
كنوز نت - بقلم: سليم السعدي
أمريكا… راعية الإرهاب الدولي
بقلم: سليم السعدي
على امتداد عقود طويلة، لم تتغير هوية السياسة الأمريكية في جوهرها، ولم تتبدل أدواتها في ممارسة الهيمنة والابتزاز وصناعة الفوضى. فمنذ أن ظهرت الولايات المتحدة على المسرح الدولي وهي تتبنى نهجًا يقوم على السيطرة بالقوة، وفرض النفوذ، ونهب الثروات، وإعادة تشكيل العالم بما يخدم مصالحها الاقتصادية والعسكرية. إنها دولة قامت على الدم، وترعرعت على الإبادة، وتمدّدت على حساب شعوب ضعيفة جرى سحقها تحت عجلات المشروع الإمبراطوري.
منشأ الإمبراطورية… على جثث السكان الأصليين
قبل أن تمد أمريكا يدها إلى العالم، غرست خنجرها أولاً في قلب القارة التي احتلتها. أكثر من سبعين مليونًا من السكان الأصليين تعرّضوا للقتل والتهجير والإبادة المنهجية، في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في التاريخ الحديث. وعلى أنقاض هؤلاء الأبرياء بُنيت “الديمقراطية النموذجية” التي تتشدق بها واشنطن اليوم، وتسوّق نفسها من خلالها كوصيٍّ على حرية الشعوب.
الأمم المتحدة… مولود أمريكي بملامح استعمارية
منذ تأسيس الأمم المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية، تعاملت الولايات المتحدة مع المنظمة كأداة سياسية بيدها. لم تكن الأمم المتحدة مظلة للعدالة الدولية، بل نافذة لشرعنة مشاريع استعمارية، وفي مقدمتها منح شرعية دولية لاغتصاب فلسطين عام 1947. كانت واشنطن حجر الأساس في تمرير قرار التقسيم، ثم أصبحت الراعي الأول للاحتلال، تدعمه ماليًا وسياسيًا وعسكريًا، بينما يُقتل الشعب الفلسطيني بدم بارد منذ أكثر من 75 عامًا.
من فلسطين إلى العالم… إرهاب بغطاء دبلوماسي
في كل ساحة اشتعال، تجد البصمة الأمريكية واضحة:
انقلابات عسكرية
فوضى خلاقة
حصار وتجويع
دعم أنظمة قمعية
إشعال حروب تحت شعارات “مكافحة الإرهاب” أو “نشر الديمقراطية”
روّجت واشنطن لمصطلحات مثل الإسلام الإرهابي والحرب على الإرهاب، بينما كانت تمارس إرهاب الدولة بأشكاله كافة: احتلال، قتل جماعي، قصف مدن، دعم ميليشيات مسلحة، وتمويل نزاعات دمّرت دولًا كاملة من العراق إلى أفغانستان إلى أمريكا اللاتينية.
ابتزاز الدول ونهب الثروات
لم تكتف الولايات المتحدة بنهب ثروات الشعوب عبر نفوذها العسكري، بل طوّرت أساليب أكثر فتكًا:
اتفاقيات اقتصادية مُذِلّة
عقوبات تخنق الشعوب
سرقة النفط والمعادن
ابتزاز دول غنية بمبالغ خيالية تحت عنوان “الحماية” أو “الاستثمار”
وآخرها ابتزاز دولة ذات سيادة بمبلغ خمسة تريليون دولار بذريعة الاستثمار، بينما الحقيقة أنها سياسة “القبضة المالية” التي تعتمدها واشنطن لإخضاع من يقاوم نفوذها.
ديمقراطية بوجهين… وعدالة عرجاء
بينما ترفع الولايات المتحدة شعارات الحرية والعدالة، فإن سجّلها الداخلي يكشف تناقضًا صارخًا:
عنصرية ممنهجة بين الأبيض والأسود
عنف شرطي مفرط
سجون مكتظة
جرائم قتل ترتكب كل يوم
هيمنة الشركات الكبرى على القرار السياسي
كيف يمكن لدولة تعجز عن حماية مواطنيها من عنصريةٍ موروثة أن تقدّم نفسها “حامية للديمقراطية في العالم”؟
الهيمنة… الهدف الذي لا يتغير
منذ نشأتها وحتى اليوم، تمارس أمريكا دور “الشرطي السيئ” الذي يهدد العالم كي يبقى مركز القوة الوحيد. فحيثما توجد موارد أو مصالح أو توازنات استراتيجية، تُطل واشنطن برأسها، وتدخل من “ثقب إبرة” لتعيد تشكيل المشهد وفقًا لمصالحها، وليس وفقًا لحقوق الشعوب.
خلاصة
إن تاريخ الولايات المتحدة ليس إلا سجلًا طويلًا من الإرهاب المعولم، تُمارس فيه القوة بلا رادع، وتُشن حروب بلا محاسبة، وتُمنح شرعية للمستعمر، ويُدان صاحب الأرض.
وما دام العالم صامتًا، وما دام الضعيف مستهدفًا، وما دام الاحتلال مُشرعنًا، ستبقى أمريكا تمارس دورها نفسه:
صانعةً للحروب، راعيةً للإرهاب، ومهندسةً للفوضى التي تضمن استمرار هيمنتها على حساب دماء الشعوب.
16/11/2025 07:46 am 68
.jpg)
.jpg)