كنوز نت - مدى بوست 

الإعلان عن دولة عربية جديدة : الجبل الأصفر


كنوز - في الأسبوع الماضي، أعلنت دولة ما يسمى “مملكة الجبل الأصفر” عن تنشيط نظام الجنسية لديها والبدء باستقبال طلبات الراغبين في الحصول على مواطنة لديها بشكلٍ رسمي.

بعد ذلك الإعلان المثير للجدل حينها، بدأت التساؤلات تطفو إلى السطح حول ما هي هذه الأرض التي ستقام عليها “مملكة الجبل الأصفر”؟ ولماذا لا تسيطر عليها أي دولة رغم أنها أرض حدودية مع مصر والسودان؟ بالإضافة لذلك ما علاقة هذه الأرض بحلايب وشلاتين؟ ولماذا تتبرأ منها القاهرة والخرطوم؟

سنجيب عبر هذا التقرير على تلك الأسئلة، وسنوضح بعض المعلومات الهامة عن الأرض التي تسم بـ”بير طويل”، وهي المنطقة التي ستقام عليها ما يسمى “مملكة الجبل الأصفر”.

في البداية، ولفهم كيف تكونت منطقة “بير طويل” لا بد من استعراض بعض النقاط المهمة التي شكلت التاريخ المشترك لمصر والسودان عبر الزمن، ولاسيما خلاف البلدين على حلايب وشلاتين.

بعد فتوحات أسرة محمد علي باشا التي وصلت أوجها في عهد الخديوي إسماعيل، كان السودان يتبع إدارياً لمصر التي أصبحت فيما بعد تتبع للحكم البريطاني عام 1882، والذي تمكن من السيطرة على السودان بعد أن أخمد الثورة المهدية، لتبدأ مرحلة جديدة تمثلت في حكم مصري – بريطاني ثنائي للسودان، رغم أن الواقع كان عبارة عن استعمار بريطاني للبلدين.

في عام 1899، قامت السلطات البريطانية بتحديد خط عرض 22 شمالاً بأنه الحدود السياسية بين مصر والسودان، وهو ما تم بموجب “اتفاقية السودان”.
وبموجب تلك الاتفاقية التي جرى توقيعها بين مصر وبريطانيا، تم إطلاق اسم السودان على جميع الأراضي التي تقع جنوبي دائرة عرض 22 شمالاً، وتستند مصر لتلك الاتفاقية في إقرار سيادتها.

لكن في عام 1902 حدث أمر تسبب في إثارة الخلاف لمدة مئة عام ومازال مستمراً حتى الآن، حيث أصدر حينها ناظر الداخلية المصري ووزير الداخلية قراراً بالتبعية الإدارية لمنطقة حلايب وشلاتين التي تقع شمال خط عرض 22 للسودان.

وكان سبب القرار المصري آنذاك هو أن سكان تلك المنطقة كانوا بمعظمهم امتداداً لجماعات وقبائل تعيش في السودان وترتبط به.
وقد تضمن القرار المصري أن منطقة “بير طويل” الواقعة جنوب خط عرض 22 تتبع إدارياً إلى مصر، وذلك كونها كانت مرعى لبعض القبائل تدعى قبائل “العبايدة” وتتمركز قرب أسوان، أي أن سكانها كانوا مصريين.

ويرى السودان في هذا القرار دليلاً على أحقيته في حلايب وشلاتين، فيما ترد مصر على ذلك بأن القرار كان لأبعاد إنسانية ولتيسير الأمور على حياة قاطني المنطقة، ولايترتب على الإدارة العارضة لفترة زمنية معينة أي سيادة كانت بسبب ظروف محددة.
تقع منطقة بير طويل جنوب خط عرض 22 شمالاً والذي يطابق الحدود السياسية بين مصر والسودان، بحسب تفسير القاهرة والذي ترفضه الخرطوم.

تلك المنطقة صغيرة المساحة تماثل شبه منحرف يشكل ضلعه الطويل حدودها الشمالية التي تتماس مع خط عرض 22 شمالاً بطول 95 كيلومتر، فيما يبلغ طول ضلعها الجنوبي 46 كيلومتر، ويتراوح طولها من الشمال للجنوب مابين 26 و 31 كيلومتر ومساحتها 2060 كيلومتر مربع.

ما علاقة حلايب وشلاتين بأرض “بير طويل”؟


يرتبط الخلاف القائم بين مصر والسودان على حلايب وشلاتين بشكلٍ مباشر في منطقة “بير طويل”، وذلك لأن القرار الذي منح السودان السيطرة الإدارية على حلايب وشلاتين هو نفس القرار الذي منح مصر السيطرة الإدارية على منطقة بير طويل.
وبمعنى آخر، فإن اعتراف أي دولة بسيادتها على تبعية منطقة “بير طويل” قد يعني أنها تخلت عن أحقيتها في حلايب وشلاتين.

وتتمسك مصر بحدود عام 1899 السياسية ممثلة بخط عرض 22 شمالاً، وهو ما يجعل مثلث حلايب داخل الحدود المصرية، ويجعل بير طويل داخل الحدود السودانية.
فيما يطالب السودان باتفاقية الحدود الإدارية لعام 1902، والتي تضع مثلث حلايب داخل الحدود السودانية وتجعل “بير طويل” داخل الحدود المصرية.


