمَتُهُ تَعالَى، وَثَبَّتَكُم على الحَقِّ إِنْ شاءَ اللهُ!