
كنوز نت - عبدالعزيز آل زايد
خطوتك الأولى نحو النجاح
كثيرا ما نعيش وهم البحث عن الكمال؛ ننتظر لحظة سحرية تمنحنا الإذن بالتحرك والانطلاق. هذا الوهم يغذي فينا شعورا عميقا بعدم الكفاية والاستحقاق، ويقودنا إلى مقارنات مستدامة. والحقيقة الجوهرية أن الموارد والقدرات التي نملكها موجودة بالفعل، وأن الوفرة لا تبدأ إلا بالاعتراف بما لدينا والبدء به الآن دون تسويف.
يحكى أن فتاة تدعى مريم حلمت منذ سنوات بإطلاق مشروعها الخاص، لكن شعورها بثقل الانتظار جعلها تؤجل البداية بحجة الحاجة إلى المزيد من المال والخامات. وفي النهاية قررت أن تبدأ بما لديها من قماش بسيط؛ لم تكن حقائبها مثالية، لكنها كانت كافية للانطلاق. وبفضل التجربة والإقبال، استطاعت تطوير مشروعها خطوة فخطوة! فماذا لو لم تنطلق؟
شيء مشابه حدث مع شاب اسمه أحمد، واجه التردد ذاته، وتملكه الخوف من الأخطاء والتعثر. غير أنه قرر المضي رغم ذلك، فبدأ بالكتابة على مدونته الشخصية، وبعد عام واحد فقط أصبح لديه جمهور، وعرض عليه عقد نشر كتابه الأول. لقد أثبتت له هذه الانطلاقة أن الخبرة تأتي تدريجيا بالعمل، وأن الأخطاء محطات طبيعية على طريق الإنجاز.
هذه الدروس لا تقتصر على الأفراد وحسب؛ فأعظم الابتكارات نشأت من ظروف صعبة. كان فهد موظفا في شركة تعاني ضائقة مالية، فاستغل القيود كفرصة للتفكير خارج الصندوق، وأطلق حملة تسويقية مبتكرة أعادت النشاط للشركة بتكلفة شبه معدومة. إن الإبداع ليس حكرا على أصحاب الموارد، بل ثمرة تفكير مغاير.
كثيرون ينشغلون بالعمل الخارجي، وينسون أن النجاح الحقيقي ينبع من الداخل، من الصفات الصامتة التي نملكها. خالد كان رساما يواجه رفضا متكررا، لكنه استمر في الرسم بما يتوافر لديه، غير آبه بذلك الرفض. فماذا حدث؟ وصل خالد إلى مرامه بعدما واصل بمرونة وانضباط. إذًا، ندرك أن هذه الطريقة الجادة والمرنة في التعاطي أصل حقيقي يقود إلى النجاح.
صحيح أن الصفات الداخلية مهمة، لكن احترام البداية الصغيرة أساس لكل إنجاز عظيم. بدأت نورة بخياطة فساتين بسيطة لدميتها، غير أن حبها للتفاصيل ومثابرتها ساعداها على تطوير مهاراتها وفتح الطريق لإطلاق مجموعتها الخاصة لاحقا. عليك أن تدرك أن كل خطوة صغيرة اليوم تبنى عليها النجاحات الكبيرة غدا.
ويحكى أن فتاة تدعى ليلى كانت تحلم بتصوير مشاهد من حياتها اليومية، لكنها كانت تخشى ألا يقدر الآخرون أعمالها. قررت أن تنشر صورة واحدة فقط على حسابها الشخصي؛ لم تتوقع تفاعلا كبيرا، لكن الصورة جذبت متابعين وأصدقاء جددا، وشعرت لأول مرة بقوة البدء رغم الخوف العميق. فهل انتابك مثل هذا الشعور؟ ولماذا لا تفكر في الانطلاق؟
إليك نموذجا آخر.. شاب طموح اسمه سامر أراد تحسين بيئة مكتبه الصغير، لكنه لم يكن يملك ميزانية لذلك التغيير. ومع ذلك بدأ بتنظيم الملفات، وزين أحد الأركان بالورود.
هذه المبادرة الصغيرة رفعت من معنويات الفريق، وأدت العناية بتلك التفاصيل البسيطة إلى تغيير كبير في بيئة العمل. وبعد أشهر قليلة، تحقق له ما كان يرجوه وزيادة.
في النهاية، ما نريد قوله من خلال هذه النماذج الواقعية هو أن التغيير لا ينتظر، وأن الوفرة ليست شيئا نطارده، بل هي حالة ذهنية نبنيها بقراراتنا اليومية وعملنا المستدام. إنها تكمن في الخطوة الأولى التي نتخذها، في الإبداع الذي نولده من رحم العسر، وفي الإيمان بقدراتنا التي لم يرها العالم بعد.
والآن، الخطوة الأولى بين يديك.. إنها فرصتك لتصنع الفرق، أفتتخذها اليوم أم تنتظر إلى غد قد يبخر من رأسك الأحلام؟
- عبدالعزيز آل زايد
01/10/2025 07:23 am 43