وفي حال تمت المقارنة بين “حلايب وشلاتين” وبين “بير طويل”، سنجد أن المنطقة الأخيرة أصغر وأقل أهمية من الأولى، إذ تبلغ مساحة مثلث حلايب 10 أضعاف مساحة “بير طويل” التي تعتبر منطقة داخلية منعزلة غير مأهولة وبعيد عن البحر الأحمر بخلاف حلايب وشلاتين التي تقع على البحر، إذ أن المنطقتين تتماسان في نقطة واحدة.

“مملكة الجبل الأصفر” ليست الأولى

لا تعتبر مملكة الجبل الأصفر هي أول دولة يتم إعلانها في منطقة “بير طويل” التي تعتبر من المناطق القليلة في العالم الغير تابعة لإدارة أي دولة.
فكل عدة أعوام يخرج أحد المغامرين ليعلن عن قيام دولته في منطقة “بير طويل”، كان آخرهم السيدة نادرة ناصيف التي أعلنت نفسها رئيسة وزراء لـ”مملكة الجبل الأصفر”، وقد سبقها في ذلك جرمايا هتون الذي أعلن ابنته إميلي أميرة على منطقة “بير طويل” عام 2014.

ما قصة “مملكة الجبل الأصفر”؟

أعلنت السيدة نادرة ناصيف وهي أمريكية من أصول لبنانية ، يوم الخميس 5 سبتمبر/ أيلول 2019 عن قيام “مملكة الجبل الأصفر”، في منطقة “بير طويل”، وسط صمت مصري سوداني وغياب أي تعليق دولي رسمي على الأمر.

وظهرت السيدة ناصيف عبر مقطع فيديو تجاوزت مدته الـ 6 دقائق، أعلنت فيه من مدينة أوديسا الأوكرانية عن قيام المملكة، وذلك بعد “قمة” تم عقدها في المدينة الأوكرانية جرى خلالها الإعلان عن قيام المملكة.

وأشارت ناصيف التي تحدثت خلال الفيديو باللغة العربية أن “مملكة الجبل الأصفر ستكون دولة نموذجية، لأن قضيتنا هي إيجاد حل لأزمة النازحين والمهجرين”، مقدمة الوعود بأن تحقق دولتها حلم كل مواطن عربي يبحث عن سبيل لتقديم المساعدة للمهجرين.

ولم تكشف السيدة أي تفاصيل عن القمة التي جرى عقدها في أوكرانيا، أو من سيكون الملك والحاكم الرئيسي للدولة باعتبار أنها “مملكة”، وليست جمهورية.

وقد أعلنت ” مملكة الجبل الأصفر” عن تنشيط نظام الجنسية، وبدئها في استقبال طلبات الراغبين بالحصول على مواطنة الدولة بشكلٍ رسمي.
وقالت يوم الأحد 8 سبتمبر/ أيلول 2019، في بيان لها نشرته عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” إن :” معالي وزير الداخلية الدكتور محمد السبيعي يوجه وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية بتنشيط نظام الجنسية ولائحتها التنفيذية والبدء في إستقبال طلبات الراغبين بالمواطنة رسمياً”.

وأشار الحساب أن السبيعي وجه كذلك وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية بسرعة الانتهاء من الوثائق الثبوتية للمواطنين، وأن يتم البدء في تدشينها خلال مدى أقصاها 30 يوماً.

“مملكة الجبل الأصفر”، ستكون أحدث دولة في الشرق الأوسط والعالم حال إبصارها النور، وهي تمتلك إلى جانب حسابها بتويتر حساباً آخراً لرئيسة وزرائها وآخر لوزارة الخارجية، فضلاً عن وجود حسابات تابعة لها ناطقة بالإنجليزية.

“مملكة الجبل الأصفر”.. أكبر من البحرين وحدودية مع السودان ومصر

لا بدّ من توافر مقومات الدولة حتى نقول أن هناك دولة، وهي “الأرض والشعب والسلطة”، وعليه يجب أن يكون هناك أرض وحدود للدولة حتى تصبح كياناً قانونياً قائماً.

وقد أعلنت الدولة الجديدة عبر حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي أن حدودها ستكون في الشمال الإفريقي، وتحديداً بالمنطقة الواقعة بين مصر والسودان، بمساحة تصل لـ 2060 كيلومتراً مربعاً، وهي تساوي 3 أضعاف مساحة مملكة البحرين تقريباً.

وتوضح الدولة عبر مقطع فيديو تعريفي بها، قامت بنشره عبر قناتها الرسمية في موقع “يوتيوب أن “مملكة الجبل الأصفر ستكون دولة عربية ذات سيادة تقع شمال إفريقيا ضمن المنطقة الواقعة بين جمهورية مصر العربية ودولة السودان”.

وحول ملكية الأرض التي ستقام عليها الدولة، يوضح الفيديو أن الأرض تصنف بوصفها “أرضاً مباحة” وهي الأرض التي لا تقع تحت سيادة أي دولة ولا يطالب أي طرف دولي بالسيطرة عليها.

ويشير الفيديو التوضيحي إلى أن تلك الأرض التي ستقام عليها الدولة “ظلّت حتى عام 1985 تابعة للسلطنة المصرية، وفي العام 1899 قامت مصر بوضع خط عرض 22 لحدودها، مما جعل أرض الجبل الأصفر خارج الحدود المصرية”.

ويضيف أنه بعد ذلك “حصلت اتفاقية ترسيم الحدود السياسية مع السودان في عام 1902، ما جعل القاهرة والخرطوم لا تعترفان بهذه الأرض ضمن حدودهما، مما تسبب في تصنيفها كأرضٍ مباحة”.